| مقـالات
شعوب الخليج وبالذات هنا في المملكة يفضلون في مواسم معينة تناول بعض الأكلات الشعبية التي تعبر عن موروث المنطقة وقد لا يستسيغها الآخرون خارج حدودها, من هذه الوصفات الغذائية غير القابلة للتداول الخارجي إلى حد ما، الوجبات المعدة بلحوم الضبان والجرابيع وهي لمن لا يعرفها حيوانات تنتمي لفصيلة الزواحف وأقرب ما يشابهها شكلاً الحرباء للأولى والفئران الكبيرة الجرذان للثانية، بل ويقال ان جزءاً معيناً من الضب وهو ما يسمى بالعكرة أي ذيل الضب مفيدة لتقوية أمور معينة!، لذا فإن مررت بجماعة تلتف جلوساً حول وجبة كهذه فلا تستبعد امتناعهم عن اكمال الطعام بمجرد إتمام أحدهم عملية السيطرة على العكرة!, القائمة طبعاً لم تنته بعد فهناك إضافة للضبان الجراد الذي يتم أكله مسلوقاً أو مشوياً، وفي فترات سابقة مازالت متصلة كما نعلم تسبب الجراد في احداث حالات تسمم خطيرة ربما أدى بعضها للوفاة، لأن المزارعين من جانبهم يشنون حرباً ضروساً لمقاومة الجراد كي لايفتك بمحاصيلهم وهم بالتأكيد لا يقاومونه بالأيدي وإنما بالمبيدات، وكنتيجة لعملية استنشاق الجراد للمبيد ثم صيده ينتقل السم بطريقة سلسلة وسهلة من الجرادة إلى المائدة، ويوجد كذلك الحليب المجفف بفعل تعريضه للشمس والحشرات! إلى أن يصل لدرجة عالية من الصلابة والجفاف وينكسر عند أول قضمه، أما إذا انقضى موسم الامطار فلا شيء يعادل مكانة الفقع الكمأ وأفضله محلياً الزبيدي إلا أن الأخير لم يسلم هو الآخر من الخطورة والاستغلال، إذ أوجدت كمياته المحدودة مع زيادة الطلب عليه حاجة ملحة لاستيراده، وهذا بالتالي كون شيئاً أشبه بالسوق الاستثمارية الخفية لإدارة صفقاته بأسعار أقل من الموجودة، والواسطة في ذلك عصابات منظمة مررت فعلها غير النظامي بأسماء سعودية عبر رسائل هاتفية استخدمت فيها أوراق مؤسسات رسمية وأساليب ملتوية؟!, ما قولكم في هذه القائمة أليست مناسبة لمطعم يحتل واجهة بارزة في احدى المدن الرئيسية الاوروبية أو الامريكية ليكون منافساً قوياً للمطاعم اللبنانية والصينية والهندية ومطاعم الفاست فود !، لكن المشكلة ان المواصفات القياسية للطعام هناك صعبة، وعدد الجمعيات المدافعة عن الحقوق بما فيها تلك الحقوق التي لم تكتشف بعد كثيرة جداً، لدرجة انها تصلح لأن تختار كصياغة مبتكرة لعبارة انتخابية جذابة وفق مقاييس العالم الثالث عنوانها جمعية لكل مواطن ، الجميل في الموضوع ان الأكلات الغريبة لا تقل غرابة مع الاحتفاظ بالأسبقية مسجلة لنا بطبيعة الحال، فنجد لديهم مثلا طقوسهم الخاصة في شرب عصير البرسيم واستمتاعهم بالوجبات المليئة بأصناف متنوعة من الحشرات، خصوصا لو قدم بعدها طبق ضفادع مقلي أو مشوى, إذن فالمسألة بالنتيجة مسألة ذوق وأخلاق ألا تتفقون معي، ولا يهم كنتيجة ثانية أن تتناول الطعام جالساً أو واقفاً أو بأي وضعية تشاء، المهم أن تملأ بطنك بما تشتهي ولا تفتح باب الهواجس المرضية كي لا تصاب على غفلة بالتخمة الوسواسية!، وثق تماماً بأنها ممارسة طبيعية لتعويض حالة الحرمان والجوع، ولمواجهة طوفان الأكل الجائر لحقوق الانسان العربي في كل مكان بوسائل الضغط والإكراه والتشريد والتحايل والتصفية الجسدية, والآن ما رأيك في طبق عربي على الطريقة الأمريكية؟!
خلدون السعد
|
|
|
|
|