| محليــات
من حقوق السيادة الوطنية الأمريكية أن يكون للرئيس كلينتون فيما يتعلق بشأن سياسته في الشرق الأوسط حق الانحياز لجانب إسرائيل، وأن تتميز علاقته وعلاقة بلاده بخط إستراتيجي سياسي وعسكري وأمني واقتصادي مع إسرائيل أيضاً، وأن يكيل المديح لرئيس وزراء إسرائيل إيهود باراك.
فقط على الرئيس كلينتون ألّا يجرد الفلسطينيين رئيساً وسلطة وشعباً من الحقوق الوطنية والسيادية نفسها في أن يقرروا متى يوثقون لإعلان دولتهم المستقلة، وأن يقرروا أن لا عاصمة لدولتهم غير القدس الشرقية المحتلة.
كما ليس من حقه الرئيس كلينتون أن يطلق التهديدات للفلسطينيين محذراً مما يسميها عواقب وخيمة إذا ما أعلنوا دولتهم من جانب واحد .
وليس من حقه أن يصدر الأوامر للدول العربية المعنية بقضية الحقوق الفلسطينية والسلام العادل في الشرق الأوسط بأن يضغطوا على الرئيس الفلسطيني ليسير في الاتجاه الذي يريده كلينتون ويخدم سياسته المنحازة تماماً للأهداف السياسية الإسرائيلية في الأراضي المحتلة عامة وفي القدس الشرقية خاصة.
وبعد كل هذا لم يكن هناك عربي واحد أو مسلم واحد ينتظر من رئيس أقوى دولة أحادية النفوذ في العالم وتؤمن بدين سماوي في حجم الولايات المتحدة الأمريكية التي يعتبرها أغلب العرب والمسلمين صديقة، لم يكن هناك أحد ينتظر أن يجعل الرئيس كلينتون من مدينة القدس الشرقية المقدسة للعرب والمسلمين والمسيحيين واليهود أيضاً بنداً من بنود اللعبة السياسية ويجعل امتناعه السابق عن نقل سفارة بلاده في إسرائيل إلى المدينة المقدسة مجرد قرار سياسي رهن بالتطورات في الشرق الأوسط وليس قراراً له عمقه الديني الذي يرتفع بالمدينة المقدسة فوق الألاعيب السياسية مداً وجزراً.
وما نرجوه هو أن يعيد الرئيس كلينتون النظر في تهديده أول أمس بأنه سيتخذ قرار نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس في وقت لاحق وقبل نهاية ولايته الحالية التي تنتهي في شهر يناير القادم حين يسلم إدارة البيت الأبيض للرئيس الذي سيفوز في انتخابات نوفمبر القادم.
إذا كان الرئيس كلينتون يعتقد أن عواقب وخيمة ستترتب على الفلسطينيين إذا ما أعلنوا دولتهم من جانب واحد في سبتمبر القادم كما أكدوا ذلك مراراً، فإن عليه الرئيس كلينتون أن يتأكد يقيناً من أن عواقب أوخم وأشد خطراً على الأوضاع الأمنية في الشرق الأوسط وفي أنحاء العالم الإسلامي كله إذا ما أقدمت إسرائيل وبتحريض أو تأييد من الولايات المتحدة على عمل أخرق ضد القدس الشرقية وضد الشعب الفلسطيني؛ ذلك لأن القدس التي تضم المسجد الأقصى المبارك وهو أولى القبلتين، وهي القدس أخت توأم لكل من مكة المكرمة والمدينة المنورة.
كما أن قضية الحقوق الفلسطينية ليست قضية الشعب الفلسطيني وحده، بل هي قضية مليار وربع مليار عربي ومسلم في العالم جعلوها جوهر الصراع الطويل والمرير مع إسرائيل.
والعرب والمسلمون يمكنهم أن يديروا هذا الصراع قرناً كاملاً آخر إذا افتقر ضمير المجتمع الدولي والأمم المتحدة للعدالة والإنصاف.
وصحيح أن الفلسطينيين والعرب جميعهم جعلوا من مطلب السلام العادل والشامل خياراً إستراتيجياً لهم ولإسرائيل ولكنهم لن يقبلوا بسلام تفرضه إسرائيل أو الولايات المتحدة عليهم وبأي ثمن.
|
|
|
|
|