| شرفات
ذي أشرق بلدة صغيرة مرتفعة تقع على مقربة من مدينة جبلة وهي من مدن اليمن القديمة.
وقد شيد أقدم مساجد ذي أشرق في عهد الخليفة الاموي عمر بن عبدالعزيز ويذكر المؤرخ اليمني نجم الدين عمارة انه كان يوجد بهذا المسجد نص كتابي نقش على افريز من الحجر بواجهة المسجد وقد قرأ فيه مانصه:
هذا المسجد مما امر به عمر بن عبدالعزيز بن مروان ,ويبدو ان المسجد القديم كان قد تهدم قبل مطلع القرن الخامس الهجري و(11م) فقام القائد الحسين بن سلامة المسئول عن تهامة وزبيد من لدن حكام الدولة الزيادية باعادة تعميره وهو ما يشهد به نص كتابي مثلما تؤكده ايضا بعض العناصر الزخرفية والتخطيطية التي ما برحت ظاهرة الى اليوم رغم توالي الاضافات على البناء في فترات مختلفة.
ويشهد موقع المسجد بحصافة مشيده الاول، اذا اختار له بقعة هي عبارة عن تل مرتفع يتوسط مدينة ذي أشرق ومن ثم صار يرى بوضوح ويسمع آذانه ايضا في اطراف المدينة.
والواجهة الجنوبية هي الواجهة الرئيسية للمسجد ويتوسطها حجر المدخل المتوج بعقد مدبب يماثل العقد الذي يتوج فتحة الباب,وعلى جانبي المدخل دخلتان متماثلتان لهما نفس ارتفاع حجر المدخل.
ويظهر من التخطيط الحالي للمسجد أنه كان يتبع نظام المساجد الجامعة الاولى التي احتذت تصميم المسجد النبوي بالمدينة المنورة والمؤلف من صحن اوسط مكشوف واربع ظلات للصلاة,ومسجد ذي اشرق مستطيل الشكل يتكون من صحن مكشوف تحدق به اربع ظلات اكبرها واعمقها ظلة القبلة وهي تتألف من ثلاثة أروقة اما الظلة الجنوبية المواجهة لها فهي عبارة عن رواقين بينما تحتوي الظلة الشرقية على رواق واحد للصلاة, اما الظلة الغربية فهي محجوبة الآن عن صحن المسجد بواسطة جدار مصمت.
وظلة القبلة، شأنها في ذلك شأن ظلات المساجد اليمنية لها واجهة من جدار مشيد بوسطة باب الدخول الى الظلة, ويرجع ذلك التقليد الى طبيعة المناخ في هذا الاقليم الذي يتميز بكثرة امطاره الموسمية في فترة الصيف, وعلى جانب فتحة الدخول المتوجة بعقد مدبب توجد دخلتان, متماثلتان, ويبد ان هذه الواجهة كانت مزدانة باشرطة من الكتابات الاثرية المسجلة بالخط الكوفي وقد بقيت بعض هذه الاشرطة بأعلى مدخل الظلة والدخلات الصماء ويمكن ان نقرأ فيها كلمات متناثرة مثل الآية القرآنية انما يعمر مساجد الله,, وعمل سعيد وعمل كيال بن جراح وهما من الضاع والمعماريين الذين عملوا بالمسجد ابان تعميره في عهد الحسين بن سلامة وكان ذلك حسبما سجل في هذه الكتابات في عام 410ه.
وتتكون ظلة القبلة من ثلاثة اروقة تفصل بينها بائكتان من الاعمدة المرتفعة عددها ثمانية في كل بائكة ويرتكز السقف الخشبي مباشرة على البائكتين وهو من الاسقف الخشبية النادرة نظرا لاحتوائه على زخارف نفذت مع طريقة المصندقات الخشبية, ونرى مثيلا لهذا الاسلوب في بعض مساجد اليمن القديمة مثل جامع جبلة والجامع الكبير بصنعاء وايضا في جامع شبام,وتتميز زخارف هذا السقف بدقتها وتنوعها بين الزخارف البنائية والهندسية وقد تعرض السقف لعمليات تجديد واحلال في السنوات الاخيرة ونظرا لعدم اتباع طرق الترميم العلمية فقد ادت هذه العمليات الى تلف العديد من المصندقات الخشبية البديعة.
ويبدو ان اروقة هذه الظلة كانت تقع بواسطة مجاز يشابه المجاز الذي كان بالجامع الاموي بدمشق ويظهر ذلك واضحا في صفوف الاعمدة المتعامدة على المحراب اذ تبدو المسافات بينها اكثر اتساعا.
ومن أسف ان المحراب القديم للمسجد قد اختفى بعد التجديدات الحديثة بينما بقى المنبر الخشبي القديم المجاور له, وبهذا المنبر كتابات بالخط الكوفي نقرأ فيها بسم الله الرحمن الرحيم, انما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش الا الله فعسى اولئك ان يكونوا من المهتدين , وعلى الدرجة الأخيرة من السلم سجل النجار الذي قام بعمل هذا المنبر اسمه على هذا النحو عمل هذا المنبر يحيى بن,, ووفقا للخط الكوفي ولاسلوب زخرفة حشوات هذا المنبر يمكن القول بانه يعود الى بداية القرن الخامس الهجري (11م),ولمسجد ذي اشرق مئذنتان بطرفي الواجهة الغربية، احداهما في الناحية الشمالية والاخرى في الناحية الجنوبية, ويرجح د, مصطفى شيحة الأثري المصري انهما جددتا في فترة متأخرة.
ويبدو ان المئذنة الشمالية اقدم تاريخا من المئذنة الجنوبية، وبدنها اسطواني الشكل يرتكز على قاعدة مربعة وينتهي هذا البدن المستدق الى اعلى بقبة مخروطية صغيرة.
اما المئذنة الجنوبية فتتميز بارتفاعها الشاهق حتى انه يمكن مشاهدتها على بعد كبير, وتتكون هذه المئذنة من عدة دورات، تبدأ من أسفل بقاعدة غير منتظمة الشكل يرتكز عليها بدن مرتفع مستدير مستدق لاعلى,،
وقد زخرف هذا البدن بفتحات نوافذ مفرغة تعلوها اقواس متماسة ويعلو هذا البدن شرفة آذان مزخرفة من الخارج بدلايات ومقرنصات نفذت بدقة واتقان تامين.
وبعد شرفة الآذان نجد دخلات صغيرة مصممة ومعقودة نفذت في البدن الاسطواني الذي ينتهي بعد ذلك بشرفتين مستديرتين مزخرفتين بالزخارف الهندسية المفرغة وتتوج المئذنة الجنوبية بقبة صغيرة مضلعة الشكل.
والواقع أن مسجد ذي أشرق رغم غلبة الطابع اليمني المحلي على عناصره المعمارية والزخرفية الا انه يبدو شديد التأثر بعمارة المساجد الفاطمية في القرن الخامس الهجري وبخاصة تلك التي كانت في جامع الحاكم بأمر الله بالقاهرة.
د, أحمد الصاوي
|
|
|
|
|