عزيزتي الجزيرة
واقف أنت وفي عينيك آثار انكسار,, وعلى وجهك ملامح احتيار,, ولم تزل تطوف الديار بحثاً عن قبول يجلو دوائر الذبول ,, تريد أن تنطلق تريد أن تنعتق من إطار الانتظار الموسوم بالاجترار,, اجترار الوقت,, هي قراءة حزينة في ملامحك المتوثبة يا حامل الشهادة الثانوية وأنت تبحث عن موقع ملائم في رحاب جامعة أو ساحة معهد ,.
أحدثكم بلسان كل واحد من هؤلاء ما زال يذرع الدروب ,,يمتطي صهوة الصبر الجميل ,, يوزع صوراً لشهادته مصدّقة وعيناه في الأفق محدقة,, بانتظار فجر القبول !,, قد يفتش عن واسطة ,, بمعنويات هابطة,, يظل يشرح معاناة القبول,,وضوابط التسجيل ,, وهموم المعدل,, وللنسبة كابوس ثقيل ,, ونقاش طويل ,, وكأن الواحد منهم يحمل بطاقة معاقة ,,! ترى ما مصير هؤلاء الطلبة الذين اصطدمت أمانيهم بحاجز النسبة ,, وتحطمت رغباتهم تحت سقف المعدل ,, فباتت أحلامهم باكية وألسنتهم شاكية,, ومضوا يتأبطون بطاقاتهم بألم,, يقتلعون خطواتهم بتثاقل ,, وما زالوا يحلمون بموقع ,, يمارسون فيه المسؤولية ,, يحسون بقيمة الذات,, ويحفظون عقولهم من التبديد,, ويصونون أنفسهم من الفراغ.
نعم ,, لم تكن تلك سوى وقفة تأمّل أمام حال جموع من الشباب الصابر هم طلاب احتفلوا بالحصول على شهادة الثانوية ووقفوا على أعتباب الكلية لكنهم لم يحظوا بالقبول ,, قرؤا خرائط المعاهد وتفحّصوا آفاق الجامعات غير أنهم لم ينالوا شرف الانتساب,, خذلتهم النسبة ,, ولم يسعفهم المجموع,, ومما زاد الأمر صعوبة العمل بنظام المعدل التراكمي الذي كان بمثابة طعنة في خاصرة النسبة ,, وهو سلاح ذو حدين.
وليس بدعاً أن نقول إن جامعات بلادنا ومعاهدها تبذل جهوداً مضنية من أجل استيعاب طلابنا وطالباتنا ومواكبة أعدادهم المتزايدة,, ومع ذلك تظل شريحة من هؤلاء على شاطئ الانتظار,.
مامصير أولئك؟
لابد من النظر إلى حالهم والأخذ بأيديهم ومتابعة قضيتهم حتى لا تنكسر معنوياتهم وتهتز آمالهم وتذوب همتهم ,, إنها دعوة إلى الإنصاف والمحافظة على جزء من شباب الوطن المعطاء ليمارسوا دورهم في خدمة الدين وبناء الحضارة ,, لا نريد أن يتوغل تيار اليأس إلى نفوسهم أو تتسرب عواصف الاحباط إلى عقولهم ,, الشباب هم الثروة الحقيقية,.
تذكروا أن المجتمع مسؤول عن توجيه هؤلاء الشباب الواقف على رصيف الانتظار,, ومطالب برعايتهم والأخذ بأيديهم ودفعهم إلى ساحة البذل والعطاء,,تأمّل قليلاً,, ستجد بعض هؤلاء الطلاب الذين لم ينالوا القبول للمواصلة قد اتجه للعمل في كبائن الهاتف وهم الصفوة الكادحة,, وبعضهم ظل يبحث عن وظيفة.
والأغلبية تلقفتهم دوائر الفراغ واستقبلتهم ربوع السهر فمضوا يهدرون الوقت ويبددون الطاقة ويفترشون أرصفة الليالي,, وما يتبع ذلك من مخاطر جمة قد تصيب عقولهم الفتية تحت مظلة خبراتهم المحدودة وتجاربهم الهشة.
أجل ,, إننا مطالبون جميعاً بالمحافظة على هؤلاء والاقتراب منهم وسماع آرائهم وامتصاص آلامهم وشحذ هممهم وصيانة كيانهم,.
إننا بذلك نمارس معالجة حقيقية ونحن نستمع إليهم ,,نشير ,, نحث,, نشجع,, نوجه,, نقف معهم بقلوبنا ,, ونصائحنا,, ومشورتنا,, فلا ندعهم إلا وقد عبروا عنق الزجاجة أعني قناة القبول أو محطة الانتظار ,, أو رسمنا لهم دائرة عطاء ملائم ,, أتدرون لماذا؟ لأن الانتظار كما أسلفت مجرد اجترار,, اجترار للوقت,, آه ما أصعب الانتظار على ضفاف مجهولة,,عفواً ايها المجتمع ,, تذكر أنك مطالب بكل فئاتك بالوقوف مع شبابنا الذي لم يلتحق بقوافل الجامعة ولم ينخرط في ركب المعاهد وما زال ينتظر لتكون مجتمعاً إيجابياً مع أبنائك ,, تماماً كما عهدناك في وطن النماء,, تبحث عن البناء ,, تهدي شبابك بذور الكفاح وتمنحهم وسائل النجاح,,
وأنت أخي الطالب:
وقد ظهرت نتائج القبول,, وتقاطرت الأرقام السعيدة فوق متن الصحف,, وعُلقت قوائم المحظوظين ,, لا تيأس ,, حتى لو فتاتتك فرصة قبول كنت تحلم بها ,, لا تجعل الاحباط يعبث بخيالك ,,أعد الكرّة من جديد,, أرسل نسائم الأمل ,, فتش عن سبل حضور مشرف ,, أسرج قناديل الحماس,, واطلق خيول الهمة ,, فما زلت حلماً جميلاً يغفوفي خيال والديك ,, قف شامخاً,, أنت لم تزل في الميدان ,, فاطرد فلول الأحزان,.
محمد عبدالعزيز الموسى بريدة
|