| الاخيــرة
عقد في جنوب أفريقيا في الفترة الأخيرة مؤتمر عن الايدز حضره جمع من رؤساء الدول ونخبة من العلماء المتخصصين في هذا المجال، وأدلى الجميع بدلائهم حول ذات الموضوع لالقاء الضوء على خطر أخذ يستشري كالنار في الهشيم، وكان نصيب الدولة المضيفة جنوب افريقيا من هذا المرض الذي يكاد ان يكون وباء 27% من عدد سكان هذه البلاد، وهذا الرقم يجعل كلَّ ذي لب يقف عنده بشيء من التأمل والاستدراك، لاسيما ان فئة الشباب تحظى بنصيب الأسد من هذا المرض الفتاك, ولا تقف جنوب افريقيا وحدها في هذا المعترك الخطير بل يشاركها فيه عدد كبير من الدول الافريقية تحت الصحراء الكبرى، ففي بتسوانا لا يخلو واحد من كل ثلاثة نفر في سن الشباب من هذا المعضل الفتاك.
ولقد ألقى موبوتي رئيس جنوب افريقيا باللائمة على الشركات متعددة الجنسيات التي تنتج عقاراً غالي الثمن لا يمكن لسكان القارة تحمل دفع فاتورته، لذا فقد اختار عشرين عالما من جنوب افريقيا من المتخصصين في الايدز للبحث عن عقار مفيد ورخيص الثمن يمكن لابناء القارة استخدامه بدل الاعتماد على منتجات تلك الشركات التي لا همَّ لها سوى الربح وليس سواه, وحقيقة الامر ان تلك الشركات ستظل كذلك تبحث عن الربح أينما كان فبدونه لن تكون موجودة ولن تكون قادرة على النمو والابداع، غير انه من المؤسف ان تكون الاسعار باهظة الثمن إذا فرضنا أن المحتاجين إليه معظمهم من دول فقيرة غير قادرة على دفع ثمنه.
إن خسائر عدد من الشباب بهذه النسبة العالية سيكون له اثر إنساني واقتصادي خطير، فالنفس البشرية غالية الثمن، كما أن فقد عنصر الشباب سيجعل القوى العاملة في كثير من الدول الافريقية تحت الصحراء محدودة العدد مما يؤثر على مجمل الانتاج الوطني, وإذا علمنا أن دولا كثيرة في القارة الافريقية تعاني من ضعف انتاجية الفرد، ومحدودية الانتاج الوطني، فلنا ان نتصور ما ستؤول إليه الأحوال في تلك القارة الغنية بمواردها الطبيعية، الفقيرة في مجمل انتاجها الوطني, وعين اليقين ان هذه الدول ستظل تعاني من هذا الخطر وغيره إذا لم تعتمد بذاتها على عقول وسواعد ابنائها في زيادة الانتاج والكد والعناء في سبيل الرفع من كفاءة الانتاج والتي تتطلب الكثير من الجهد والعرق والايثار ومحاربة الذات.
ومن مفارقات ذلك المؤتمر أن الأمم المتحدة لديها عدد يربو على خمسة وثلاثين ألفا يعملون تحت مظلتها وقد لاحظت ان عدد المصابين بمرض الايدز في ازدياد ما حدا بها بأن تفكر في دراسة إمكانية توزيع الواقي بمعدل خمسة وثلاثين ألفا كل يوم للمساعدة في تجنب الاصابة بالمرض, ولكنَّ العالم نسي ان هناك علاجا أيسر وأسهل وامتع دون ثمن، وهو تجنب ما نهى الله عنه، فنشر الوعي بتجنب السلوكيات الخاطئة، وتنظيم الأسرة، واتباع طريق الهدى سيكون السبيل الأوحد لعلاج هذا المرض والحد من انتشاره, وسيكون العالم أكثر سعادة، وأحسن صحة، وأفضل حالاً.
|
|
|
|
|