| الاقتصادية
نشرت وكالات الأنباء مؤخرا خبرا عن قيام مكتب التحقيقات الفيدرالي في أمريكا بمداهمة مقار بعض الشركات لمنع تثبيت أسعار بعض السلع, انتهى الخبر وبدأت إشكاليتنا التي لا تنتهي مع مسألة تثبيت أو تحديد أسعار بعض السلع والخدمات.
القضية الأولى هي في عملية الضغوط التي يمارسها المنتجون (وتمارس عليهم) لتحديد أو تثبيت أسعار منتجاتهم في حالة تفاقم المنافسة السعرية لمنع تدهور أسعار السلع, ثم يعودون (هم المنتجون أنفسهم) لممارسة ضغوط لمنع تحديد أسعار المواد الخام التي يطلبونها رغبة في أضعاف الموقف التفاوضي لمنتجي المواد الخام، ولن يقف الموردون مكتوفي الأيدي بل سيبذلون ضغوطا مضادة لحماية مصالحهم فتبدو الصناعة مثل (قدر الضغط) يرجل بالواسطات والتصاريح المتضادة والاتصالات الساخنة والاجتماعات المتوترة,,, الخ.
القضية الأخرى تتعلق بالمسكين الذي يسمى المستهلك ,, الكبار والوصوليون يستطيعون حماية أنفسهم من تثبيت الأسعار، أما المستهلك فهو من يدفع الثمن كما حصل في قضية صناعة الألبان الشهيرة مؤخرا, المستهلك ليس هناك من يحميه ولم يكن له صوت في اجتماع اللجنة الوزارية التي عملت على تثبيت أسعار منتجات الألبان (عيني عينك) في رابعة النهار وأمام الملأ!! وقد يستمر المستهلك في دفع ثمن الانفاقات السعرية في صناعات قادمة وتسير على خطى الألبان مثل الأسمنت والخرسانة الجاهزة وغيرها من مواد البناء والدواجن وبعض المواد الغذائية وحتى حزمة الكراث!!.
ومن المفارقات الغريبة في هذا الشأن أن المستهلكين يصرخون (في واد غير ذي زرع) وكبار المنتجين والمستثمرين في الصناعات المختلفة يصرخون دائما بحثا عن الحمايات والإعانات والاتفاقات التي تحيد المنافسة والقرارات والقوانين التي تصعب الدخول الى السوق أو الصناعة بما في ذلك الاستيراد,,, فيجدون (الفزعة!!) هذا مع ان عصر العولمة قد يفرض أشياء مناقضة لكل هذه الممارسات، فماذا هم فاعلون؟,.
دول العالم المتحضر اقتصاديا تحارب تثبيت الأسعار ليس لسواد عيون المستهلك النهائي أو المستهلك الصناعي ولكن رغبة في حماية الصناعة نفسها من غائلة الركود واللامبالاة والأرباح غير الحقيقية (التي لا تعكس كفاءة المنتجين أو كفاءة السوق بقدر ما تأتي من عمليات ومفاوضات وضغوطات ذات طابع سياسي), المنتج (بكسر التاء) الذي يضمن سعرا محددا وأرباحا ثابتة (ينام آمنا!!) وتلتهمه الغفلة عن التطوير والعمل الجاد والاستعداد لمواجهة المنافسين, وأيضا محاربة تثبيت الأسعار تعني كذلك التطبيق السليم لمفهوم المنافسة المفتوحة والذي يتوافق مع المقولة المشهورة لدينا (الميدان يا حميدان),,, هذا المفهوم يقوم على أساس أن البقاء ل(الأصلح) فلا يجب ان تكون هناك تدخلات تؤثر على آليات السوق وقدراتها على توفير الأرباح ل(الأكفأ) وليس للذي هو أعلى صوتا وصراخا وعويلا وأشياء أخرى!! لغة العصر القادم قد تتعارض مع كثير من الممارسات المنتشرة لدينا في عالم المال والأعمال بما في ذلك سياسات تثبيت الأسعار، لذلك يجب أن يكون هناك نوع من التعوّد على هذه اللغة الجديدة حتى لا نكون في أعمالنا واستثماراتنا مثل (الأطرش في الزفة).
|
|
|
|
|