أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 26th July,2000العدد:10163الطبعةالاولـيالاربعاء 24 ,ربيع الثاني 1421

عزيزتـي الجزيرة

لغتنا ياعرب
الأستاذ خالد المالك سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اطلعت في جريدتكم الغراء عدد 10133 وتاريخ 24 ربيع الاول 1421ه تعقيباً للاستاذ علي الشدي على مقال سابق للأديب عبدالله بن ادريس بتاريخ 11/3/1421ه وعدد 10120 حول ما اقترحه ابن ادريس من تعليم وإلزام الاجانب في بلادنا للغة العربية شريطة تجديد اقاماتهم، وذكر الاستاذ الشدي في تعقيبه ان في ذلك صعوبة بالغة وراح يقترح جمعية لاصدقاء اللغة العربية لترسيخها في عقول ابنائنا كي لا يحصل عندهم خلط في مضامينها ومفرداتها وحركاتها ووفق الاستاذ الشدي عندما استشهد بأبيات الشاعر عبدالعزيز السراء:


اللحن عند بعضهم يجوزُ
كقولهم مررت بالعجوزُ
واللحن عند بعضهم مجاز
كقولهم ذهبت للحجازُ
واللحن عند بعضهم محبب
كقولهم أكلت لحم الأرنبُ

وأتفق تماماً مع ما ذهب اليه الشدي فيما قال ولابد لأدبائنا ومثقفينا وحتى وسائل الاعلام المختلفة الاهتمام باللغة العربية لانها من اهم ملامح الشخصية المبدعة اذا ما اردنا ان نكون مبدعين, نعم نحن بحاجة ماسة الى تأسيس هذه الجمعية قبل ان يتسع الخرق على الراتق وقبل ان تصبح الكلمة مطية لكل ممتط، لغتنا لغة القرآن عقها وخذلها كثير من ابناء يعرب الذين أدموا صدرها جراحاً نازفة وهناك ادعياء كثيرون للغة اغتالوا براءة وطهارة وعذرية الكلمة وجعلوها سلعة تشترى وبضاعة كالهوى، ليوث ابطال اللغة ادعوا ان العربية بقواعدها الصارمة تعيقهم عن الابداع وتحرمهم لذة المعاصرة العالمية فاتجهوا الى اللغتين السائدتين الانجليزية والفرنسية للتعبير عن ابداعاتهم التي عجزت العربية عن احتوائها.
ولكون الضاد وسيلة التفاهم والتعبير الاولى والعظمى فإن الكلمة في منظور الاسلام كشجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي اكلها كل حين بإذن ربها، وفي محاضن ورحاب واحات الايمان والكلمة الطيبة الواعدة لا يعرف قدرها ولا يحسن توظيفها الا الاديب المؤمن بمضمونها وصاحب النيات الطيبة والاهداف السامية التي تهدي الى مجتمع يشرق بالخير والأيمان وهدوا الى الطيب من القول وهدوا الى صراط الحميد، وأزاهير لغتنا الجميلة حدائق غناء تفوح بشذا الاصالة والمعاصرة وتثري المتلقي الذكي قيماً اخلاقية سامية تنقذه من الغش والرذائل والنقائص ودغدغة العواطف وتخدير المشاعر.
والكلمة العربية الفاعلة ينعشها الايقاع اللذيذ وتآلفها مع اخواتها ويبهجها اشراق الصور الفنية الموحية، لغتنا الجميلة تألق السطحية والتقريرية والإغراق في المباشرة والمنبرية وتعد الكلمة العربية ميزاناً منصفاً لأقدار الناس وأفعالهم فلا تهضم المخلصين حقوقهم ولا تجعل الطغاة الأقزام ابطالاً ولا تحول الهزائم الماحقة الى انتصارات ساحقة, وما اجمل قول ابن مصر صلاح عبدالصبور الكلمة التي ترفع سيفاً تعد سيفاً فالكلمة الواضحة الفصيحة في صياغتها الفنية الرائعة وخيالها المجنح الهادف لها معانيها السامية ومفرداتها النضاحة.
ونعتقد ان كلمة أديبنا عبدالرحمن العشماوي هي الوصف الذي يجب ان نطلقه على اهل العامية من نثر وشعر اذ يقول ان من يستبدل الشعر الفصيح بالعامي وهو قادر على الفصيح فكأنما يستبدل الذي أدني بالذي هو خير .


قصائدنا بلا طعم بلا صوت
إذا لم تحمل المصباح من بيت الى بيت
وإن لم يفهم البسطاء معانيها
فأولى ان نذريها ونخلد نحن للصمت

الكلمة العربية الاصيلة تنفر من اللهجات العامية والمفردات الاجنبية واساليب التعبير التائهة التي تشبه البقع الكالحة التي تشوه وجه غادة حسناء، لا مكان فيها البتة للطلاسم والألغاز والغموض المسطح والكلمات السائبة والمتكلفة في صياغتها وربطها ومن هنا ندعو عشاق الحرف الأصيل والكلمة الجميلة الى خدمة قواعد اللغة العربية حرفها ونحوها وعروضها وإملائها والنهل من مناهل التراث العذبة والإلمام بما نستطيع من المناهج الادبية للظفر بالإبداع، والضاد وسيلة التفاهم والتعبير العظمى وهي قادرة على التعبير عن أدق مكنونات النفس الانسانية ووصف المحسوسات والمعنويات, واللغة بيد الكاتب المبدع مشعل ينير الدروب والعكس صحيح ونحس ان اللغة لا تعبر عنا حين تنكسر النصال على النصال ويعجز الانسان عن التعبير عما يريد إما لقصور لغوي او لبيئة مشتعلة بتناقضات وسخرية في مجتمعاتها، ان الشاعر والكاتب المبدع، وهم كثر ولله الحمد، يستطيع ان يكون سيد اللغة يطوعها كما يريد بعد ان يتكيف مع الواقع تكيفاً كريماً هادفاً، واذا كنا نرى لغتنا بذلك الجمال والأسلوب العذب والعفوية في مفرداتها ولم نوفها حقها لم نحافظ عليها وهي لغة القرآن لغة العلوم والمعارف فهل يمكن القول ان لغتنا مسكينة تائهة وندق عليها ناقوس الخطر, يقول الدكتور عبدالله الغذامي بدأنا نفقد لغتنا، بدأنا نشعر ان اللغة لا تحققنا، لا تعبر عنا، فهل حدث بيننا هذا الانفصام الكبير بين الإنسان واللغة .
وأعتقد اننا لسنا بحاجة لجمعية واحدة بل بضع جمعيات متخصصة ترعى لغتنا الجميلة وتصون مفرداتها, ان الحرف الأعمى يقتل شعباً ويذبح أمة والكاتب أول من يهلك او من يُذبح لأنه ربانها وسيد القلم.
طريف بن محمد السليطي الشمري
حائل

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved