| الاقتصادية
* إعداد :خالد الفريان
** أعلنت الجهات المختصة انه سيتم في نهاية شهر جمادى الآخرة التفتيش على الشركات والمؤسسات العاملة بالمملكة وذلك لمراقبة أوضاع العمالة الأجنبية في هذه الشركات,.
حيث تدار كثير من هذه الشركات (وبالذات الصغيرة منها) من خلال عمالة غير نظامية,.
ويلقي هذا التقرير الضوء على واقع المنشآت الصغيرة بالمملكة واهم المشاكل التي تعاني منها,.
المنشآت الصغيرة في المملكة وغياب الإحصائيات
** ليس هناك تعريف متفق عليه للمنشآت الصغيرة والمتوسطة في المصادر التي اعتمد عليها هذا التقرير حيث لا يزال هناك خلاف على تعريف الأعمال الصغيرة , والمتوسطة والكبيرة حتى في منظمة العمل الدولية وذلك لتعدد معايير التصنيف.
إلا أن أغلب المصادر تعتمد على عدد العمال في المنشأة وبالنسبة للمملكة فإن هناك إشكالية هامة تؤثر على الدراسات حول هذا الموضوع وهي غياب الاحصائيات والمعلومات حول المنشآت الصغيرة بدقة، مما يجعل هذه الدراسات تقع في خطأ منهجي رئيسي يتمثل في إغفال عدد كبير جداً من المنشآت الصغيرة والتي قد تصل إلى 90% من عدد المنشآت .
إذ ان مصدر المعلومات حول المنشآت الصغيرة العاملة بالمملكة هو مؤسسة التأمينات الاجتماعية والتي تنشر احصائيات حول المنشآت المسجلة بها وهي جميع المنشآت العاملة بالمملكة باستثناء تلك التي يقل عدد عمالها عن عشرة عمال والتي تمثل الغالبية العظمى من المنشآت بالمملكة.
** وقد اعتمد هذا التقرير على تصنيف خاص للمنشآت يمزج بين تصنيف مكتب العمل الدولي وواقع الحال في المملكة ,, وذلك على النحو التالي :
المنشآت الصغيرة جداً: المنشآت التي يعمل بها أقل من 10 عمال وليس هناك بيانات منشورة حولها.
المنشآت الصغيرة : المنشآت التي يعمل بها من 10 إلى 19 عاملا.
المنشآت المتوسطة : المنشآت التي يعمل بها من 20 إلى 99 عاملا.
المنشآت الكبيرة : المنشآت التي يعمل بها من 100 إلى 499 عامل.
المنشآت الكبيرة جدا: المنشآت التي يعمل بها 500 عامل فأكثر.
ووفقا لهذا التصنيف فإن الجدول التالي (2) يوضح عدد المنشآت العاملة بالمملكة حسب حجم المنشآت:
** ومن بين هذه ال 26,658 منشأة هناك 25506 منشأة تعمل بالقطاع الخاص و 1152 منشأة حكومية، أما من حيث الجنسية فإن 96% منها سعودية و 2,5 % أجنبية و 1,5 مشتركة.
علماً أن المنشآت الأجنبية شهدت تناقصاً في العدد خلال السنوات الماضية وذلك كما تشير بيانات التأمينات الاجتماعية ويوضح الجدول التالي (3) توزيع المنشآت الصغيرة في المملكة حسب النشاط:
** وفيما يتعلق بالمصانع فيقترح هذا التقرير أيضاً تصنيفا خاصا يتماشى مع واقع الحال في المملكة وبالاستفادة من تصنيف وزارة الصناعة والكهرباء (4) .
المصانع الصغيرة جداً: هي المصانع التي يقل تمويلها عن مليون ريال ولا تصدر لها تراخيص من وزارة الصناعة والكهرباء.
المصانع الصغيرة : من مليون حتى 10 ملايين.
المصانع المتوسطة : اكثر من 10 ملايين حتى 50 مليون.
المصانع الكبيرة : إجمالي التمويل أكثر من 50 مليون.
ووفقاً لهذا التصنيف فإن الجدول التالي (4) يوضح عدد المصانع العاملة بالمملكة حسب الحجم:
المنشآت الصغيرة ما بين التستر وغياب السعودة !
** توضح البيانات المتوفرة المبدئية في قاعدة معلومات وزارة العمل ان نسبة السعودة في المنشآت الصغيرة جداً (1 -19 عاملا) بلغت 2% فقط وارتفعت هذه النسبة إلى 5% في المنشآت الصغيرة (20 99عاملا),.
هذا ما تؤكده ورقة عمل لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية (5) وتضيف:
وإذا كان الاهتمام بتنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة يبرز دولياً على اعتبارها مصدراً هاماً لإيجاد وظائف للمواطنين في الوقت الذي بدأت المنشآت الكبيرة تستغني عن اعداد كبيرة من العاملين بها فإن المشكلة التي تواجهنا في المملكة هي أن نسبة الأيدي العاملة في هذه المنشآت قليلة جداً وتصل إلى صفر في معظم المنشآت الصغيرة جداً مما يجعل الجدوى الاقتصادية من هذه المنشآت محل تساؤل خاصة في ظل عمليات التستر التي تعاني منها معظم هذه المنشآت إذ أنه على الرغم من أن ملكية المنشآت في المملكة مقصورة نظاماً على السعوديين بل إن هناك أنشطة محددة ينبغي حسب النظام أن تدار بواسطة مواطن إلا أن الواقع خلاف ذلك.
فملكية المواطن وإدارته للكثير من المنشآت وخاصة الصغيرة لا يزال أمراً ضرورياً!!
وفي نفس السياق تشير ورقة عمل للمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني (6) إلى أن الواقع ان الصناعات الصغيرة القائمة في المملكة كمراكز الصيانة للسيارات والمعدات والأجهزة الكهربائية والإلكترونيات تدار رسمياً من قبل المواطن المرخص له بالمشروع بينما يتكون كامل الجهاز العامل فعلياً من الوافدين .
** وهكذا فإننا أمام تحد حقيقي من نوع مختلف عن الدول الأخرى إذ أن المطالبة بتنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة في ظل غياب السعودة والتستر ليست من مصلحة المواطن والبديل الأفضل هو تشجيع المنشآت المتوسطة والكبيرة مع وضع ضوابط وشروط واقعية وملزمة تكفل توظيف نسبة معقولة من المواطنين في هذه المنشآت وفي ذات الوقت ترشيد التراخيص للمنشآت الصغيرة جداً مالم تثبت جدارتها الاقتصادية إذ ان المنشآت الصغيرة عرضة للفشل باحتمالات أكبر من المنشآت الكبيرة .
وذلك لوقف الهدر الاستثماري ولوقف الاستقدام العشوائي للعمالة الأجنبية.
إزالة العقبات أم إزالة المنشآت الصغيرة ,,, ؟!
** وحين نطالب بترشيد التراخيص للمشاريع الجديدة فإن هذا لا يعني التخلي عن المنشآت القائمة والتي يعيش أغلبها واقعاً مراً بل يجب تحسس مشاكلها والسعي الدؤوب لحلها ومن هذه العقبات والمشاكل (7) :
أولاً: المشاكل الإطارية (المؤسسية):
1 عدم وجود كيان مستقل يشرف على المؤسسات والصناعات الصغيرة.
2 عدم وجود قوانين أو أنظمة خاصة أو عدم كفايتها لتنظيم هذاالقطاع من حيث إجراءات التأسيس وسير العمل فيها وتطويرها بعيداً عن الإجراءات والأنظمة الموجودة حالياً والموجهة أصلاً للمنشآت الكبيرة، ومن هذه الاجراءات التي تحتاج إلى إعادة النظر فيها للأنظمة والقوانين المتعلقة بالإعفاءات الجمركية إضافة إلى الأنظمة التي تحكم حصول المؤسسات الصغيرة على المرافق والخدمات المساندة.
3 عدم كفاية المعلومات المتوفرة في الأسواق أو انعدامها.
4 لا تحظى المؤسسات الصغيرة بأية حوافز مميزة عن المؤسسات الكبيرة الواقعة بالمناطق الصناعية.
ثانياً: المشاكل الإدارية:
تعاني أغلبية المؤسسات الصغيرة القائمة من مشاكل إدارية ومن أهم هذه المشكلات ما يلي:
1 عدم وجود التخصص الإداري للعاملين في إدارة المؤسسات الصغيرة وشيوع اتخاذ القرارات بصفة مركزية حيث تقع جميع الامور الإدارية على عاتق شخص واحد وفي كثير من الأحيان لا يكون ملما بفنون الإدارة السليمة، لذا نتج عن هذه العوامل كلها نقص الكفاءات والمهارات الإدارية لدى المدير نفسه والعاملين في هذه المؤسسات.
2 انتشار ما يسمى بظاهرة التجارة المستترة في مختلف الأنشطة الاقتصادية وفي ظل هذه الظاهرة يقوم العامل الوافد بمتابعة أعمال المؤسسات الصغيرة والإشراف عليها إدارياً ومالياً ويقوم صاحب المؤسسة أو مالكها الحقيقي بتقاضي مبلغ متفق عليه دون تدخل الأخير في الأمور الإدارية والمالية للمؤسسة.
ثالثا: المشاكل التسويقية:
1 عدم توظيف هذه المؤسسات للأساليب العلمية الحديثة للتسويق فنقص الخبرات التسويقية في المؤسسات الصغيرة هو نتيجة لإهمال أصحاب المشاريع الصغيرة بتوظيف رجال البيع والتوزيع ذوي الخبرة والدراسة لفنون التسويق والمنافسة إضافة إلى عدم إجراء البحوث التسويقية لمنتجاتها.
2 إغراق السوق المحلي بالسلع العالمية الرخيصة وبالذات من جنوب شرق آسيا والأقل كلفة من المنتج الوطني.
3 انخفاض هامش الربح لهذه المؤسسات لتماثل المنتجات لسلسلة من المؤسسات الصغيرة تنتج النوع الواحد من المنتجات المتماثلة تماماً وتقوم ببيعها في سوق واحد مما يؤدي إلى المنافسة غير العادلة بين أصحاب تلك المؤسسات.
4 انعدام ثقة المواطنين بجودة منتجات المؤسسات الصغيرة الوطنية فنرى في الغالب تفضيل المنتجات المستوردة عن المنتجات المحلية ويعود ذلك إلى غياب الوعي بين المواطنين وذلك لقلة الحملات الترويجية الهادفة إلى التعريف بمنتجات تلك المؤسسات الوطنية.
رابعاً: المشاكل التمويلية:
1 تركيز البنوك التجارية العاملة في المملكة نشاطها الاقتراضي على تمويل المؤسسات الكبيرة حيث تطلب البنوك في العادة ضمانات تعجز المؤسسات الصغيرة توفيرها وذلك لقلة الموارد التي يتمتع بها أصحاب المؤسسات وفي كثير من الأحيان تكون تلك المؤسسات ذات ملكية فردية وبالتالي يتحمل صاحبها النفقات التأسيسية والتشغيلية بمفرده.
2 ينحصر دور صندوق التنمية الصناعي السعودي بحكم نظامه بتوفير التمويل الطويل الأجل للصناعات المتوسطة والكبيرة الحجم وذلك لتجنب المخاطر التي قد تسببها القروض الموجهة للصناعات الصغيرة.
3 عدم توفر جهات حكومية مختصة للاهتمام بالأمور والمتطلبات التمويلية للمؤسسات الصغيرة (باستثناء برنامج إقراض المهنيين ببنك التسليف السعودي).
ملخص:
تمثل منشآت الأعمال الصغيرة في بلادنا بواقعها الحالي مع شديد الأسف عالة اقتصادية واجتماعية! وكأنها كائنات طفيلية ولدت بالخطأ في المكان الخطأ!
فهي ذات إسهام محدود أو معدوم في السعودة وباستثناءات قليلة فمن الخطأ مطالبتها بالسعودة في ظل الظروف التنافسية والحالة الفوضوية التي تعيشها والتي تخسف بمعظمها حيث إنها معرضة للفشل بنسب قياسية تحتاج إلى تدخل جراحي لوقف هذا النزف الاقتصادي !!
وقد استعرض هذا التقرير العديد من الدراسات التي لا تستنكر النسب القليلة للسعوديين العاملين في هذه المنشآت وحسب بل تشير إلى أن كثيرا من هذه المنشآت ذات ملكية سعودية صورية، مما يتطلب تدخلا جراحيا آخر لكشف المستور .
وعند حل هذه الإشكاليات فيتحتم دعم المنشآت الصغيرة العاملة على أسس سليمة سواء من خلال توسيع نطاق الصناديق الاقراضية وأهمها الصندوق الصناعي وذلك حتى تستفيد المنشآت الصغيرة من القروض وكذلك من خلال إيجاد بدائل أخرى لتمويل المشاريع الصغيرة، بشروط ميسرة ومساعدتها فيما يتعلق بتوفير المعلومات ودراسات الجدوى الاقتصادية بما يتلاءم مع إمكانياتها المحدودة وتشجيعها على التوجه نحو الاندماج لتشكيل كيانات أكثر جدوى وقدرة على المنافسة.
الهوامش:
(1) ورقة عمل مقدمة من وزارة العمل لندرة المنشآت صغيرة الحجم 1999م.
(2،3) تم إعداد الجداول بالاستفادة من بيانات التقرير الأخير للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية (العشرون) 1419ه .
(4) تم الحصول على النسبة من دراسات سابقة لوزارة الصناعة والكهرباء أما العدد الاجمالي فتم الحصول عليه من احصائيات الوزارة.
(5) المصدر رقم 1.
(6) ورقة عمل مقدمة من المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني إلى ندرة المنشآت صغيرة الحجم وطرق تمويلها (1999م).
(7) تم تلخيص المشاكل والعقبات من ورقة عمل لبنك التسليف لندرة المنشآت صغيرة الحجم وطرق تمويلها (1999م).
|
|
|
|
|