| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة
لقد اطلعت على ما نشرته جريدتكم الموقرة (الجزيرة) في يوم الخميس 18/4/1421ه بعنوان (وفاة شاب على جبل النور في مكة المكرمة) والذي كتبه الاستاذ عبدالله الملحم، في الصفحة الاخيرة، ولمعرفتي بسيرة ابن عمي الذي مات هناك رحمه الله أحب أن أضيف الآتي:
كان مطيعا لأمه منذ صغره، توفي والده وعمره ثلاث سنوات، فعاش يتيما في كنف أمه المخلصة والتي ضحت بشبابها وعمرها لتربيته وتربية إخوته، كان محافظا على الصلاة منذ صغره، واعتاد أن يشهد حتى صلاة الفجر في المسجد قبل ان يكلف، وكان يشارك في برامج مسجد حيهم والتي منها جمع التبرعات لاخوانه المحتاجين في العالم، كان حريصا على بر أمه فكان يقبِّل رأسها دائما ويشكرها على ما بذلته تجاهه وتجاه اخوته، ويبشرها بالجنة إن شاء الله، بل كان لا ينام حتى يراها وإذ لم يرها كتب على باب غرفتها عبارات جميلة، كان سريع البديهة قوي الذكاء، يعرفه من درّسه وعاشره، آخر شهادة حصل عليها ثاني ثانوي علمي.
ذهب في هذا الصيف إلى اشرف البقاع مكة المكرمة، وهناك وجد بغيته في ظل الكعبة المشرفة، حيث تسكب العبرات، وترفع الدعوات، ويعيش المؤمن روحانية قد يفقدها خارج هذا الجو الفريد.
وفي صباح يوم الخميس 11/4/1421ه وبعد ان صلى الفجر جماعة في الحرم المكي الشريف، ذهب مع رفقة له إلى جبل النور (إلى المكان الذي كان يتعبد فيه خير البشر محمد صلى الله عليه وسلم غار حراء) ولما صعد الجبل صلى ركعتين داخل الغار، ثم لما أراد النزول من الغار وكان الغار مزدحماً بالناس أشار عليه رفقته بالنزول من الطريق الذي جاء منه ولكنه أراد النزول من طريق آخر قال انه يعرفه وأنه مختصر، وقبل نزوله سمعه رفقته وهو يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وفي اثناء النزول تعرقلت رجله وسقط على الصخر وما هي إلا دقائق حتى وافاه الأجل المحتوم، وهذا ما كان يتمناه، أن يموت في مكة ويُدفن فيها رحمه الله.
يقول الله تعالى: (وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلاً).
الله أكبر ، مات بعد أن صلى صلاة الفجر في جماعة فهو في ذمة الله حتى يمسي.
الله أكبر، مات في خير البقاع على وجه الأرض، ومن مات في مكة بعث يوم القيامة آمناً.
الله أكبر، أول من يشفع لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة من مات في المدينة ومكة.
كل هذه بشارات أزفها إلى أهله ومحبيه، وابشرهم أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال انتم شهداء الله في أرضه، وقد شهد له البعيد قبل القريب بالخير.
هل علمتم من هو الفتى المطيع؟ هو أحمد بن حمد النعيم، من سكان الأحساء توفي وعمره ستة عشر ربيعاً وسبعة أشهر.
فيا إخوتي الشباب اجعلوا الشاب المطيع أحمد عظة وعبرة لكم، فالفطن من وعظ بغيره، حافظوا على الصلوات الخمس في المساجد، قوموا بطاعة والديكم، امتثلوا أمر الله واجتنبوا نهيه فلا أحد منكم يعلم متى منيته، يقول النبي صلى الله عليه وسلم اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل مرضتك، وفراغك قبل شغلك، وغناك قبل فقرك، وحياتك قبل موتك فالموت لا يعرف صغيراً ولا كبيرا، قال تعالى (فإذا جاء أجهلم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون)، (وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت).
رحمك الله يا أحمد رحمة واسعة، وأسكنك فسيح جناته، ورزق أهلك الصبر والسلوان، إنا لله وإنا إليه راجعون .
عبدالمحسن بن عبدالرحمن بن محمد النعيم إمام وخطيب جامع المزروعية الكبير بالأحساء
|
|
|
|
|