| الثقافية
(لا تتسع القمة لأكثر من واحد) معارك المقولات توجت رأسها بهذه العبارة,, نجدها بكثرة للدلالة على وضع كروي ما، أو عند مقارنة درجات الصف الثالث ثانوي، في هذه الحالة تكون من المسلمات, وهي تفقد سحرها ووهجها عند جرها للدلالة على وضع ثقافي أو لأي من مكوناتها.
ان الثقافة الحقيقية لا ترضى بقمة واحدة مكوناتها: أنا + وجهة نظر واحدة + سيطرة , الحقيقة كل الحقيقة في اتساع القمم لاكثر من واحد، واكثر من كرسي اكثر من ثقافة, والتفرد بالثقافة, والتعامل مع جزء منها يودي لاقصاء الآخر وغبنه, هذا عوضا عن تأزيم آليات الثقافة وجعل الامعان والقصدية من كل طرف مفسرة مسبقا بسوء نية، وهذه الحالة ابعد ما تكون عن الثقافة وشفافيتها.
ولو أخذنا العامية والفصحى كدلالة لوضعية غير صحية ثقافيا غير صحية في التناول او الطرح أو حتى في مساربها اليومية, فالعامية لها شيخها ورب نياقها ومنابرها ومؤسساتها الثقافية كجمعية الثقافة والفنون ومفردات اعلامها من برامج شعبية شعرية او سباقات للهجن او مجلاتها الصقيلة الفاخرة, والفصيح له شيوخه ومؤسساته الأندية الأدبية وصحفه ومجلاته وندواته غير المنقولة على شاشاتنا الفضية للأسف.
الفريق الأول صاحب اللهجة الدارجة كتابا وشعراء ممثلين حقيقيين للثقافة الشعبية والذين نعتز بهم ولدى المهتمين منهم خطط لتقنين وحفظ تراثنا الشعبي الذي ضيعه الأبناء لهم عذرهم فلا هم تحدثوا كآبائهم ولا أجادوا الحديث كما في الكتب التي درسوها.
الفريق الثاني الفصحى لغة الشعر والأدب العربي العريق وهو لغة الثقافة الرسمية التي نتعلم ونقرأ ونكتب بها منذ عشرين وأربعمائة والف عام وهي قبل هذا لغة القرآن الكريم الذي تكفل الله سبحانه بحفظه وكأنني أقول لمن تحجج بخوفه على القرآن من اللهجة الدارجة الله قد حفظه وحفظها.
في الحقيقة ان كل طرف قائم على استقلالية مفتعلة وكأنه في غنى عن الآخر, المؤسسة التي تضم الفصحى لا تضم مثلا الشعر الشعبي كفاعل ثقافي في ذلك الحيز, هذا الفصل بين آليات الثقافة لم نجده في المسار الثقافي المصري مثلا، أو الخليجي, مما أدى الى تصور مؤاده : ان كلا منهما قائم بذاته، وان القمة الثقافية لا تتسع الا لأحدهما منفردا نجد ذلك جليا في التحكم المبطن من لدن بعض أصحاب الثقافة الشعبية في مجلاتهم او في جلساتهم الخاصة بأصحاب المنجز الفصيح, وكذلك الحال بالنسبة لأصحاب المنجز الشعبي، وسوق النكات على منجزهم ومجلاتهم من بعض أصحاب الفصاحة.
لماذا لا تتصالح الثقافتان العامية والفصحى؟ لماذا لا يعي ركنا الثقافتين انهما يمثلان مشهدا ثقافيا واحدا؟ هناك فرق بين ان العامية لا تعجبني وبين ان أترك لها مجالا ضمن مطبوعتي او حيزا مكانيا معنا, هناك فرق بين ان الفصحى لا تروق لي وان أترك مجالا لقصيدة او فن ما يكتب بالفصحى في مطبوعتي الشعبية.
في الحقيقة ليس هناك من داع لنفي الآخر، ولتخف وطأة بعض الألفاظ المسؤولية,, وتراث الأمة ,, وهدم اللغة ولتتعانق كل الآراء، والاتجاهات، ولتنمو نموا طبيعيا، والمجتمعات الطبيعية هي التي تظهر فيها التعددية بجلاء وبلا مواربة ودون اقصاء للآخر.
أحمد القاضي algadia @ hotmail. com |
|
|
|
|