| الثقافية
مساء:
أنت,, ارتقاء
وكل النساء,, نساء.
حلم:
مشهد النار في هذا القيظ القائظ استوقفني قبل ان أصل بيت صديقي, أرى شابا في الثلاثين من عمره، يركض في كل اتجاه، يجمع اوراق الأشجار اليابسة، والأعواد الجافة، وكل ما يقع في يديه، ويلقمها ناره، كي تشب وترتعد!
عندما تخبو، وترسل ألسنتها المتعبة تتحسس أشياء تبعث فيها اللهيب والاشتعال يخلع أسمال ثوبه البالي، ويجود بها للنار، فيفتر ثغره عن بسمة رضا، وكأنه يقول: هذا كل ما املك، فلا لوم ولا عتب!
يتمدد بجانب هذا السعير، يصطلي بأواره، ويطبق جفنا على جفن، ويغط في غيبوبة لا قرار لها.
العرق المتصبب يرسم على جسده العاري المتسخ جداول وأخاديد.
صوت أحمد ينقذني مما انا فيه:
ستمضي يومك مع نعيم؟ ثم يصطحبني الى بيته، ولكن رغبتي تزداد في أن أعرف كل شيء عن نعيم,.
صديقي جاره، ولابد ان يعرف عن حياته كل التفاصيل.
يروي أحمد ظمأي بقوله:
حدثتني أمي: بان نعيم يكبرني بخمس سنين, كان شابا مهذبا ومجدا في دراسته، تفوق على أقرانه في الثانوية، وانتظم في الجامعة ليواصل تعليمه, لقد كان من عائلة ميسورة، وأبواه لا يرفضان له طلبا, وأسر لهما يوما بان يخطبا له لجين .
أمي تقول: ان لجين فتاة خلوقة تستحي من ظلها، وهي في ميعة الصبا، ولها من الجمال قدر ومقدار، أما أخلاقها فحدث ولا حرج.
ونعيم للأمانة شاب لا يعوض، فأحبها حبا شديدا وصامتا، لكن عينيه تظهر ما يخفي في حناياه.
رفض أبو لجين طلب نعيم، لأنه قطع على نفسه عهدا بان يزوجها لرابح ، وكلمة الرجل كما تعلم لا تصير اثنتين,,!!
أما أمها فهي امرأة عنيدة,, ولا تتراجع عن أمر صممت عليه، وصداقتها مع أم رابح تحتم عليها الوفاء بالوعد.
وفي ليلة زفاف لجين فَقَدَ نعيم صوابه، وأخذ يصرخ بكلمات لا يفهم منها الا اسم لجين وتجمع حوله الناس، حتى تخال ان الزفاف لنعيم.
ساءت حاله على اثرها حتى أصبح كما ترى.
وأردف أحمد:
هل استرحت يا صاحبي؟
أظنك أرضيت فضولك,, فلنفرغ الآن لشرب الشاي,, ولسماع أخبارك بهدوء,, بعيدا عن نعيم ونعيمة المفقود.
لكنك لم تحدثني عن النار وسر اهتمامه بها؟
سأخبرك عنها,, ولكن هيىء نفسك للضحك:
من حينها نار نعيم لا تفتر لها عزيمة، ودخانها ضيف ثقيل على بيتنا.
ولما تحدثت اليه، وحاولت اطفاءها منعني بغضب, لكنني هدأت من روعه، وأشعرته بالاطمئنان، فأخبرني بما يرمي اليه بشرط ألا اعلم أحدا,.
فمن رماد تلك النار سيخرج لنعيم طائر عظيم، يتعلق به، ويحلق في الفضاء ليحكي قصته للغيوم,, وعندما يهطل المطر، ستذوب اخباره في كل الأنهار التي يشرب منها البشر!!
ألم أقل لك : انه مجنون؟قهقه أحمد بصوت عال، فقفزت من فراشي، يتلبسني الذعر، لقد كان كابوسا مخيفا، فأمسكت بالقلم لأصل الحلم بالحقيقة، وكتبت:
الرؤية:
نعيم رجل أبله,, منهم من يضحك عليه,, ومنهم من يرثي لشبابه.
الرؤيا:
الى الذين في قلوبهم رحمة,, والذين خلت قلوبهم من الرحمة.
صباح:
أنت الوحيدة,.
وكل النساء ادعاء .
|
|
|
|
|