| مقـالات
حين نبتاع سلعة من السلع نسارع إلى فحص مدة صلاحيتها إن كنا ممن يهتم بصحته وصحة أفراد اسرته لأن مدة الصلاحية وهي في الغالب تخضع لفترة صلاحية الكيماويات التي اخترقتها لتحافظ علىسلامتها من الشوائب مع أن تلك المواد ذاتها لاتخلو من الضرر أحيانا باعتبارها مادة دخيلة ومنشطة مثل المواد الممنوعة للاستعمال بالنسبة للرياضيين, إذن فلكل شيء نهاية, ولكن ماذا عن صحة الإنسان؟ من البديهي أن العمر الفعلي للإنسان هو من شأن الخالق عز وجل ولكن هناك ماتعارف على تسميته بالافتراضي بالنسبة للعاجز والمريض والمقعد، فهؤلاء لاتقاس اعمارهم بعدد السنين إنما بمدى اضطلاعهم بمسئولياتهم الخاصة والعامة ولن اتجاوز إلى القول بأن بعض الذين غادروا الدنيا مازال حضورهم قائما خاصة الأنبياء والرسل فما قدموه من نتائج باهرة في حياتهم فأعمالهم تعتبر امتدادا لذلك الحضور الذي لم ينقطع وكذلك الشأن بالنسبة للفلاسفة والمكتشفين والمبدعين, فنحن مازلنا ندرس نظريات غادر الدنيا أصحابها منذ آلاف السنين بيد أن آثارهم محفورة في الأذهان وممتدة في الشأن الحياتي, كما أن السيئين لم ينس التاريخ سيئاتهم وجرائمهم وهناك فرق شاسع بين أثر نافع وخالد إلى أمدالحياة والآخر ذي الصفة الإجرامية المرتبط بالشر وفساد الرأي.
وعلينا أن نتذكر بأن العقل يبقى أثره حتى لو تخلى عنه صاحبه وتبرأ منه فميزان الحسنات والسيئات يسجل حتى أتفه أعمالنا وأقوالنا ولاتزول حسب رغبتنا لأن الفعل هناك من يتولى تسجيله في ميزان الأعمال فلاتزول السيئة إلا بالحسنة, والذي قضت حكمة الله أن يبقى تحت رحمته رغم عجزه وعدم فاعليته فليس علينا أن نجهز عليه باعتباره ثقلا علينا فنحن من وراء المحافظة عليه وخدمته ننال أفضل الجزاء من الله ليس تقديرا لحياته الماضية فحسب وما قدمه من جهد وإنما لكونه يمثل جزءا من تاريخنا، من دمنا، من فطرتنا، من سلالتنا, وأركز هنا على كبار السن، فالمؤسف أنهم لايجدون تلك الرعاية التي يستحقونها لاسيما إذا كانوا فقراء لايملكون من حطام الدنيا كثيراً، بعكس الاثرياء الذين يحيط بهم ابناؤهم انتظاراً لما سوف ينالونه منهم سواء في حياتهم أو بعد مماتهم, والفرد الغربي أكثر صراحة من الفرد الشرقي المنافق مع أن الدين الإسلامي قد حثنا على تجنب الكثير من هذه الصفات السيئة، إنما هو عصر الكآبة والضلالة جعلنا نبتعد عن الكثير من الأمور الحسنة لنتمسك بالسيئات في الأعمال والأقوال, والعقل هو الميزان الذي ينير أمامنا السبيل لولاأننا نجتنبه إمعاناً في الجهل والانحياز نحو التفاهات وهو ما يجعلنا نخشى نتائج هذا السلوك الاعتباطي رغم تشدقنا قولاً لا عملاً بأننا حصدنانتائج علمية وحضارية تتيح لنا تلمس السبيل القويم.
|
|
|
|
|