أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 24th July,2000العدد:10161الطبعةالاولـيالأثنين 22 ,ربيع الثاني 1421

مقـالات

التغريب,,, وتهميش اللغة العربية؟!
د/ حامد بن مالح الشمري*
إن أبناء هذا الوطن قادة وشعباً يعتزون ويفخرون بلغتهم العربية وعاداتهم العريقة, وكل مواطن غيور على دينه ووطنه يحرص على انتشار لغتنا العربية وجعلها تتبوأ المكانة العالية المرموقة وايضا يعمل على تأصيل عاداتنا ومبادئنا الاجتماعية الاسلامية, واحترام هذه اللغة والالتزام باستخدامها في كافة مجالات الحياة مطلب ينشده الجميع, لقد فرضت خطط التنمية الطموحة في السبعينات والثمانينات الحاجة إلى استقدام أيد عاملة أجنبية في مختلف التخصصات والمستويات، ومن مختلف أصقاع الأرض، بجانب استيراد وتوظيف التكنولوجيا الحديثة بكافة أنواعها ومجالات استخداماتها حتى نهضت بلادنا ولله الحمد وأصبحت في مصاف الدول المتقدمة, وفي ذلك الوقت كان من الطبيعي أن يقوم على تشغيل وصيانة هذه التكنولوجيا والمشاريع الاقتصادية العملاقة نخبة من الخبراء والعمالة الأجنبية وكلمة حق فإننا ندين لهم بالشكر والتقدير على مساهمتهم بجهودهم وخبراتهم في مسيرة بناء وتقدم هذا الوطن ، والحاجة في ذلك الوقت فرضت أن تكون وسيلة التخاطب هي اللغة الانجليزية نظراً لقلة أعداد الكوادر الوطنية المؤهلة.
ولا شك أننا ندرك ما للغة الإنجليزية من فوائد واستخدامات في مجالات متنوعة، فرضتها حاجة العصر الذي نعيشه وواقع حاجة هذا الوطن للأجنبي ومبتكراته في وقت البناء والتنمية الشاملة، لمواكبة مسيرة التطور الذي تعيشه سائر بلدان العالم، ولكن أن يصل بنا الأمر وفي بلد مهبط الوحي إلى الاعتماد عليها واستخدامها في لغة التخاطب وكتابة التقارير والفواتير والعقود في الشركات والمستشفيات وبعض المؤسسات العامة والبنوك وحتى في بعض المؤسسات والمحلات التجارية الصغيرة وغيرها من المرافق الأخرى وكذلك اجادة اللغة الانجليزية تحدثا وكتابة شرط أساسي للعمل في وظائف القطاع الاهلي، فهذا ما يؤلمنا ويجعلنا نتحسر على لغتنا العريقة، لغة القرآن الكريم، التي أكرم الله بها المسلمين عامة وسكان هذا البلد الطيب المبارك بصفة خاصة.
لقد شهدت المملكة ولله الحمد في السنوات الأخيرة اعدادا كبيرة من الخريجين والخريجات السعوديين في كافة التخصصات، ومع توفر الامكانات والبنية الاساسية في مختلف مرافق الحياة، فقد اصبح من الضروري والملح جدا فرض اللغة العربية في المخاطبات والمحادثات في تلك الاجهزة والمرافق، والعمل على تعريب وترجمة التعليمات والارشادات الخاصة بتشغيل وصيانة الأجهزة، وجعل اللغة العربية ملزمة في كتابة التقارير والفواتير وفي كافة المخاطبات داخل المملكة في الشركات والمستشفيات والمؤسسات ونحوها الحكومية والأهلية، فمن الخطأ الاستمرار والتوسع في استخدامات اللغة الانجليزية وجعلها تهيمن على عقول شبابنا وتمثل هاجسا وحجر عثرة أمامهم للحصول على الوظيفة في القطاع الخاص، فنحن ومن خلال عدم تعريب وترجمة التكنولوجيا وإرشاداتها وتعليماتها والاستمرار في تعميم استخدامات اللغة الانجليزية والاعتماد عليها، نعمل على حجب أو تضييق استفادة الفرد السعودي من علوم التقنية المتطورة.
إنه لمن المستغرب ان نستمر في دفع ابنائنا للاعتماد على اللغة الانجليزية وجعلها لغة المناهج الدراسية في بعض الكليات العلمية، وكذلك وضع شرط إجادة اللغة الانجليزية تحدثا وكتابة ضمن الشروط التعجيزية في الاعلان عن وظائف اجهزة القطاع الخاص!، فمن المؤسف حقا ان تجد العديد من الشركات تعلن عن حاجتها إلى سعوديين لشغل وظائف إدارية مشترطة إجادة اللغة الانجليزية تحدثا وكتابة, ولو تتبعنا دول العالم بأكملها، لوجدناها تعتمد على لغات شعوبها في كل صغيرة وكبيرة وحتى لو كانت تلك اللغة من اللغات الميتة! فهل تستحق اللغة العربية من أهلها هذه النظرة الدونية واضعافها وسلب حقوقها؟! إن التقدم والتطور في شتى مجالات الحياة مرهون بسواعد أبناء الوطن ومرهون أيضا بتعميق وشمولية استخدامات اللغة العربية، وبتعريب وترجمة التعليمات والارشادات الخاصة بصيانة الأجهزة ونقل التكنولوجيا واستنباتها في عمليات التصنيع والإنتاج وغير ذلك, إن كثيرا من ابنائنا خريجي الجامعات والمعاهد والثانوية العامة يصطدم بعقبة شرط إجادة اللغة الانجليزية، فهل يعقل أن الشركة أو المصنع أو المستشفى وهو سعودي، وتقوم هذه المرافق على تقديم خدماتها للمجتمع السعودي، ومع هذا يطلب من ابن الوطن إجادة اللغة الانجليزية ؟! وبمهارات تفوق قدراته حتى لو كان تلقى تعليمه باللغة الانجليزية ؟! فهل من المعقول اغتراب وعزلة ابن الوطن عن بيئة وثقافة وطنه الاصلية؟! وهل المعيار الأوحد على كفاءة الشخص هو إلمامه باللغة الانجليزية بحجة أن وسيلة التخاطب والمكاتبات والتعليمات في هذه المرافق باللغة الانجليزية؟! بالرغم من حصول هذا الشاب على شهادة جامعية وفي التخصصات التي تحتاجها تلك المستشفيات والشركات والمؤسسات؟! وإذا كان لابد من ذلك فمن الأولى جعل مناهج التدريس في جامعاتنا وبدون استثناء باللغة الانجليزية حتى يستطيع شبابنا الالتحاق بوظائف القطاع الأهلي التي يشغلها مئات الآلاف من العمالة الوافدة؟!!.
لقد حرصت كل الدول المتقدمة على نقل واستنبات التكنولوجيا لشعوبها وترجمتها إلى لغات شعوبها الأصلية وفرضت ذلك على كافة مناهج مراحل التعليم وفي باقي وسائل التخاطب والمكاتبات للأنشطة التصنيعية والتجارية والاقتصادية ايماناً منها بدور ذلك في نشر المعرفة والعلوم والخبرات ورفع درجة الوعي العلمي بين أفراد شعوبها, ونأمل إن شاء الله في القريب العاجل أن يتم تعريب التخصصات العلمية والتقنية في بلادنا، كذلك تكثيف حركة الترجمة في كافة التخصصات العلمية والتقنية، فلدينا ولله الحمد الكفاءات الوطنية المؤهلة للقيام بمهام التعريب والترجمة، والجميع يدرك ما يواجه الطلاب والفنيين في الكليات الطبية وغيرها التي تدرس مناهجها باللغة الانجليزية من مصاعب جمة أثرت سلباً على استيعابهم وفهمهم لتلك المناهج، وقد ساهم بعض المختصين والمهتمين من أبناء هذا الوطن في كتابات ودراسات قيمة تطالب بأهمية تعريب التعليم في الكليات العلمية لما لذلك من فوائد وأبعاء وطنية واقتصادية واجتماعية وأمنية.
ومن المؤسف حقاً أن تطالعنا واجهات المتاجر والمطاعم بأسماء وعبارات كتبت بالعربية لأسماء وعبارات مستوردة للغات اجنبية ليس لها أية علاقة بواقع مجتمعنا وبيئتنا السعودية, فيحصل التداخل والتناقض والضياع في وسط زحمة هذه الأسماء والعبارات الوافدة، فيحصل التشويش والتشويه للغة العربية الجميلة، بل إننا حكمنا على هذه اللغة العريقة والشاملة والغنية في عباراتها وألفاظها بأنها غير صالحة، ولا تشفي نفوسنا، وتفتقر إلى الأسماء والعبارات والالقاب الجميلة الصالحة لأسماء المحلات التجارية وغيرها ذات الدلالة والعلاقة بتراث وقيم وعادات أبناء هذا الوطن الغالي وكافة شعوب العالم الإسلامي والعربي.
لقد حان الوقت لإعادة النظر في هذا الموضوع الهام والعمل على وضع الخطط والاجراءات الكفيلة بالحد من استخدامات اللغة الانجليزية وتضييق نطاق استخداماتها والعمل على فرض اللغة العربية وتعميمها في كافة وسائل التخاطب والتدريس والعمل في الشركات والمستشفيات والمؤسسات ونحوها وكذلك إلزامية استخدام العبارات العربية ذات الدلالة والعلاقة باللغة العربية لأسماء اللوحات التجارية، مع أهمية تهيئة وتوفير متطلبات ترجمة وتعريب التعليمات والارشادات ونقل التكنولوجيا باللغة العربية، ومنح ابناء الوطن فرصة العمل بلغتنا العربية الاصيلة، حتى يسهل عليهم فهم مهام العمل والعلوم التقنية، ومن ثم ترتفع درجة الوعي العلمي لديهم وترتفع أيضاً درجة التفاعل والإبداع وبالتالي نعمل على تسريع عملية إحلال السعودي محل الوافد وبشكل علمي ومدروس يتفق مع طموحات وتطلعات قيادة هذا الوطن العزيز.
* مدير إدارة الدراسات بمجلس الشورى
alshammarih@ ayna.com
ص , ب 45703 الرياض 11522

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved