| المخيم الكشفي العربي
كم أنا مسرور حينما بدأت السير ميمماً صوب محافظة الطائف يوم جمعة مباركة مع طريق كرا الهدا قادماً من مكة المكرمة حيث فوجئت باستمرار الطريق مزدوجاً صعوداً والسيارات تمشي رهواً جنباً إلى جنب مالئة كل مسار بطريقة آمنة إنسيابية لا تخشى معارضة قادمة من الأمام لأن الطريق أخذ صبغة الطرق السريعة التي تساعد على اختصار الوقت، والتقليل من الحوادث - بمشيئة الله - وما هي إلا لحظات فإذا الطريق يضيق ويعتذر ويلزم المسارين بأن يتحدا في مسار واحد ويأخذا الحذر من السرعة والتهور فأخذت أرتال السيارات المنحدرة والصاعدة تسير ببطء وحذر، بضع دقائق ثم انفرجت في بداية الالتحام بالطريق المزدوج القادم من الطائف في عرض جبل كرا - وكل شدة بعدها انفراج.
وحيث أنه لم يبق في هذا الطريق العملاق سوى تكملة الكيلوات المعدودة المتبقية وإن كانت توصف هذه الوصلة بعنق الزجاجة لصعوبتها واحتمال استحالتها لوقوف الجبل على الصامت كما يقال.
أي أنه لا بد أن ينحت نحتاً يتطلب فسحة طويلة من الوقت ومالاً باهضاً يحرك ويدفع الآلات الكاسحات بقوة ، وأذكر معالي وزير المواصلات النشط بقول الشاعر بهذا البيت:
أخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته ومدمن القرع للأبواب أن يلجا |
فالمعدات الحديثة والمال طوع وقهر أطواد الجبال الشامخات كما هو معلوم علواً ومنافذ تحتية هائلة بدعم قوي لا حد له من حكومتنا الرشيدة فاختصرت آلاف الآميال والمسافات الشاسعة فدرجت عليها ومرت من تحتها آلاف المراكب مزهوة بلذة وحلاوة الانتصار والتغلب على تلك الجبال المواكث في كثير من الجهات.
وهذا العمل الذي فاق الخيال وفاق كل تصور أنموذج مما تشهده مملكتنا الحبيبة من نمو هائل في جميع المرافق العامة والخاصة.
والمرجو من المولى أن يعين الجهات المعنية بتحقيق المزيد مما تتطلع وتطمح إليه النفوس البشرية هنا ، وأن تكون بقية الطرق عبر المدن مسارين كي تخفف من أخطار السرعة الانتحارية من بعض المتهورين في قيادة السيارات والمراكب الضخمة التي تسببت في حصد الآلاف من البشر وخلفت الإعاقات واليتم والترمل ، وتركت للأطباء المهرة ترميم أجسام من قدرت له النجاة من شعوب ، وهذا خلاف ما يعتقده أبو العلا المعري بقوله :
تحطمنا الأيام ول كن لا يعاد لنا سبك |
مما جعل هؤلاء المصابين يزاحمون المرضى الاعتياديين في كبريات المستشفيات وتحميل ميزانية وزارة الصحة حملاً إضافياً، زيادة على ما يعانيه رجال الأمن والمرور، وفريق طائرات الإخلاء الطبي الذين يعملون على مدار الساعة - وفقهم الله وأعانهم -.
ويا حبذا لو كان فيه مراقبة جوية تمسح بعض الطرق الطويلة عن بعد ولو على فترات متباعدة مفاجئة لمن يبالغ في تجاوز السرعة المحددة ثم يساءل أولاً فلو تحقق بعض ما أشير إليه لاستشعر كل واحد منا قول الشاعر العربي:
كأن بلاد الله وهي عريضة على الخائف المذعور كفة حابل |
وهذه الكلمة الوجيزة مجرد خاطرة وأمنية وطلب المزيد من الخير كما يقول الآخر:
لا يشبع النفس شيء حين تدركه ولا يزال لها في غيره نظر |
وأسأل الله أن يديم توفيق خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني مردداً هذا البيت:
فعش للورى وأسلم سعيداً مهنئاً فحظ الورى في أن تعيش وتسلما |
عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف من بلدة حريملاء ويصطاف بالطائف
|
|
|
|
|