| أفاق اسلامية
حياة البشر فيها العديد من المواقف الإيجابية والسلبية التي لا تتناهى، وذلك لأن الحياة بحد ذاتها بعيدة عن الجمود والثبات في المواقف، وتعتمد على الحركية الدائمة وحدوث المستجدات بشكل لايعرف التوقف، وكذلك حاجة البشر لاتخاذ مواقف معينة وأعمال خاصة، وذلك إزاء مايعترضهم وما قد يحدث حولهم، وما يصدر عن البشر ليس كله صحيحاً، لأن هذا يعتمد على نواح كثيرة وعديدة، حيث يعتمد على الإنسان الفردي بحد ذاته وثقافته وتفكيره وعمره وتوجهه ورأيه ومستواه العقلي، وكذلك على الإنسان الجماعة بما تشكله من بيئة للفرد يتصرف خلالها وحسبها ومنها ولها أو بشكل معاكس لها، كما يعتمد على الموقف بحد ذاته ونوعيته وماهيته.
وبالتأكيد من الإشكاليات التي تحصل بين البشر من فترة لأخرى، ويؤدي احتكاكهم لبعض قضايا الخلافات بينهم، وكذلك القضايا التي تولد ظالماً ومظلوماً، وهذه حقائق لاغبار عليها، والمجتمع السليم لايسكت على ذلك، بل يحاول إصلاح ذات البين، وإعادة الحق لصاحبه، وإيقاف الظالم عند حدوده، وبهذا تبقى الُلحمة الاجتماعية متينة وقوية، ويبقى المجتمع محافظاً على قوته وسلامته وإيجابيته، وبالتأكيد فإن المجتمع الإسلامي وهو المجتمع المبني على النهج الرباني الإسلام الذي ارتضاه الله سبحانه للبشر، كل البشر، وفي كل زمان ومكان، فإن هذا المجتمع هو المجتمع المثالي الذي يمثل الحلول العملية والواقعية السليمة لكل الإشكاليات والمشاكل والقضايا التي تواجه الإنسان فرداً وجماعات.
إن الإسلام قد قدم حلولاً ارتضاها رب العباد، فعلى سبيل المثال جعل الشفاعة الحسنة من الأمور التي يثاب فاعلها، فكانت مندوبة في الإسلام وفي أحيان جعلها واجبة على البعض، والشفاعة الحسنة هي من الحلول في بعض القضايا الخلافية، وهي التي تستخلص حق المظلوم، وتنصف الضعيف والمهضوم حقه، ولاتقدم مرجوحاً على راجح، بل على العكس تثبت للراجح حقاً على المرجوح.
يقول تعالى: (من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها، ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها) ومن قوله تعالى نستنتج أن هناك شفاعة أخرى وصفها سبحانه بالسيئة، وهي التي نسميها نحن في العرف الاجتماعي والحياة اليومية ب (الواسطة) بمعناها الغالب، وهي أنها غالباً تكون لترجيح مرجوح، وتقديم مؤخر، واخذ حق إنسان، ومنحه لآخر لايستحقه، ووضع إنسان في غير مكانه المناسب.
إن الشفاعة الحسنة مندوبة ومطلوبة، بينما السيئة محرمة، ويجب التمييز بينهما، لأن الخلط بينهما قد يؤدي لنفور وعزوف بعض القادرين - وللأسف عن الشفاعة الحسنة خشية من أن يكون عمله جرياً وراء الواسطة، كما قد يخيل إليه.
إن استعمالنا كلمة الواسطة أو الوساطة في حياتنا اليومية يجب أن يكون محدداً وواضحاً، فإذا كانت الواسطة في جانب الحق والعدل فهو الخير، والخير هنا يجري ويصب في مسار الشفاعة الحسنة، وهي ضريبة للجاه والعلم والفضل، وأما إن كانت في جانب الظلم والجور والحيف ولاحول ولاقوة إلا بالله فهي مرفوضة قطعياً، وحرام شرعاً.
إن الإحجام عن الشفاعة الحسنة هو عمل سلبي لايجوز ممارسته من قبل الإنسان المسلم، وذلك فيما إذا تأكد أنه بإمكانه أن يغيث ملهوفاً، أو ينصر مظلوماً، أو يقف مع من لاحول له ولاقوة، أو يساعد من يحتاج للمساعدة حقاً، وعمله بهذا يدخل في الإطار الذي حدده الحديث النبوي الشريف (من فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة)، ويشملها قوله تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى ولاتعاونوا على الإثم والعدوان ، الذي اشتمل على النهي عن التعاون في إطار الإثم والعدوان، وهو الإطار الذي يشتمل على الشفاعة السيئة.
ما ذكرته كان يجب ذكره، وخصوصاً أننا نواجه الآن تعقد ظروف الحياة، ودخول عادات وتقاليد غريبة علينا بسبب سهولة الاتصال بين أرجاء العالم وتطور وسائل الحضارة والمواصلات والاتصالات، وتحول العالم لقرية صغيرة، ونرجو الله أن يحمينا، ويحفظنا من التطورات والعادات السلبية، ويبقي لنا عاداتنا الإيجابية والسليمة التي ارتضاها لنا رب العباد، وفي هذا خير لنا إن شاء الله على مر الايام, والله ولي التوفيق.
ALOMARI 1420 @yAhoo com
|
|
|
|
|