| أفاق اسلامية
خلق الله تعالى الخلق وزودهم بالفطرة النقية والعقل السوي، وبعث إليهم أنبياء ورسلاً كثيرين ليأخذوا بأيديهم من الظلمات إلى النور، حتى يحققوا الحكمة من خلقهم,, قال عز وجل وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون , ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون , إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين .
وقد أثنى القرآن الكريم على من نشروا العلم فامتدحهم بقوله :كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله,, , وأثنى عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: خيركم من تعلم القرآن وعلمه وقال: العلماء ورثة الأنبياء
وأوجب على العلماء أن يبلغوا ما تلقوه على أيدي رسلهم أو ورثوه عنهم، حتى لا يقعوا في هذا الوعيد الشديد : إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون,,
وقد ورد في سبب نزول هذه الآية : أن أهل الكتاب سئلوا عما جاء في كتبهم من أمر النبي صلى الله عليه وسلم فكتموه ولم يخبروا به حسداً وبغضا.
وروى السيوطي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن معاذ بن جبل وبعض الصحابة رضي الله عنهم سألوا نفراً من أحبار اليهود عن بعض ما في التوراة فكتموهم إياه، وابوا أن يخبروهم، فأنزل الله فيهم :إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى .
ولما تمادوا في كتمان العلم: فلم يأمروا بمعروف ولم ينهوا عن منكر، حلت بهم لعنة الله تعالى فقال: لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوا لبئس ما كانوا يفعلون .
وحول هذا المعنى يقول الشيخ محمد علي الصابوني:
جاءت الشرائع السماوية لهداية البشرية، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور, وقد أمرنا الإسلام بتعليم الجاهل، وهداية الضال، ودعوة الناس إلى الله، حتى تقوم الحجة على الناس، ولا يبقى لاحد عذر عند الله يوم القيامة.
ولما كان ما أنزله الله من البينات والهدى، لم ينزل، إلا لخير الناس، وهداية البشرية إلى الطريق المستقيم، وكان كتم العلم وعدم تبليغه للناس فيه تعطيل لوظيفة الرسالة التي بعث الله بها رسله وأنبياءه، وفيه خيانة للأمانة التي ائتمن الله عليها العلماء: وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه ,, لذلك فقد شدد النكير على من كتم شيئاً مما يحتاج الناس إليه، وخاصة من أمور الدين، وأوعد بالعذاب الأليم لكل من كتم آيات الله، أو أخفى أحكام الشريعة، لأن الكتمان جرم عظيم، يستحق صاحبه اللعن والإبعاد من رحمة الله عز وجل .
وفي هذا دلالة واضحة على عناية الإسلامة العظيمة بنشر العلم والثقافة لتبليغ دعوة الله إلى الناس، وانتشال الأمة من براثن الجهل والضلالة، فنشر العلم عبادة، وكتمه جناية، وقد قال عليه الصلاة والسلام : بلغوا عني ولو آية , وقال صلوات الله وسلامه عليه من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار .
نسأل الحي القيوم بديع السموات والأرض ذا الجلال والإكرام أن يعلمنا ما جهلنا وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يجعلنا من العلماء العاملين وصلى الله وسلم وبارك على سيد العلماء الصادقين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
*وكيل قسم القرآن بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
|
|
|
|
|