* مدخل:
نعود اليكم,, مرة اخرى,, ونعرض لكم قصة قصيرة بعنوان (حلم عاثر) كتبتها الصديقة المتميزة فاطمة السلامي,, نعرضها لكم لقراءتها جيدا ومن ثم نقدها برأيكم وتعليقاتكم وملاحظاتكم حول هذه القصة ,, وسوف نقوم بنشر نقدكم (الهادف) ,, فور وصوله إلينا,, ونحن في انتظار ما سيصلنا منكم حول هذه القصة.
حلم عاثر
تتجلجل ركبتاي بجوف المكتب ليرتج كوب الشاي المنتصف,, فتتلاطم امواج البحار التي جابها السندباد,, غير مستصاغة,, اياني ومكتبي على بساطه يكسوني لباسه المتزاخم بالتفاؤل,,!
تريّث فكري برهة,, وعود السندباد بعد مرور عقدين من عمري تحقق ما كنت اصبو اليه، اني سندباد زماني كما قالها (لكل زمان سندباده) .
قبل الهبوط يلتف بساطي الى ان يبركني على حدبة جرداء البيضا تبرق بدكنتها السوداء,, (أسميتها قارة الأسرار كما أسماها قريني سلفا),,!
تنحنحت في صفو صامت بارتخاء فأحدثت جموع شتى أصواتا صداها يرتد إليّ بنبرة هادئة كصوتي،، عدتُ الفعلة كرتين فصوّغت إليّ كصياغتها الاولى,,!!
في هذه المرة آمرت قدمي ان تعس على القاع، أهي صلبة ام سراً ما يخفي صلابتها,,؟! ذاك التساؤل أخفيته بسرعة لما دني بجواري ظل كجسدي مختطف كاختطاف البروق وسرعتها,, على إثره انزاحت جموع اركاني رعبا,.
ضربت على صدري مهدهدة وجلي: لاعليك انفخي هواء السكينة حول جسدك، واذكري الله، اذ هي اضغاث من شياطين الجن تستمرقك لتهابي وترعبي، وفي زمرة ذاك الحديث مع نفسي عطسة جامحة خلفي تستوقف حديثي المختبئ لتكمله هي بنبرة متذمرة ساخرة: جاء الليل وصقيع برده،ليبرغث بأنفي فيكثر عطسي ,,! تتأوه لحظة لتسترد حديثها: فكرة سمجة تعلق بذهني، فمنذ أمد بعيد جدتي تحكي لي عن طائر آدمي,, ذي ألوان,, يتسلق الجبال,, ويختبئ خلف الصخور,, ثم يسرق اصوات الناس ليقلدها,, ولكنه,, ولكنه ليس بشبح,,!!
احدق بملء عيني علّ منقذا ما ينقذني غير حجرها من روعتي المروعة وتهشم وجهي المتسائل:
(يتكلم وليس بشبح,,؟!)
سري إذ يتعمق اكثر بعد وفاة جدتي فهي لم ترو، متى يستهوى المجيء ,, واي لحظة سيقحمني ليعبث بصوتي ويقلده,,؟
حينها اعتدت السمر بعد حرصي المتوالي على انتظاره، مرارا ما عاودتني فكرة مجيئه,, بين فينة الشروق وفينة الغروب ,, وحسبي ان ساعة الغبش اجدر بقدومه,,!!
تلك الظنون طمست عقلي منذ وان كان جسدي الصغير يشدو بفضوليته اللحوحة ,, كان لابد لي ان اعرف كل شيء وان اتقصى الحقيقة واياها والا انطويت مفردة اساير نفسي واحابيها دون ان يرمقني احد او يعثر على ما افكر,,!!
وبصوت خافت تهتف ،، إليّ اتريدين الحقيقة,,؟: ان هي الا خرافة، خرافة عجوز ابلاها الزمان فوهن عقلها في منتهى اجلها لتروي لي ما يسحق عقلي واصدق,.
تتثاءب فتفرك وجهها برفق متجليا برمشيها النعاس,, وكأنه آخر ما ترمي اليه لتستأذني وتمضي,, توّقتني لسماع المزيد من مخدشات زمانها الفائت,, فأجرتها بالله ألا تمضي حتى توافيني حقيقة نفسها,, اما انها كطائر جدتها الآدمي تعبث بالأصوات لتقلدها، واما انها الجدة الخرفة التي تروي لي بعد ان وهن عقلها لتشتت ذهني واصدق محادثتها,,؟؟!
وفجأة برقت من امامي كبرقتها الاولى فانسلت قبل ان تجيب ,, لأفعل فعلتها تقصيها لأخبار ما تريد أو مسايرتها لنفسها منفردة,,؟! ولكن رسيس الغضب الذي ظل بعد رحيلها أثار أمواج البحار مرة أخرى لتتلاطم وينسكب كوب الشاي المنتصف لاستيقظ من غفوتي على أوراق مبتلة,, وحلم عاثر,,!!.
فاطمة السلامي
|