| الثقافية
تمر علينا الايام والسنون، تخاطبنا صباحا ومساء، إني يوم جديد، على عملك شهيد، ولن اعود أبداً، نسمعها ونصم أذاننا، نراهاونغمض اعيننا، نحسها ونخدر أجسامنا، تشرق الشمس وتغيب في العام 365 مرة ولا تزيد من العمر شيئاً، بل هو ينقص رويداً رويداً، كل يوم تغيب، شمسُه فهو منقض من عمرك، ما الأمر؟
سألت نفسي فلم ترجع جوابا، سكتت بُرهة ثم قالت مالي أراك حائراً تهيم على وجهك؟ قلت اما تعلمين كم مضى من عمري، قالت بلى، ولكن لماذا تحزن اما تراني سعيدة مسرورة، وعمري هو عمرك.
أطرقت حتى ايقظتني مرة اخرى بقولها لي لماذا أنت حزين؟ قلت لا ادري، ولكن ربما كان العقل هو سبب حزني، قالت: كيف؟ وهل للعقل القدرة على ان يجعلك حزينا أو مسرورا؟ قلت ايه يا نفسي لعبت بك الاماني، فأكثرت من التواني، ولو تدري ما أعاني لما بت سعيدة لحظة واحدة، قالت: دع عنك الحزن وانظر إلى غيرك ممن يسعدون ويمرحون ولا تجعل لعقلك السلطة التي يسيرك بها كيف يشاء، عجبت من اصرارها ثم بدأت في تهديدها، ويحك انت جزء مني ولي الحق في ان اجعلك حزينة مثلي، وبدأت حقا بأخذ بعض الحبال ووثقتها بقوة، فحاولت الفكاك من الرباط فلم تستطع بدأت تصالحني، سأسمعك وأئمر بأمرك ولن اسعد إذا كنت حزينا، ولن أحزن إذا كنت سعيداً.
لا أبداً ليس لك إلا الوثاق، مرت الايام وهي تأن وتبكي وتشتاق إلى ماضيها السعيد، وهيهات لها العودة، وما انقضى شهرٌ حتى توطنت على حالتها تلك، وسلكت مسلك العقل ونفذت الامر، وعزمت على عدم العودة، حينها عندما التقيا العقل والنفس صرت سعيداً حقا.
تعجبت النفس بعد زمن وقالت لي في غرابة، كيف كانت تمرُ السنون والايام ولا أصرف لها بالا، وكيف كانت الدنيا فيَّ ضيقة ليس فيها إلا مرعى المثخنين المظلم, نعم لقد كنتُ لا أرى هذه الآفاق الواسعة النيرة، وظننت عندما قيدتني ووثقتني أني سأُحرم من السعادة، ولم أكن اعرف ان السعادة هي في الانقياد والطاعة، قلت لها بعد ان سمعت كلامها الجميل، مازلت يا نفسي بعيدة بعيدة جدا عن السعادة الحقيقية.
عثمان أحمد الناشر الرياض
|
|
|
|
|