| الريـاضيـة
من الاشياء التي تتميز بها الصحافة بالإضافة الى موادها الاخبارية الشهية هو فتح ساحاتها ومساحاتها للحوارات الفكرية والحضارية مما يخرج لنا الرأي والرأي الآخر والنقد والنقد المضاد الامر الذي يساعد القارئ والمتابع على استخراج صورة واضحة ومعالجة من جميع جوانبها السلبية والايجابية.
غير ان المشكلة تكمن عندما ينحى الرأي منحى آخر بهدف تضليل القارئ من اجل الدفاع عن مصلحة خاصة, وهنا تكمن سلبية الحوار ومنها يحدث الخلل, وهذا ما حصل بالفعل عندما استخدم احد الكتاب الرياضيين اسلوباً تضليليا في مقالته ليوم امس الاول والذي جعلنا نقدم هذه المقدمة ونشارك القراء في تحليل اهم حيثيات المقالة.
والاستاذ/ عبدالعزيز شرقي رياضي نحترمه ونقدره ولكن عندما يقوم مثله مثل غيره بنشر موضوع للعامة فالموضوع لم يعد ملكه ليتحكم فيه او يحجبه وانما ملك للناس لتأييده او رفضه او تحليله, ولذلك فعندما نناقش مقالة الكاتب فنحن ننطلق من هذه القاعدة.
مقالة الاستاذ/ عبدالعزيز ليوم الاحد الماضي في جريدة الرياض كانت بعنوان بلاتر يؤكد بطولات الفيفا تجارية ومن هذا العنوان الخبري لمقالة رياضية بدأت رحلة التضليل فيقول الكاتب جوزيف بلاتر رئيس السلطة الكروية الاعلى في العالم (لاحظ الاعلى معلومة جديدة للقراء!!)، اعلنها وبالفم المليان (ليس الفاضي انتبهوا) بان (الفيفا) لن يسمح بنقل اي مباراة كروية تقام تحت اشرافه تلفزيونياً بالمجان، وان جميع البطولات التي تشرف عليها الفيفا ستباع حقوق نقلها التلفزيوني لمن يدفع اكثر, وا,,وا,,وا يا لطيف,, ياله من خبر طازج ومهم جداً؟!!
فيا أخ عبدالعزيز هذه المعلومة ليست جديدة والجميع يعرفها ويمارسها الفيفا قبل ان تفكر شركات التشفير العربية باحتكار النقل التلفزيوني ومنذ بداية بيع الحقوق والبيع للاعلى وليس للاقل, وبعد ذلك يرجع الاستاذ/ عبدالعزيز ليقول هذا ما اعلنه بلاتر تلفزيونياً وبهذا وضع الجميع امام الحقيقة التي لا يوجد بديل للقبول بها، غير مقاطعة بطولات الفيفا تلفزيونيا , ونحن نقول لماذا تحاول يا اخ عبدالعزيز تضليل القارئ؟ فبلاتر لم يقل انه ليس امام الجميع الا خيار التشفير وهو ما تحاول ان تقوله لهم.
ثم بعد ذلك ينتقل الكاتب الى الحديث عن بيع حقوق نقل كأس العالم القادمة تلفزيونياً ليذكر بان الشركة المالكة باعت حقوق النقل التلفزيوني البرازيلي مقابل (خمسمائة مليون دولار) والتلفزيون البرازيلي (يقصد الكاتب هنا ART البرازيلية!) سيبيعها للمشتركين فيه، لان حكومة البرازيل لا تسمح لها اوضاعها المالية بدفع هذا المبلغ لتقديم بطولة العالم على قناتها الحكومية مجانا.
وهنا يواصل الكاتب تضليله للقارئ فليسمح لنا الاخ عبدالعزيز ربما انه لا يقصد التضليل وانما هذا حدود معلوماته عن آلية حقوق النقل التلفزيوني بالبرازيل ولذلك ففي كلتا الحالتين يظل الموضوع فيه تضليل للقارئ, فالبرازيل احدى دول العالم المكتظة بالسكان وهو بلد كبير جداً وعلى الرغم من ذلك فهو يعتبر واحداً من اكثر دول العالم جنوناً وعشقاً وتعلقاً بكرة القدم كما انه البلد الوحيد في العالم والذي حصل على كأس العالم عدة مرات ووصل الى المباراة النهائية كذلك عدة مرات بالاضافة الى مشاركته في التصفيات النهائية مرات عديدة, ولتذكير الاخ عبدالعزيز فان البرازيل حصل على اعلى نسبة متابعة جماهيرية لمشاهدة المباريات النهائية في كأس العالم, فحتى الآن لم تبلغ نسبة مشاهدة المباريات المنقولة تلفزيونياً في اي بلد آخر اكثر من 60% في الوقت الذي تجاوزت ال 90% في البرازيل حسب التقرير الحكومي لآخر نهائيات وكنا شاهدنا كيف كانت نسبة مشاهدة الفرنسيين للمباراة النهائية قبل عدة ايام, فحسبما جاء من تقارير صحفية فالنسبة كانت تتراوح ما بين 50% الى 55% فقط من مجموع السكان.
ثم يواصل الكاتب حديثه عن التشفير عندما قال ايضاً التلفزيون الاسباني دفع (178 مليون دولار) وبالطبع سيعوض هذا المبلغ من المشتركين الراغبين في مشاهدة الحدث الكروي الاهم في العالم، وستدخل المنافسة تلفزيونات عالمية كثيرة، لتقدمها بالتالي لمشاهديها عبر قنوات خاصة مدفوعة الثمن, ويجب هنا ملاحظة تركيز الكاتب على كلمات معينة كالمشتركين و قنوات خاصة ومدفوعة الثمن وتكرار كلمة مجانا كثيرا في المقال وكذلك الكلمات التي وردت في الفقرتين اللاحقتين كالاشتراكات وهذا مبلغ خيالي لا يمكن ان تتحمله ميزانية اي تلفزيون حكومي بعرض المباريات مجاناً لمشاهديه.
ويجب تنبيه الاخ عبدالعزيز الى بعض النقاط المهمة والتي يظهر انه ما زال يخلط بين بعضها البعض, فأولا ليس اختيار مشاهدة المباريات حكراً على طريقتين كما يعتقد الاخ عبدالعزيز وهي اما المشاهدة المجانية الحكومية والتي يشدد عليها دائماً او التشفير التي يسميها الاشتراكات المدفوعة , ولكن دعونا نذكره بان هناك طريقة ثالثة وهي مشاهدتها عن طريق القنوات الاخرى غير المشفرة, والنقطة الثانية التي يجب ان تتضح للاخ عبدالعزيز هو ان الشرق الاوسط لا يقصد به العرب فقط فايران وتركيا وغيرهما هما جزء من الشرق الاوسط.
ثم يتوجه الكاتب لالقاء اللوم على اتحاد الاذاعات العربية وانها هي السبب في مشاكل النقل ولولا قدرة الله ثم تدخل ART كان من الممكن ان يحرم المشاهد العربي او الشرق اوسطي من مشاهدة مباريات بطولة القارات,,, وقد دفعت قناة ART مبلغاً كبيراً لتحصل على حقوق نقل مباريات بطولة القارات لعدة اسباب، اهمها ان البطولة تحمل اسم قائد وزعيم الامة الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله، وثانيهما ان دولتين عربيتين تشاركان في البطولة هما السعودية ومصر، ولهذا دخل المسؤولون عن ART في مفاوضات من اجل عيون المشاهد العربي الذي تمكن من متابعة مباريات تلك البطولة، وكان يمكن ان يحرم منها لو لم تبادر قناة ART لشراء حقوق نقلها المباشر.
وهنا سوف نستعين بالقراء الكرام لمساعدتنا وارشادنا عن البنك المناسب لصرف هذه العملة الصعبة التي يستخدمها الاخ عبدالعزيز, فهل عظم ومعزة المناسبة تتطلب افراغ جيوب المشاهدين وارغامهم في الاشتراك في حزمة لا يريدونها؟!, ثم نسي الاخ عبدالعزيز ما حصل في مصر من غضب جماهيري؟, ولمعلومية الاستاذ الكاتب فلو لم تتدخل قناة ART وتدفع لتمكن المشاهد العربي من مشاهدة هذه البطولة بسهولة ويسر!!!
وهنا يجب ان نذكر زميلنا الشرقي بان قناة ART لم تدرك لعبة التشفير الدولي بعد او انها استغلت طيبة وكرم اهل هذا البلد المعطاء, فاذا استعرضنا المناسبات التي تم شراؤها وتشفيرها على السعوديين (والمصريين في بطولة القارات) التي فضحها الاخوة الكويتيون والقطريون وفضحتها القنوات الايطالية والاسبانية نجد ان هناك تجاوزاً صارخا للمواثيق الاعلامية والدولية في مثل هذه الحالات والتي تشدد على تسهيل واتاحة مشاهدة المناسبات الوطنية بيسر لجميع المواطنين ولكم ان ترجعوا الى مقالات سابقة لنا في هذا الموضوع وسوف اكون سعيداً اذا ما طلبت مني تزويدكم بذلك والقوانين المنظمة لذلك دولياً.
فقبل ان يختم الاخ عبدالعزيز مقالته عمد الى تذكير القراء بانه احد افراد القناة والعاملين فيها, ثم ختم بان وقد سمعنا كثيراً من المشتغلين بامور التلفزة يؤكدون ان زمن المشاهدة المجانية قد انتهى ولابد لمن يرغب في متابعة اي حدث ان يدفع قيمة المشاهدة,, بلاتر جاء ليبصم باصابعه العشرة بتأكيده ان كل بطولة ينظمها الفيفا سيكون لها ثمن وان جميع بطولاته ستباع لمن يدفع اكثر .
فمن الغريب في الامر هو اصرار الاستاذ الشرقي على استخدام بلاتر واصابعه العشرة التي بصم بها لتضليل القارئ واقناعه بان التشفير هو امر صادر من الفيفا, كما ان من الغريب كذلك استمراره واصراره على وضع اختيارين اما المشاهدة المجانية او التشفير ناسياً او متناسياً الامر الوسط ونقصد بذلك القنوات الاخرى التي تستفيد من الاعلانات التجارية.
واخيراً نتمنى من الكاتب الرياضي القدير عبدالعزيز شرقي والذي يظهر ان الهواء طيره غرباً وشمالاً ان يتقبل هذا الحوار بروح رياضية ويدرك اننا نهدف الى مصلحة الكرة السعودية, فلقد اتفق كثير من الاراء المتخصصة على ان التشفير يضعف من شعبية اللعبة وقد يحولها الى لعبة خاصة بنخب معينة, بالاضافة الى آثار التشفير المالية والاجتماعية على افراد المجتمع.
والله من وراء القصد.
|
|
|
|
|