أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 20th July,2000العدد:10157الطبعةالاولـيالخميس 18 ,ربيع الثاني 1421

مقـالات

الثقافة في جدة,,!
محمد بن أحمد الشدي
منذ أن عرفنا دور الكلمة أدركنا أن جدة المدينة الوادعة على شاطىء بحرنا الأحمر بالتسمية الأزرق الرقراق بالمشاهدة والمعاينة أدركنا ما لها من عمق حضاري خلف أمواج بحرها والتي تكاد أن تتكلم، ونقرأ التاريخ الثقافي لإنسان هذه الأرض، ننظر اليها وهي تتكسر على جنباته المغموسة في التاريخ العابق بفنون العجائب على مر الأيام والسنون لذا فليس غريبا أن نجد هذا التجذر الثقافي في مدينتنا الحالمة جدة، خاصة وقد عرفنا شغف أهلها بالثقافة البحرية ثم الثقافة الإنسانية ثم الاجتماعية ثم هاهم اليوم يمسكون بأطراف الرداء من جميع جوانبه ويحيطون بالثقافة الشمولية ويسعون اليها بكل الوسائل المختلفة، وليس ذلك المعين الذي يمدهم بكل هذا المخزون الهائل من العمق الثقافي بمستنكر ان مكة التي شرفها الله هي الرافد الذي لا ينضب لثقافة هذه المنطقة,, كيف لا وأرومة هذه الأمة العربية المسلمة تعود إليها وتضرب في أعماق التاريخ الإنساني والأدبي وتمدنا بكل هذا الزخم الثقافي العريق الذي يستمد قوته واصالته من منبع الإسلام الخالد,, ثم هنا بجوار هذا التجمع الثقافي والسكاني يجب ألا ننسى مدينة الرسول المصطفى عليه أتم الصلاة والتسليم وما تفيضه على أنفسنا من النور والهدى والبهجة التي تعمر الروح، والتي لا يدركها إلا من عرف حلاوة الإيمان وهي تتمحور في جوفه وتتمدد في شرايينه، ان هذه الشحنات الروحية التي نكتسبها في هذه الأماكن المقدسة هي التي تجعلنا نتطلع الى الثقافة بمفهومها الشمولي الذي يخدم الأمة ويخلص الإنسان من أي توجه أناني أو نظرة اقليمية لا سمح الله,, ثم هناك حول هذه المدينة رافد مهم من روافد الشعر والجمال مدينة الطائف التي كثيرا ما تغنى الشعراء في جنباتها منذ العصر الجاهلي في مطارح سوق عكاظ، والذي استمر وهجه الثقافي حتى عصرنا الحاضر وهي تحيي الروح الأدبية لدى كل محب لهذه الألوان من الثقافة والفن والسمو لما تبدعه قرائح الإنسان.
وإن كان هذا هو ما يحيط بمدينتنا الجميلة جدة فلماذا لا تكون وعاءً للثقافة في هذا العصر المزدهر؟,, خاصة وهي ترى رصيفتها وصوتها الرياض عاصمة الصحراء وعروسها تصبح ملتقى لأكثر من مهرجان ومنتدى ثقافي وفكري جامع ظاهر لكل حملة الأقلام في عالمنا العربي، ثم يجمع الجميع على منح الرياض لقب عاصمة الثقافة العربية لهذا العام 2000م.
ان جدة قد تبوأت مكانة متميزة لاحتوائها العديد من أجهزة الثقافة وأوعيتها ومنطلقاتها، وإن وجود العديد من الصوالين الفكرية ودور الصحف والنشر وكذلك الجهات المعنية بتطوير وإشاعة الثقافة بين الناس لأمر يدعو الى الفخر، ان من يستمع عن قرب كما حصل لي مع زملائي أعضاء هيئة فرع جمعية الثقافة والفنون بجدة الى سمو أمير منطقة مكة المكرمة سمو الامير عبدالمجيد بن عبدالعزيز فانه سيدرك لا محالة بان هذه المدينة بل والمدن الأخرى في المنطقة الغربية مقبلة على نهضة ثقافية وحضارية كبيرة وان لدى سموه خططاً معدة لهذا الغرض يساهم القطاع الخاص فيها بنصيب وافر سوف يشاهد ويبرز في أقرب وقت، وان التحفز الذي لمسناه لدى سموه واهتمامه بكل ما يخدم الفرد ويقدم له الثقافة السعودية في احلى معانيها من خلال المراكز الثقافية في كل من مكة المكرمة وجدة والطائف لهو جدير بالمتابعة من الجميع.
لقد قال سموه: ان هذه الأمور الثقافية والتوجهات الحضارية التي تخدم هذه الأمة في عصر العولمة والانفتاح الاقتصادي والإعلامي والثقافي على جميع الأمم من حولنا يجب ان يكون لنا مشاركة فيها، ولكن بشكل منضبط يقدمنا الى العالم وبشخصية مستقلة نعرف بها بين الأمم وهي شخصية عربية مسلمة، اذا ساعدت الظروف مدينتنا الغالية جدة فسيكون لها نصيب يذكر من الثقافة في قادم الأيام، اعني برامج ومراكز ثقافية خاصة وانها اصبحت بل هي كذلك منذ فترة ليست بالقصيرة منطلقا لكثير من الزوار والوفود ومن طلاب الاسترخاء على بحرها وشواطئها الساحرة.
وما دام الأمر كذلك وهو تكدس الناس فيها وحول بحرها فلماذا لا يحاول الاخوة من أصحاب الصوالين الثقافية التي اعتادوا ان يغلقوا أبوابها في مثل هذا الموسم الصيف أن يفتحوا أبوابها حتى ولو كلفوا غيرهم بهذه المهمات ما دام أن وجودهم في مثل هذه الأوقات أصبح شبه متعذر,, انني أعرض هذه الفكرة ولا افرضها كما يقولون وأدعو لمدينتنا الجميلة بالمزيد من الاهتمام الثقافي من قبل معالي امينها الأخ الدكتور نزيه نصيف ابن صديقنا معالي الدكتور الأديب والشاعر حسن نصيف أمد الله في عمره، ونحن نريد كطلاب ثقافة من الدكتور نزيه المثقف وابن المثقف ان يشجع فعالياتها الثقافية بالحضور والمساندة وان يتحرك من أجل هذه المدينة من النواحي الثقافية وأن يهيىء لها منطلقات من خلال اقامة العديد من المراكز الثقافية والحضارية، حيث ان هذه المدينة مرشحة لأن تحتل المكانة اللائقة بها بين المدن العربية من حيث الجمال والعمق الثقافي بكل ما تعنيه هذه الكلمة لانها تزخر بأهلها الكرام من مثقفين ومثقفات ورجالات عرفوا بحبهم للثقافة والعلم والعمل فلا يصح ألا تهتم الدوائر والهيئات المعنية وفي مقدمتها أمانة جدة بالشأن الثقافي في مدينة مثل جدة وهي الأم لحضارات تطل على البحر الأحمر الضارب في أعماق التاريخ.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved