أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 20th July,2000العدد:10157الطبعةالاولـيالخميس 18 ,ربيع الثاني 1421

مقـالات

ضحى الغد
مكاوي الأيام!
يعيش الانسان في الحياة على لحظات من الصفاء والسعادة، قد تعقبها لحظات من الكدر والتنغيص! فهو دائماً بين حلو الحياة ومرها، عذبها وعذابها، سعادتها وشقائها، خيرها وشرها، نورها وظلامها!!, هذه هي حقيقة الحياة كما جبلها الله عليها، وهذا هو حظ الإنسان فيها على إرادة الله له.
ولعل هذا التقلب والتغير من مقتضى الفتنة والابتلاء والتمحيص للانسان المكلف، قال تعالى: )كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون( 35: الأنبياء.
وتقول الاخبار ان شابا منعماً مرفهاً لم يعرف بؤس الحياة منذ درج، أقبل على بئر عليه سانية وعامل يسني، فلما صدرت الناقة التي تسني سمع الساني ينوح معها بصدر هذا البيت: )الأيام ما خلن من لاكونه(! فضحك الشاب المنعم قائلا: )إلا خلن، أنا والله ماكوتني الأيام(!, فلما وردت السانية، ناح معها العامل بعجز البيت )ومن لاكونه عابيات اعباه(!, فعبس الشاب وهو يقول: )هذا والله اللي ما حسبت احسابه(!
ويقول الشاعر:


)دنياك يا بن العم هذي مغرا
ولذاتها بين البرايا عواري
تسقيك حلو ثم تسقيك مرا
ولا خير في دنيا حلاها مراري(!

ويقول الآخر:


ما قدر الباري على العبد مقسوم
يسلم ويرضى بالقدر والسلامي
وابصر إلى منه صفا الدهر لك يوم
يكويك مسماره على الكبد حامي!

والعاقل الذي كمل له الإيمان، وحصلت له السلامة، هو من أدرك طبيعة هذه الحياة، وفهم ما جبلت عليه، فاستقبل السرور بنفس شاكرة لا طاغية، وتعامل مع الكدر بنفس مطمئنة راضية!
فلا يغره السرور ويظنه دائما لا يتغير، ولا يفجأه الكدر فيظنه واقعاً لا يحور! فعدة السرور الشكر وعدة الكدر الصبر، والتوازن والاعتدال مطلب هام لتحقيق الحياة السعيدة، فالذي فسق وطغى مع النعيم، يقابله الذي يئس وانزوى وربما انتحر مع البؤس، كلاهما تطرفا في نظرتهما للسرور والكدر!, فلا تيأس إذا تكدر صفو عيشك ومشرب حياتك، اصبر واحتسب وخذ بعرى الإيمان فإن الحال عن قليل تتحول ثم يبدل الله عسرك بيسر ومرك بحلو وبؤسك بنعيم وكربتك بفرج.
إن الصلة القوية بالله وأعظمها )الصلاة( هي دعامتك اذا اشتدت آلامك، والدعاء المتواصل الى الله هو سندك اذا عظمت آمالك بالفرج، فاعرف الله بالشكر والثناء حال صفوك، واعرفه بالصبر والحمد والاحتساب حال كدرك، وما تضيق بك اسباب الحياة الا وتتسع لك اسبابها مرة اخرى ذلك لأن رحمة الله قريب من المحسنين.
عبدالكريم صالح الطويان

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved