| محليــات
الفرح,, السرور,, السعادة,, من العواطف الإنسانية الجميلة (شرط ان لا يكون على مسببها غبار)، وعادة ما يعبر الانسان عن فرحه بطرق مختلفة مثل الابتسامة، الضحك، الهتاف، الحركات الجسمانية الارادية واللاإرادية,,, الخ, وعندما تكون الطرق المذكورة آنفا غير ممكنة او غير مستحبة، فلا بد من اللجوء الى طرق اخرى, كالكتابة مثلا.
المقدمة التي ذكرتها أعلاه كانت ضرورية لتوضيح السبب الذي دعاني للكتابة فأنا لست من كثيري الكتابة ولكن نبأ افتتاح كلية للطب في القصيم (وأختٍ لها في المدينة المنورة) هو بلا شك شيء مفرح، بل مفرح جدا، وهذا ما حدا بي الى مشاركة اخواني القراء هذه الفرحة بكتابة بعض الخطرات حول الموضوع، وان اتطرق لبعض النقاط حول أهمية كلية الطب، خصوصا في الامور اللامنهجية وهي (المنافع والفوائد غير التدريسية)، ويأتي هذا من واقع خبرتي في هذا المجال كاستشاري واستاذ مساعد للامراض الجلدية والتناسلية بكلية الطب جامعة الملك سعود ومستشفى الملك خالد الجامعي قبل ان اتفرغ للعمل في مجمع العيادات الخاص بي.
ان التأثيرات الايجابية لقيام كلية للطب في منطقة ما عديدة ويمكن ذكر بعضها في ما يلي:
اولا: التأثيرات على مهنة الطب والمهن الطبية المساعدة.
مما لا ريب فيه ان وجود كلية للطب يساعد على تنمية وتطوير واستمرارية تدريب القائمين على المهنة من اطباء وفنيين صحيين مساعدين وهيئة تمريضية وهو ما يعرف بالتعليم الطبي المستمر حيث ان الكلية هي التي تقوم بتنظيم الدورات التدريبية واستضافة الندوات والمؤتمرات الطبية كما انها خير من يقوم بالتواصل مع الكليات والمعاهد المتخصصة سواء في الداخل او الخارج من اجل تقدم المهنة والعاملين بها, وتحتوي كلية الطب عادة على مكتبة غنية بالكتب والمجلات والدوريات المتخصصة في شتى فروع العلوم الطبية, حيث تقوم إدارة المكتبة بتأمين أمهات الكتب الخاصة بكل تخصص وكذلك الكتب المهمة في فروع التخصص وتأمين الطبعات الجديدة منها حال صدورها, أما المجلات والدوريات المتخصصة فيتوفر المهم والمشهور منها، وإصداراتها تكون اسبوعية، شهرية أو فصلية واشتراكات المكتبة فيها سنوية متجددة، بحيث تتوفر احدث الاعداد بعد صدورها مباشرة, وعند الحديث عن المكتبة فإنه لا يخفى بالطبع استفادتها من التطورات الكبيرة التي حصلت في السنوات الاخيرة في مجال الاتصالات ونقل المعلومات مثل الانترنت,, كل ما ذكر عن المكتبة الطبية وخدماتها ينعكس على الطبيب الحريص على زيادة وتجديد معلوماته ورفع مستواه العلمي وبالتالي تحسن المستوى التعليمي والعلاجي لمرضاه.
ثانيا: نوعية الخدمة المقدمة للمرضى:
من المعلوم ان المستشفيات الجامعية في كل انحاء العالم هي في العادة خير من يقوم بتقديم الخدمة لمرضاها وذلك من خلال وجود اطباء على مستوى عال من التأهيل والخبرة (لأنهم أكاديميون وأعضاء هيئة تدريس في المقام الأول) ومن الطبيعي ان يكون الجو الاكاديمي مفعما بالمناقشات وتعدد الآراء ومن ثم الوصول الى التشخيص الصحيح، خصوصا في الحالات الصعبة, كما ان المستشفيات الجامعية مجهزة تجهيزا جيدا بالخدمات الطبية المساعدة من معامل ومختبرات واقسام اشعة ونحوها, اما في مجال العلاج وما يستجد فيه فتكون غالبا المكان الاول لتطبيق العلاجات الجديدة بمختلف صورها,, هناك نقطة مهمة تختلف فيها المستشفيات الجامعية عن غيرها من المستشفيات العامة وهي وجود التسلسل الاكاديمي (طبيب معيد محاضر استاذ مشارك استاذ) وهذا يؤدي الى العمل بطريقة الفريق الطبي (أو المجموعة التي يشترك فيها الطبيب حديث التخرج مع الطبيب ذي الخبرة الواسعة)، ويكون هذا الفريق مسؤولا عن المرضى التابعين لمجموعتهم او وحدتهم مسؤولية مشتركة وليست مسؤولية فردية لطبيب واحد فقط,, وهذا يجعل اتخاذ القرارات الخاصة بالعملية العلاجية للمريض محور نقاش ومشاورات دائمين بين جميع اعضاء الفريق,, والذي يجعل تطبيق هذه الطريقة في العمل ضروريا هو وجوب استمرار العملية التعليمية للأطباء حديثي التخرج وكذلك تقديم احسن خدمة ممكنة للمريض من ناحيتي التشخيص والعلاج، كما ان الذي يجعل تطبيق الطريقة أعلاه ممكنا هو توفر وقت اكثر للأطباء في المستشفيات الجامعية مقارنة بزملائهم في المستشفيات العامة (حيث ان نسبة عدد الاطباء لعدد المرضى تكون أعلى في المستشفيات الجامعية، لأنها مستشفيات تعليمية).
ثالثا: البيئة المحلية:
من المعروف ان الجامعات والمعاهد والكليات هي المكان الامثل لاجراء الدراسات والبحوث, ووجود كلية طب في منطقة ما يساعد على اجراء الدراسات الميدانية على معظم المشاكل الصحية المحلية وبعض الامراض المستوطنة في هذه المنطقة وهذا يؤدي الى تحديد المشاكل الصحية بصورة أدق من حيث الحجم، النوعية، الخصائص,, الخ، وبالتالي يسهل إيجاد الحلول المناسبة لها, وفي هذا المجال فإن تعاون المواطن مطلوب ومهم، وقد يكون هذا الكلام سابقا لأوانه ولكن إعطاء المعلومة الصحيحة والدقيقة من قبل المواطنين للباحثين والتعاون معهم هو بلا شك دعم كبير لجهودهم وعملهم, وعند الحديث عن تعاون المواطنين فإنه يطفو الى السطح موضوع مهم وحساس (والذي قد لا يعرفه غير العاملين أو من عمل في كليات الطب) هذا الموضوع الحساس هو اعتقاد بعض المواطنين ان طلبة كلية الطب والاطباء حديثي التخرج يتعلمون فيهم،, طبعا هذا الاعتقاد غير صحيح إطلاقا ونابع عن جهل او قلة وعي من هذا البعض, فالصحيح ان طلبة الطب يتعلمون ولكن ليس على حساب صحة المريض وإنما بالطرق المثلى السليمة، مثل اخذ التاريخ المرضي مشافهة من المريض، والقيام بفحصه سريريا، ودراسة نتائج تحليلاته ومتابعة تطورات حالته,, الخ, وكل هذه الاشياء تتم بالطبع تحت إشراف اساتذته، ومن البديهي ان الطالب لا يقوم البتة باجراء تحاليل او وصف علاج للمريض, اما بالنسبة لطبيب الامتياز (طبيب السنة التدريبية الإجبارية) فإنه يخدم المريض من خلال الاتصال المستمر مع المشرف على تدريبه وتنفيذ تعليمات المشرف وإرشاداته وتوجيهاته فيما يخص المريض وعلاجه من جميع الوجوه.
وبالمناسبة اهنئ المواطنين في منطقة القصيم خاصة ووطننا الغالي عامة على هذا الحدث الكبير وهذا الامل الذي تحقق والذي جاء في وقته المناسب نتيجة للعناية التي توليها قيادتنا الحكيمة لدعم خطط التعليم الطموحة، كما اهنئ الزملاء القائمين على هذه الكلية الفتية وارجو الله ان يعينهم ويوفقهم في أداء رسالتهم الكبيرة انه سميع مجيب,.
* دكتوراه أمراض جلدية وتناسلية ألمانيا . استشاري وأستاذ مساعد بكلية الطب جامعة الملك سعود (سابقا).
|
|
|
|
|