أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 17th July,2000العدد:10154الطبعةالاولـيالأثنين 15 ,ربيع الثاني 1421

عزيزتـي الجزيرة

مكاشفات,, للمدير العام
عزيزي المدير العام في أي موقع كنت, السلام عليكم ورحمة الله.
يشهد الله جل جلاله أنني لم أشأ أن أزعجك بكتابتي إليك,, ولكن شيئاً اجده لك في نفسي من واجب النصح والمحبة في الله جل جلاله تلك المحبة التي امتزجت فيها مشاعرالصحبة والأخوة,, بل والله والأبوة فكان كل الموظفين يجلونك بعين التقدير والمحبة والإكبار,, ولا أقول بعين المجاملة التي ظاهرها النقد والنصح وباطنها البغض والاحتقار,, جعلنا الله وإياك وجميع المسلمين من أهل الصدق والنصح والوفاء والإخلاص,.
وتلك المحبة والتقدير,, وذلك المقام القدير,, وغير ذلك كثير,, كان بسبب ما منّ الله عليك من حسن توفيق,, وإعطاء كل شخص مسؤوليته ودوره وسماعك للنصح والإرشاد من الصغير قبل الكبير ومن القريب والبعيد, وإيمانك بأن ما تقوم به ما هو إلا عبادة لله كغيرها من العبادات الجليلة بل ربما لها زيادة فضل عند الله لأنها تصب في صالح الوطن والمواطن، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (ان أحب الخلق إلى الله أنفعهم) يعني لنفسه والناس من حوله,, ومن هنا أحببت مكاشفتك على الورق بما والله أستحي منك أن اقوله أمامك لكريم مقامك عندي وهي تدور حول نقاط تهمك جداً,.
- الإدارة: من أساسيات الإدارة الناجحة أنها تكسب ولا تخسر,, وأنها توفق ولا تلفق,, وأنها تنصح ولا تفضح,, وتصارح ولا تجامل حتى ولو كان ذلك سيؤثر سلباً على سير العمل، فلكل جسم فترة مرضية لا بد ان يمر بها ثم يتعالج منها ثم يطيب فلربما كان أصح من سابق عهده قبل المرض,, بل لربما ان مرضه سبب لعافيته فكما قيل رب ضارة نافعة,.
- المدير: هو في مقامه ظل للجميع,, وفيصل بين طريقين,, وربان لمركبة الدائرة,, وهادٍ لمن يسير وراءه على طريق العمل,, ومع هذا وذاك ليس يعاب باتخاذه أعواناً,, أو أن يجعل له مستشاراً,, أو يسمع ممن أقل منه مرتبة وقدرا, وإذا ما احس من نفسه بأنه اصبح يشعر أنه بذلك يعاب فقد دب الغرور الى نفسه,, ورأى جمال صنعته,, وأصبح ينتظر الثناء والجزاء ممن هم فوقه وتحته,, فإذا لم ينظروا اليه فتّ ذلك من عضده ونكس على ظهره,, وأصبح يضع خطوة الى الأمام,, وخطوات الى الخلف,, والطامة الكبرى أن لا يرى ذلك إلا من حسن توفيقه,.
- الموظف: هو آلة العمل,, وترجمان النظام,, وتجسيد لما عليه الإدارة من صدق وإخلاص ووفاء,, أو غير ذلك,, بل هو والله المرآة التي تنعكس عليها نوايا الإدارة الحسنة وغيرها وقديما قالوا:


إذا كان رب البيت بالدف ضارباً
فشيمة أهل البيت كلهم الرقص

وفي المقابل فإن الموظف هو مسئول الغد,, وخليفة الإدارة الحالية من بعدها,, ونحن أمة يخلف بعضها بعضاً,, فلولا ذلك لما وصلت اليك من غيرك,, جعلنا الله وإياكم خير خلف لخير سلف.
ولكي ترقى الإدارة بموظفيها الى أرقى مستوى فلابد من مراعاة أمور من أبرزها:
أن لا تخشى الإدارة على نفسها من موظفها بتربيتها له.
فكم من إدارة قاصرة النظرة تنظر الى موظفيها وتعاملهم على هذا الاساس أنهم ضوارٍ يتربصون بها كل فرصة,, ومن ثم تسوسهم بسياسة: رب جروك يأكلك,, أو جوع كلبك يتبعك,, فتظل الدورات والمميزات والفرص الممنوحة بل والدراسات حبيسة الأدراج خشية أن تتضخم المراتب فيزحم بعضها بعضاً.
- أن لا تنظر الإدارة الى موظفها على أنه نكرة تعرف باتصاله بها,, أو بخدمته لها,.
- أن لا تشعر الإدارة بأن لها سابغ الفضل بعمل موظفها عندها,.
وفي المقابل يجب على الإدارة ان تستشعر أن غيرها ينتظر انتقاله إليها ممن يعرف له قدره,, ومكانته,, وجميل دوره,, وعظيم مساهمته,, وكل في مقامه ومركزه.
- أن لا يشعر الموظف أن الإدارة تدفعه عن الاستمتاع بحقوقه الوظيفية بكلتا يديها,, مما يجعله يعيش حالة دائمة من سوء الظن بها وبمن حوله,, يتولد بسبب ذلك لديه شعور مرير ملؤه الحسرة والحسد على كل فرصة تأتي فتكون من نصيب غيره ظناً منه أنه كان صاحبها فحرمته الإدارة منها لصالح زميله,, وهكذا دواليك,, فتجد الإدارة تراوح مكانها بسبب مشاكلها الداخلية,, وتفشي أسرارها بسبب لجوء البعض الى (الواو) ذات السحر العجيب,, وإذا دخلت (الواو) الى دائرة ما فقد ارتفع ميزان العدل منها,, فلها مفعول السحر,, وشتان ثم شتان بينها وبين الشفاعة الحسنة,.
- أن لا يشعر الموظف ان الادارة تنظر اليه على انه حاجة لجأت إليها حتى يتوفر البديل.
- أن تستشعر الإدارة ان الموظف لديها في الوقت الذي تستطيع ان تقول له مع السلامة,, هو أيضا قادر كل المقدرة على ان يترك عملها في أي لحظة يستشعر معها أنه تهان فيه الكرامة.
الزميل في العمل: لو شاءت الإدارة جعلته لك كالجارة الضارة,, يبادلك شعور الكره والبغضاء,, ويظل يحسدك على النوال,, بل والله ويتمنى لك عاجل الزوال.
في المقابل ولو شاءت الإدارة لجعلته لك نعم الحميم,, بل أشد من الأخ الرحيم,, وذلك بأمور:
- أن تصم أُذنها عن سماع حديث البعض في البعض,, والوشاية التي تظهر من ورائها الغاية جلية.
أن تنمي روح التنافس الشريف,, وتجعل مجالاً فسيحاً ومضماراً كبيرا للتسابق المثمر,.
الجزاء من جنس العمل: اصل في كل عمل,, بل من اعظم مقتضيات العدل ان الجزاء من جنس العمل، فكما ان من مصلحة العمل ان يكافأ المحسن على إحسانه,, فلا بد أيضا ان يحاسب المجتهد على خطئه ولو كان شعلة في العمل,, بل حتى ولو كان يتوقف على وجوده سير العمل,, لأن ذلك يدفع الغرور عن النفس البشرية,, ويدل على عوار النفس,,
وأما درء تطبيقه فلربما يشفع له جميل صنعه,, وسابق إحسانه,, فهذا يتكىء على قاعدة: (ولا تنسوا الفضل بينكم).
الشكوى ألم في نفس الموظف,, ووجيعة تضمها أحشاؤه,, فلا يصح أبدا ان تتحطم على شاطىء باب المدير وتذهب زبداً جفاءً وكأن شيئاً لم يكن,, بل تجد الشعور ينقلب وكأن صاحب الشكاية صار سبباً في فساد كل الحكاية.
المدح والذم: داء ودواء,, ونعمة ونقمة,, استدامة سماعه تفسد للود كل قضية مدحا كان أو ذماً,, ولا يخفى على نظرك البصير ان من مدحك بما ليس فيك فهو المتملق,, والبلية العظيمة أن تصدق كذبه,, فتنخدع ممن أمنت منه الخديعة وهو أقرب شيء إليك أعني نفسك المغرورة.
ثم إن الذم في الوجه أو النقد المباشر,, ولو كان حارا ليس شراً كله,, أو يدفعه شعور بالكراهية والعداء والندية,, او بسبب تمني زوال شخصك الكريم,.
كما ان النفس لا تقدر ان ترى كل عيوب نفسها,, ولا تستطيع ان تصف الدواء لجميع دائها,, والا لما احتاج الناس مع تلك الحال الى طبيب,, ولا تشوّفت القلوب الى كلام واعظ,, وتشنفت الآذان لسماع قول ناصح,,
ليس من العيب ان تنفي الإدارة الريبة عن نفسها في حالة حومها حولها,, حتى ولو كان المرتاب موظفاً صغيرا او مسئولا كبيرا,, فالأشياء لا تصفو إلا بكثرة الغسل والتنظيف.
المشورة والشفاعة: هما خير بطانة,, وأعظم وشيجة بين المدير والعاملين,, لا تعارض بين المشورة ورجاحة العقل,, ولا غضاضة في قبول الشفاعة, ومن اكبر عوامل بناء الشخصية حاشا ان تكون في أمر محرم أو عيب لا يمكن ستره,, في المقابل إن التزمت للرأي مقت من الآخرين لأنه دليل على احتقارهم,, وعدم قبول مبدأ الشفاعة الغاء للود بين أهل الوداد فما بالك بغيرهم من اصحاب العلاقات المؤقتة.
سعادة المدير العام:
حقيقة انا عاجز عن شكرك,, لما تتمتع به من رحابة في صدرك,, ونصح مع نفسك ومع من حولك رغبة ورهبة لربك,, طاب فيها بين الناس ذكرك,, وسما معها قصدك,, فأثمر جهدك,, فكان الثمر يانعا والدوحة باسقة تفيء ظلالها من حولك من أهل المصالح الخاصة والعامة,, سدد الله على طريق الخير خطوك,, وبلغك من الخير أمنيتك,, وجعلك مباركاً في نفسك وولدك وأهلك ومالك وجميع أمرك,, وتقبل مني خالص التحية والتقدير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والله من وراء القصد.
خالد الرشيد الرشيد
بريدة

أعلـىالصفحةرجوع





















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved