| متابعة
* واشنطن د,ب,أ
منتجع كامب ديفيد بولاية ميريلاند مكان جميل في هذا الوقت من العام فجوه ألطف من جو واشنطن كما ان ارضه مكسوة باللون الاخضر بفضل امطار الربيع الغزيرة.
وفي واقع الامر فإن المنتجع مكان جميل للغاية لدرجة ان الكثير من ضيوفه يرغبون ان يمكثوا فيه طويلا ولا يغادرونه,, وتلك مشكلة يحتمل ان يواجهها الرئيس بيل كلينتون الذي يستضيف قمة سلام الشرق الاوسط الحالية.
وإذا ما راق المقام لفترة طويلة لضيفيه في المنتجع، رئيس الوزراء الاسرائيلي إيهود باراك والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، فإن ذلك قد يؤثر بالسلب على الجهود الرامية الى إنهاء الصراع المستمر منذ نصف قرن.
ويدرك كلينتون من واقع التجارب السابقة ان أية مفاضوات ينبغي أن يكون لها نهاية ولكنه لم تكن في جعبته مثل تلك النهاية في مفاوضات عام 1999م التي جرت في واي بلانتيشن شرقي ولاية ميريلاند وهو مكان جميل هو الآخر.
ونتيجة لذلك ظل عرفات ورئيس الوزراء الاسرائيلي السابق بنيامين نتانياهو يساوم كل منهما الآخر حتى الساعات الاولى من صباح كل يوم من ايام المفاوضات التسعة المضنية حتى اعلن كلينتون في النهاية انه لا يرغب في المواصلة, وكانت تلك نهاية غير مرضية لمؤتمر لم يتم الاعداد له بشكل جيد.
وكان ينبغي لكلينتون في ذلك الحين ان يقوم ببعض الاعداد للقمة قبل انعقادها بما في ذلك دراسة الوسائل التي استخدمها وزيرا الخارجية الامريكيان السابقان هنري كيسنجر وجورج شولتز.
فقد امضى الرجلان اسابيع في بحث قضايا الشرق الاوسط الشائكة, وادرك الاثنان انه في بعض الاحيان يرغب الجانبان الاستمرار في المفاوضات للأبد, بدلا من التزحزح عن موقفيهما بشأن بعض النقاط المهمة,, ووضع كلا الوزيرين نهاية للمساومات بين الجانبين عن طريق تحديد مواعيد نهائية مصطنعة.
وفي عام 1974م امضى كيسنجر 34 يوما متنقلا بين سوريا واسرائيل في محاولة لاقناع الجانبين بإبرام اتفاق سهل نسبيا حول فصل القوات في مرتفعات الجولان حيث كان يدور بينهما قتال ضار بالمدفعية وكان كيسنجر يلمح للطرفين بأن لديه أعمالا اخرى يجب ان ينجزها.
ولسوء الحظ، أدلى المتحدث الرسمي باسم البيت الابيض آنذاك جيرالد وارن بتصريحات متسرعة قال فيها ان كيسنجر مستعد لمواصلة العملية طالما تطلب الامر ذلك, وعندما أذيع هذا التصريح احمر وجه كيسنجر واستشاط غضبا.
ونفى الوزير على الفور تصريحات متحدث البيت الابيض وذكر العالم بأنه يتعين عليه العودة الى واشنطن لحضور اجتماع من نسج خياله وصفه بأنه حيوي .
وفي عام 1993م كان شولتز يحاول التوسط في مفاوضات لسحب القوات الاسرائيلية من لبنان واستمرت مجهوداته على مدى اسبوعين تشبث خلالها كل جانب بموقفه ولم تكن تبدو في الافق اية نهاية.
وانتهز شولتز فرصة اجتماع كانت ستعقده منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في باريس وقال انه يجب ان يحضره.
وانتهت المفاوضات بتوقيع اتفاق بين اسرائيل ولبنان, غير ان شولتز كانت تعوزه الحكمة لأنه لم يستشر السوريين الذين كانوا يمثلون السلطة الحقيقية في لبنان الامر الذي دفع بالرئيس السوري الراحل حافظ الاسد الى رفض الاتفاق ووصفه بأنه لاغ وباطل.
ولكن مبدأ تحديد موعد نهائي كان فعالا على اية حال.
ومن ثم قام كلينتون عند دعوته لكل من باراك وعرفات الى كامب ديفيد بإضافة موعد نهائي جاهز فقد أعلن انه يجب ان يتوجه الى الاجتماع السنوي لمجموعة الثمانية الذي يعقد في جزيرة اوكيناوا اليابانية منتصف الاسبوع المقبل.
ويدرك أي من يحضر مثل تلك القمة المتعددة الاطراف ان أغلب النتائج تم التفاوض عليها مسبقا بواسطة المساعدين الذين قاموا بالاعداد للقمة.
والاجتماع في حد ذاته ما هو بالاساس الا مناسبة لالتقاط الصور والقاء الخطب المعدة سلفا, وإذا ما كان هناك عمل فعلي يتم خلال الاجتماع فإن الوزراء الحاضرين هم الذين يقومون به على هامش الاجتماع.
ويستطيع نائب الرئيس الامريكي آل جور انجاز هذه المهمة بسهولة حتى وسط حملته الرئاسية.
غير ان كلينتون كان بحاجة الى موعد نهائي ليقول من خلاله لضيفيه عرفات وباراك ان اجتماع كامب ديفيد لابد وان يصدر عنه قرارات، وان التلكؤ في التوصل الى نتائج ملموسة ليس تكتيكا تفاوضيا مقبولا.
وسيرى العالم الاسبوع ما إذا كان هذا التكتيك قد نجح أم لا.
|
|
|
|
|