| الاقتصادية
تأتي الصحة في مقدمة اهتمامات أي بلد باعتبارها أمناً يتحقق منه العديد من الآمال والأهداف التي منها تنبعث البهجة والطمأنينة لدى أفراد المجتمع، ودون أن يكون هناك وقاية وعناية بالشؤون الصحية عامة، تتفشى الأمراض في المجتمع التي منها ينتج مجتمع سماته التخلف وعدم الإدراك وتدني الوعي الاجتماعي فيه, والوقاية الطبية ركن وهدف أساسي في مجال العناية الطبية عامة كما لا يتأتى النيل منها بتفعيل دورها تجاه مواطني أي بلد فحسب بل يشمل المقيمين أو القادمين اليه وبكافة جنسياتهم استنادا الى مبدأ الوقاية خير من العلاج وبهذا فإن المملكة اعطت القطاع الصحي اهتماما بالغا لأهمية هذا القطاع لأي مجتمع.
وفي هذا المقال نسلط الضوء على اللياقة الطبية للعمالة الوافدة الى المملكة وكيفية التأكد من اجتيازها طبياً لكافة الأمراض ضماناً لسلامة أرواح الجميع مواطنين ومقيمين، وما هي التدابير الواجب توافرها محلياً ودولياً تجاه هذه العمالة الوافدة فضلاً عن وجوب ضوابط إدارية لتفادي حدوث اكتشاف أمراض لدى العمالة, واستشعارا من المسؤولين الحكوميين ذوي العلاقة بالشؤون العمالية عامة والمتخصصين في المجال الطبي على وجه الخصوص فقد تم اتخاذ تنظيمات عديدة للتأكد من سلامة الوافد صحياً فقد شرعت سابقاً وزارة الصحة بالمملكة بتحديد مراكز صحية بالخارج وفي بعض من الدول التي صرح بالاستقدام منها بأن تخضع العمالة الوافدة من تلك الدول لكشف طبي عام لدى هذه المراكز يضمن لياقة العامل الوافد طبياً خصوصاً خلوه من الأمراض السارية والمعدية وأية امراض قد لا تؤهله للعمل القادم من اجله والتأكد من عدم وجود حمل لدى الوافد اذا كان أنثى, وبعد أن تم انشاء مكتب تنفيذي لمجلس وزراء الصحة بدول مجلس التعاون الخليجي انبثق من ذلك المكتب لجنة تختص باختيار وترشيح المراكز الصحية بالخارج لأهمية هذا القطاع، ومن أهم ما أتى به هذا المكتب من تنظيمات عديدة تجاه المراكز الصحية بالخارج هو انه من اصل 10 واجبات ومسؤوليات على هذه المراكز تأدية جميع الفحوص المطلوبة طبقاً لإستمارة الفحص الطبي المعتمدة من قبله والعديد من الضوابط والتنظيمات الأخرى التي تحقق السلامة الصحية عامة, كما أن من التنظيمات الأساسية التي تتخذها الإدارات القنصلية بالخارج بسفارات دول مجلس التعاون عامة والقنصليات السعودية على وجه الخصوص عند تقديم جوازات السفر لإصدار تأشيرات الدخول للوافدين ولأي غرض يتطلب الأمر معه ارفاق تقرير طبي للتأكد من لياقة الوافد الطبية وان يكون صادراً من احد المراكز الصحية المعتمدة, وبعد وصول هذه العمالة الوافدة الى المملكة يلزم الأمر عند طلب اصدار اقامة نظامية للعمل ان تتم اعادة فحص هذه العمالة من جديد للتأكد من لياقة الوافد الطبية من خلال كشف عام عليها.
ومما لا شك فيه ان كل هذه التدابير والاجراءات تعد تنظيماً متطوراً يضمن للجميع الحصول على عمالة وافدة لائقة طبياً, لكن هناك سلبيات لاتزال قائمة ويحتاج الأمر معها الى ايجاد ضوابط أكثر دقة ليضمن الجميع ان هذه العمالة لا تحمل معها اية امراض معدية او مزمنة عند قدومها ومن السلبيات المشاهدة مايلي:
عزوف نسبة لا بأس بها من المواطنين بعد قيامهم بإعادة الفحص الطبي على عمالتهم القادمين للعمل خصوصاً العمالة المنزلية حيث يرون عدم الحاجة لاستخراج اقامة نظامية للعمل لهذه الفئة من العمالة،خصوصاً الأسر التي لا تنتقل بهذه العمالة معها في الداخل او الخارج، بهذا لا تجد جهة تلزمها على إعادة الفحص الطبي لإصدار تقرير طبي بذلك، معتمدة في ذلك على التقارير الطبية الصادرة في الخارج وهذا فيه من التفريط لأن الاعتماد الكلي على الكشوفات الطبية الخارجية لا يطمئن لعدم توافر الدقة احيانا في تلك الكشوفات، فضلا عن عدم توافر الاجهزة الطبية ذات التقنية العالية لدى المراكز الصحية في البلدان المصدرة للعمالة خصوصاً النامية منها فضلاً عن البعد الرقابي على تلك المراكز، مع التقدير البالغ للمسؤولين في سفارات خادم الحرمين الشريفين بالخارج الذين يؤدون دوراً يشكرون عليه رقابياً وعقابياً وبالتعاون مع مسؤولي المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة بدول مجلس التعاون المتمثل في ايقاف بعض المراكز الصحية من التعاون معها وذلك المخالفة منها، هذا فضلا عن اخطار المسؤولين بوزارة الصحة بالمملكة عن اية تجاوزات غير نظامية في هذا الخصوص, كما ان الملحوظ على بعض الاسر ان من الأسباب التي ادت الى ان يهملوا إعادة الفحص الطبي هو عدم الاكتراث باصدار الاقامة لعدم الحاجة اليها للأسباب آنفة الذكر ولأنه على حد قولهم بالامكان رحيل العمالة لاحقا دون اصدار دفتر الاقامة والاكتفاء بدفع الغرامة المالية المطلوبة.
الإلزام بإعادة الفحص الطبي المتمثل في إصدار تقرير طبي للعمالة، ان هذا التنظيم يختص بفئات معينة من العمالة المنزلية ومزاولي مهنة التغذية عامة، وفي هذا الجانب يفترض إعادة النظر في هذا التنظيم لتكون اعادة الفحص الطبي شاملة لجميع العمالة وبكافة فئاتهم للتأكد من صحة وسلامة الجميع وألا تقتصر إعادة الفحص على فئة دون أخرى.
وبالنسبة للضوابط والتنظيمات الواجب تقنينها لضمان السلامة الصحية لدى جميع العمالة يقترح ما يلي:
ان يتم الزام كافة العمالة بإجراء كشف طبي عليهم مهما كانت مهنهم وجنسياتهم وألا يتم إصدار إقامة للعمل إلا بذلك التقرير الصادر في الداخل.
تفعيل دور وزارة الصحة داخلياً في التوعية والارشاد للمواطنين بضرورة إعادة الفحص الطبي للعمالة الوافدة وان يتم ذلك خلال الأسبوع الأول من وصولها، وللأمانة في هذا الجانب فإن الوزارة سبق وان اصدرت ارشادات توعوية من هذا النوع.
إيجاد ضوابط ذات عقوبات مالية وان كانت ذات فاعلية متواضعة للكفلاء الذين يتأخرون في إصدار تقارير طبية لعمالتهم وذلك عند اكتشاف ذلك الأمر حال إصدار الإقامة لعمالتهم متأخرا أو عند رحيل عمالتهم وتبين لاحقا عدم وجود كشف طبي لهذه العمالة أو ان الكشف كان متأخراً لشهور او سنوات.
إيجاد ضوابط ذات عقوبات يفترض ان تكون رادعة للمراكز الصحية بالخارج عند اكتشاف حالات في الداخل غير لائقة طبياً مع علمنا ان وزارة الصحة او المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة الخليجي لديهم عقوبات منها ايقاف التعاون وقتيا مع المركز المخالف وقد تصل عملية الإيقاف احياناً الى ستة اشهر أو سنة كاملة أو ايقاف التعاون مع المخالف نهائياً وذلك حسب حجم كل مخالفة، والمطلوب هو المزيد من العقوبات خلاف ذلك، بأن يتم تحميل مصاريف إعادة العمالة غير اللائقة طبياً وسداد رسم تأشيرة الدخول مرة أخرى وتعويض الكفيل بمستقدم آخر على نفقة المركز المخالف حتى يكون المواطن ايا كان فردا او وسيط استقدام بمنأى عما يترتب جراء إعادة العامل غير اللائق طبياً من مصارفه لا دخل للجميع فيها.
سعي المسؤولين في المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة بمجلس التعاون الخليجي بأن يتم تحديد مراكز صحية أخرى لإصدار تقارير طبية للعمالة الوافدة في كافة الدول المصرح بالاستقدام منها حيث ان هناك دولا لم يتم اختيار وترشيح مراكز صحية بها بالرغم من انها ضمن الدول المصرح بالاستقدام منها خصوصاً للمملكة.
وضع لوحات إرشادية وتوعوية بضرورة إجراء الكشف الطبي على العمالة الوافدة خلال الاسبوع الأول من وصولها، وذلك في صالات المطارات خصوصاً بالقرب من مكاتب القادمات للعمل والموانئ البحرية والبرية وكذا لدى إدارتي شؤون الاستقدام بوزارة الداخلية والشعبة القنصلية بوزارة الخارجية وفروع هاتين الجهتين في كل من مدينتي جدة والدمام حيث ان هاتين الإدارتين هما المعنيتان بإصدار تأشيرات الوافدين عامة,
* رجل أعمال |
|
|
|
|