النّخلُ تَبكِي والبَيادِرُ تَدمَعُ
والنّاسُ في فَيحَائِنا تَتَوجَّعُ
سُبحانَ ربِّ الكَائِناتِ قَضَاؤُه
حَقٌّ وَدَمعُ المُوجَعِين تَضَرُّعُ
سُبحانه أقدارُه فِي خَلقِه
تَجرِي بِهِم فإليه يُرضَى المَرجِعُ
إنا لَيُحزِنَنا فِراقُ أحِبَّةٍ
لَكِننا لِفِراقِهم لا نَجزَعُ
نَدعُو لَهُم مُتَضرِّعينَ بِرَحمَةٍ
فالله يَرحَمُ بالدُّعاءِ ويَسمَعُ
بالأمسِ قد طُوِيت بِنُورٍ صَفحَةٌ
فَمَضَى بِها التَّاريخُ شَمساً تَسطَعُ
قَد طافَ فِيها في الدُّجَى أسفارَه
بمُقَامِ صَاحِبها يشيدُ ويَرفَعُ
فَسَمِعتُه فيها تَبَاهَى قَائلاً
نِعم الفتى عبدُالعزِيُزِ القَوبَعُ
نِعمَ الفتى نِعم الفتى وأقُولُها
في كُلِّ يومٍ فيهِ شمس تَطلُعُ
شسمسٌ تُذكِّرُني به وبِبَسمَة
مَجبولةٍ فِيها الصَّفا يتَضَوَّعُ
خُلُقٌ كَريمٌ عاشَه بِسَجِيَّةٍ
ما خِلتُه يوماً به يتَطَبَّعُ
فإذا تَوَارى مِن عُنَيزَةَ ضَوُه
فَلِذكُرِه ضَوءٌ يَعُمُّ ويُتبعُ
رُحماكَ أهلُ عُنَيزةٍ بِفِراقِه
قدُ شَيَّعُوا الرَّجل النَّزيهَ وَوَدَّعُوا
إذ كانَ فَارقهُم بِقَلبٍ طاهرٍ
قد عاشَ مَحمُودَ التُّقى يَتَورَّعُ
بِسَريرةٍ بيضَاءَ نَقَّاها الهُدى
مما يُدَنّسُها فَطابَ المنبعُ
مَا كَان يرحَمُه الإلهُ بِنَهجِه
مُتلوِّناً يوماً ولا يَتَصَنعُ
زَرَع القُلُوبَ محبةً فأحَبه
بِبلادِه بمَودَّةٍ مَنُ يَزرعُ
وَرَوَى القُلُوبَ بِحُبِّه فَجَميعُها
في حُبِّه وعَلَيهِ إذ تَتَجمَّعُ
خَدَمَ الجميعَ بِجُهدِه وَبِمالِه
ما رَدَّ منُ في جاهِه يَتَشَفَّعُ
وَرَعَى النِّظام إدَارَةً لِوَظِيفةٍ
بِمُرُونَةٍ لا مَانعٌ لا يُمنعُ
إذ عاشَ يَجمعُ غَيرُه ثَرَواتِهم
قد عاشَ حُباً للمَكَارِمِ يَجمعُ
وًَعرَفتُه مِمن عَرفتُ بلَجنةٍ
خَيريةٍ فيها الجُهودُ تَطَوُّعُ
فَعَرفتُ فٌيه يَقظَةً فِكريَّةً
لا تَعرِفُ التسويفَ لا تَتَضعضعُ
وبَصُرتُ فيه تَوَهُّجاً لمدينةٍ
تَرعى الوفاءَ وبالوَفاءِ تُشَيِّعُ
تحيا عُنَيزةُ نَبضةً في قَلبه
يَحيا بها وبِها يُسَرُّ ويَقنعُ
وَبلَجنةٍ أخرى وأُخرَى لم يَكُن
متأَخِّراً فهوَ الدَّؤُوبُ المُبدعً
رجُلٌ عَرفتُ الجدَّ بعضَ صِفاتِه
وعَرفتُه مَرحاً فلا يَتقوقعُ
مَن حوله بِسعادَةٍ سَعدت بها
أيامُهُم وقُلُوبُهم والموقِعُ
قدُ كانَ بَرّاً صادقاً مُتَعَفِّفاً
يَسعى إلى بِرِّ الجميعِ ويُنفعُ
لم يعرف الحسد الكريه فؤادُه
والحقدُ عنه بالتسامح يُمنَعُ
فإذا بَكَيتُ عليه شِعراً إنَّما
شِعري يَطُوفُ على الجميعِ ويسمَعُ
شِعري شُعُورُ النَّاسِ في فيحائِنا
وصًدًى مواقِف عاشَها يَتَجمَّعُ
فالنَّاسُ إن ذَكَرُوا بِخيرٍ راحِلاً
بعد الرَّحيل، على الحقِيقةِ أجمعُوا
فأقُولُها والمُنصفُون له مَعى
نِعمَ الفتى عبدُالعزِيزِ القَوبَعُ