| مقـالات
مجددا يحرر الأمير الفنان خالد الفيصل إضاءة مشرقة للفكر السعودي على ساحة توحيد الصف العربي الذي مزقته خلافات السياسة، وعجز الفكر الشتات التابع لتلك السياسات المتباينة عن الفعل الحقيقي لتحقيق الحلم العربي الواحد، بل وجدف كثيرا ضد تياره.
في مؤتمر الثقافة العربية ما بعد عام 2000م المنعقد في العاصمة اللبنانية بيروت أواخر شهر صفر الماضي,, اقترح سموه في كلمته التي افتتح بها المؤتمر إقامة مؤسسة أهلية للفكر العربي بهدف توحيد هذا الفكر بمختلف قنواته واهتماماته,, واستثمار الأفكار العربية المبدعة,, وعلى أن يتم ذلك كله بالنظر إلى المصلحة العربية العليا والتجرد التام عن الإقليمية أو الحزبية.
وبحكمته المعهودة وجرأته في الحق ابتعد سموه بالحلم الرومانسي عن أشواك ودهاليز السياسات المتباينة حتى لا يصبح المشروع مجرد حفنة عسل تلقى في المحيط المالح,, وكيف تؤثر قبضة عسل في كل هذا الملح الأجاج وكيف لها أن تحيله إلى عذب فرات؟!
وفسر سموه من خلال اللقاءات المقروءة والمرئية رؤيته بأن تقوم المؤسسة بأيدي أناس لا صلة لهم بالدولة هنا أو هناك حتى لا تتعثر خطاها، ومن أجل ذلك وجه خطابه إلى رجال الأعمال العرب والموسرين بصفتهم الشخصية الفردية، كي يمولوا المشروع بريع وديعة يتساهمونها ويبقى الأصل ملكا لهم بنسب حصصهم، وبذلك يسجل التاريخ لهم بالفخر رعايتهم هذه المؤسسة الواعدة.
وقد لقي المشروع تجاوبا فوريا، وحظي بنصيب إعلامي في موقع إعلانه، وفي دول عربية أخرى، وتلقّى سموه عدة اتصالات مؤيدة ومباركة.
الهدف النبيل للمشروع,, ودور (السعودية) صاحبة المشروع ممثلة في (الأمير),, يدعونا لأن نتفاعل معه بتسليط الضوء الإعلامي (المسموع والمرئي والمقروء)، بإجراء المقابلات مع المهتمين والمتخصصين وعقد الندوات والحوارات بالقدر الكافي، لمناقشة أهدافه وتقديم الاقتراحات حول ورقة العمل التي أعلنها سمو الأمير خالد عن تصوراته للمشروع، ولابد أن نشيد هنا بالمصداقية والشفافية التي تبدت من خلال أحاديث الأمير الذي أكد في كل مرة أنه لا يريد أن يُنسب المشروع إليه لا إسما ولا ميزة، وأنه لا يفرض ما ارتآه ولكنه يعرضه على جمعية المؤسسين في اجتماع سوف يحدد موعده قريبا، والذي من المنتظر أن يخلص إلى وضع اللائحة العامة للمشروع متضمنة كافة التفاصيل التي يتفق عليها المؤسسون,, بل إنه أبعد من ذلك أعلن استعداده (للتقاعد) من المشروع إذا ارتأى المؤسسون ذلك، وكان سموه حريصا في رؤياه على إذابة كل الحساسيات فاقترح أن يتداول المؤسسون رئاسة المؤسسة، وأن تقام الاحتفالية السنوية في العواصم العربية تباعا.
وفيما أكد أن أهداف المؤسسة لا تقتصر على الثقافة والفكر بمعناهما الشائع، من حيث يتعلقان في أذهان العامة بالآداب والفنون الإنسانية فحسب، بل يتعدى ذلك إلى كافة ألوان الفكر البحثي في كل العلوم الإنسانية والتطبيقية على السواء،بل لعله ينحو أكثر نحو العلوم التطبيقية لضآلة نصيب الوطن العربي منها، رغم وجود الأدمغة العربية في كل التخصصات، التي تعطي لقاحها في الخارج حيث تلقى المناخ العلمي المشجع والداعم بلا حدود,, وهكذا نظل أمة مستهلكة وناقلة دون دور فاعل في المنظومة العالمية.
وأما التظاهرة الاحتفالية التي توقف عندها الكثيرون على أنها المنشط الوحيد للمؤسسة، فقد اكد سموه أنه إنما يضرب بها مجرد مثال لما يمكن أن يختتم به النشاط السنوي للمؤسسة، والذي لابد أن يشتمل على فعاليات أخرى كثيرة في مضامير تحقيق أهداف المؤسسة المتعددة، وحتى الاحتفالية السنوية ذاتها لابد أن تشتمل على مجموعة من الفعاليات المتنوعة، حصادا للفعاليات القائمة على مدار العام.
الأمر إذن ليس مجرد حفل وشهادات وجوائز، بل هي تظاهرة تحقق غرضا فاعلا من أغراض المؤسسة وهو تشجيع المبدعين العرب في كل المجالات، وفي الوقت ذاته تعطي وهجاً عربياً وعالمياً يدعم المشروع كثيراً,, ويضعه في دائرة الضوء والانتباه.
هل أنا في حاجة بعد ذلك إلى أن أناشد الموسرين ورجال الأعمال الخيرين في وطني وما اكثرهم أن يعضدوا ويساندوا هذا المشروع لينسبه التاريخ إلى (السعودية) فكراً ومالاً؟!
|
|
|
|
|