أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 16th July,2000العدد:10153الطبعةالاولـيالأحد 14 ,ربيع الثاني 1421

عزيزتـي الجزيرة

الأرزاق بيد الله
أنماط العقاريين وهواجس النجاح
عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشروع المكتب العقاري من اقل المشاريع تكلفة مالية من حيث التجهيز والتأثيث اذ لا يتجاوز إعداده في الغالب اكثر من عشرين الف ريال بعد السجل العقاري والاجراءات الخاصة به وأستثني هنا المؤسسات العقارية الكبيرة التي تعنى ببيع المخططات وفتح المساهمات.
وكان المفهوم السائد ولا يزال لدى كثير من الناس انه مصدر دخل ومردود مالي جيد لذا انتشرت المكاتب في فترة ما في الشوارع والاحياء اكثر من البقالات ومحلات خياطة ازياء النساء لدرجة ان شارعاً في مدينة بريدة اطلق عليه البعض شارع المكاتب كناية عن كثرة تلك المكاتب وانتشارها في محيط ذلك الشارع وفي نظري ان التجمع والتقارب لاولئك العقاريين وغيرهم من الانشطة الاخرى لا ينعكس بالضرورة سلباً على مستوى دخلهم وارباحهم كما يعتقد البعض بقدر ما يذكي روح التعاون والمنافسة الشريفة بينهم في سبيل الوصول الى خدمة مثلى لزبائنهم وعملائهم اضافة الى انه مجال رحب لتبادل الخبرات وتقاسم العمولات وعقد الصفقات والمناقلات فيما بينهم وخاصة لتلك العقارات الجامدة والتي غالباً ما يتم تحريكها وتسويقها عند انتقالها من طرف الى آخر,وفي كل الاحوال الارزاق يسوقها ويقسمها الواحد الاحد بين العباد وما على المرء الا السعي والمثابرة قال تعالى:نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا وفي هذا السياق المواقف والشواهد كثيرة اذ يروي احدهم ان زبوناً تردد في الدخول إلى مكتبه حينما سمعه يتحدث عبر التلفون وكان حريصاً على بيع ارض كان يحمل صكها فتقدم اخيراً الى مكتب جاره الايمن فاشتراها من جاره بعد عرضها عليه وبدوره باعها لجاره الايسر فاستفاد الجميع من ارض وزبون واحد وفي اليوم التالي باع ارضاً خاصة بجاره الايسر واتضح فيما بعد ان المشتري قريب لجاره صاحب الارض وعندما سأله قريبه عن سبب تعذر مشاهدة مكتبه رغم اقترابه منه قال عندما وصلت الى هذا المكان وجدت نفسي مدفوعاً الى هذا المكتب, والعقاريون عموماً يتفاوتون في امكاناتهم وقدراتهم في التفاعل والتعامل مع شرائح مختلفة من الناس وان كان منهم من يتهمه البعض بالجشع والطمع، ولكي اكون اكثر موضوعية وامانة مع نفسي والقراء احببت هنا ان اشير الى بعض انماط هؤلاء العقاريين من واقع متابعة متواضعة.
النمط الاول: جاد وحازم في ادارة مكتبه ومضاعفة نشاطه يملك من التجربة والقدرة المالية ما يجعله يتنقل بفاعلية من حي الى آخر بسرعة وديناميكية وفق ضوابط معينة واسعار محددة، لديه مهارة عالية في ترويض واقناع معظم زبائنه فاذا ما تقدم البائع يعرض عقاراً ركز على سلبياته ليحصل على اقل سعر ممكن في المقابل يبرز للمشتري ايجابياته ليحصل على اعلى سعر ممكن عندئذ يجمعهما ويكون بذلك صاحب المبادرة في التوفيق بينهما فيكتب عقده وينهي مهمته ويحصل على عمولته بكل يسر وسهولة.
النمط الثاني: لا يملك القدرة المالية الكافية التي تؤهله للشراء والبيع لكن لديه من العلاقات العامة والخبرة والامانة ما يجعل الناس يقبلون عليه ويثقون برأيه ونصحه فهو يتعامل معهم بصدق وشفافية الا انه لا يسلم احياناً من ألسنة البعض فقد يأتيه زبون فيعرض عقاراً لبيعه بمبلغ محدد وينتقل الزبون نفسه الى النمط الاول فيعرضه بنفس المبلغ الا ان الاخير يتمكن من إقناعه ببيعه بسعر أقل في هذه الحالة يرى المشتري الفرق بين سعر المكتبين فيظن بالنمط الثاني الظنون.
النمط الثالث: اقل جدية وفاعلية في ادارة عمله ومزاولة نشاطه فمكتبه اشبه ما يكون بمنتدى يضم فئة تميل الى التهكم ورواية الحكايات والطرف لذا تسمع جعجعة ولا ترى طحيناً ومما ارى ان ارتباط هذا النمط بهذه الفئة بشكل يومي سبب مباشر في نفور معظم الزبائن لا سيما ان الكثير منهم يفضل الانفراد بصاحب المكتب ليقضي حاجته في شيء من السر والكتمان.
النمط الرابع: المتنقل المرتزق لديه معرفة ودراية بأسعار العقار قديمة وجديدة الا انه يفتقر الى مكتب خاص يستقر فيه لذا يعتبر همزة وصل بين العقاريين تراه يتنقل من مكتب الى آخر ليتعرف على ما يستجد من عروض ومن ثم ينقلها ويعرضها على من يراه قادراً على شرائها وفي حالات كثيرة يبرز دوره في مساعدة صاحب المكتب في انهاء الصفقات وذلك بالضغط والالحاح على البائع والمشتري وبالتالي يظفر بما يتكرم به عليه صاحب المكتب.
الخامس: لا تنقصه الخبرة والقدرة المالية وتخونه العزيمة والجرأة في البيع والشراء ومواكبة زملائه الآخرين, قال الشاعر:


لولا المشقة ساد الناس كلهم
الجود يفقر والاقدام قتال

لهذا السبب وغيره تضيع المكاسب من بين يديه ومن خلفه فاذا ما اقدم الآخرون وربحوا قال يا ليتني كنت معهم وان تعذرت ارباحهم قال لو كان خيراً ما سبقونا اليه وهذا النمط لا يخلو في تعامله مع الاسف من المواربة والتدليس مما ينعكس سلباً على امانته ومصداقيته فعندما يعرض عليه ما يعرض من عقار يشتريه ويشترط على صاحبه مهلة زمنية محددة بداعي التفكير والاستخارة ثم يبدأ بعرضه هنا وهناك فان ربح اشتراه والا امتنع عن شرائه لذا يحذر ويتجنب العقاريون التعامل معه لمعرفتهم بأساليبه وخفاياه بل ينعتونه بردي الهقوة وفي هذا الصدد سافر صديقان للتجارة في احدى المدن الساحلية فاشترى احدهما مستودعاً يحتوي على بضاعة متنوعة فطلب الآخر مشاركته فرحب بذلك الا ان الاخير ظل يفكر بالخسارة ولم ينم في تلك الليلة ولما اصبح الصبح طلب من صديقه اقالته فأقاله ومضى صاحب البضاعة الى السوق وباعها بربح وفير ولما عاد سأله صديقه عن بضاعته قال بعتها بهذا المبلغ فندم ولم ينم في الليلة التالية حسرة على تفريطه وهذه الصفة رداة الهقوة لا تنفيها الشهادة العلمية والمركز الوظيفي والثقافي لذلك تجد من يحمل مثل هذه الصفة في اكثر من مجال وموقع اذكر منهم على سبيل المثال مدير المدرسة الذي يصر على اقامة طابور الصباح في جو بارد او ممطر او مغبر خشية مساءلة زائر او مشرف متجاهلاً صحة وسلامة تلاميذه ومعلميه رغم تعاميم الوزارة التي تؤكد على ايقاف مثل هذه الانشطة في مثل هذه الظروف ولا يهون الكاتب الذي سخر قلمه وزاويته في تمجيد الآخرين والثناء عليهم على حساب قضايا الناس وهمومهم اليومية ولا يفوتني تحفظ بعض المحررين في نشر مشاركات في اعتقادي انها خير واجدى من نشر خلافات على قافية او همزة او مشاركات في مجملها مسلمات ومواعظ ونصائح حفظها القراء في المدارس والمساجد.
محمد عبدالله الداود
بريدة


أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved