الأصدقاء الصادقون من زينة الدنيا ومباهجها ,, وقد يأنس المرء للاجتماع بهم وبقربهم , أكثر من أن يأنس بالأقارب من أهله,.
وما ذلك إلا لأنه يلتقي بهم في كثير من العواطف والآراء والأهداف,.
ويأمنهم على أسراره وأخباره ويفضي إليهم بذات نفسه,.
ويكون اجتماعه بهم متنفساً حيث يخرج تلك الرواسب والمؤثرات من صدره,.
فيحس بالراحة والمتعة فيتواصل النشاط.
ولا أزال أحتفظ بالذاكرة ببعض الأبيات التي تسيل رقة وعذوبة وجمالاً, وتمثل قمة الوفاء والصفاء وبعد النظر !!
وإليك هذه الأبيات التي أكتبها من الذاكرة,, وقد يكون دخلها التغيير في بعض الألفاظ إلا أنها في نظري تحتفظ بالأهداف السامية التي أرادها الشاعر عندما أنشأها
وإخوان صدق لست مطلع بعضهم على سر بعض غير أني جماعها يظلون شتى في البلاد وسرهم إلى صخرة أعيا الأنام صداعها لكل أمرئ منهم شعب من القلب فارغ وموضع نجوى لا يرام اطلاعها |
وبعد ألا ترى أيها القارئ الكريم أن هذه الأبيات هي كما قلت آنفاً من النوع الذي يسمو بالذات لقوة مبناها ورقة الألفاظ التي اختارها الشاعر في أبياته.
إنها ابيات تدل على الوفاء وبعد النظر والبعد عما يكدر ويثير البغضاء والأحقاد سواء بين الجماعات أو الأفراد, فإذاعة بعض الأسرار قد تسبب قطع الرقاب، كما يقول شاعر آخر :
(اكتم السر فيه يقطع العنق)
كما أن إذاعة الأسرار تجر حرباً ما بين فريق وفريق ويقول بعض الرجال إن أكثر من يسرب الأخبار ويذيع الأسرار النساء، ويعللون ذلك بكثرة ثرثرة النساء وحبهم للتظاهر أنهن يعرفن أكثر مما يعرف الآخرون, وهذا أمر قد يكون حاصلاً في السابق قبل انتشار التعليم بين الرجال والنساء,
وقبل أن تمارس المرأة معظم الأعمال التي يمارسها الرجال.
وهناك قصة, قد تكون خيالية وقد تكون واقعية تحكى عن أزمان مضت وخلاصة هذه القصة أن رجلا عندما أحس بقرب وفاته طلب ابنه الوحيد ليمنحه بعض (الوصايا) التي تفيده في مستقبل حياته، وتقيه بعض المزالق التي قد يتعرض لها بعض الأشخاص,.
ومن هذه المزالق الافضاء ببعض الأسرار للنساء مهما كان قربهن من الإنسان ,,,!!
ومات والد الفتى وأحب أن يجرب إحدى وصايا والده,, وهي الافضاء ببعض الاسرار للنساء.
واتفق الفتى مع بعض رفاقه أن يختطفوا نعامة السلطان.
وفي غفلة من غفلات الحراس أخذوا النعامة وأودعوها في مكان خفي ووفروا لها جميع ما تحتاج إليه,, وأخبر الفتى أمه بما فعلوا وأعطى أمه قطعة من اللحم زعم أنها من لحم النعامة وأوصاها ألا تذيع هذا السر,, لأن في إذاعته أعظم الأخطار عليه وعلى رفاقه,.
وكان لهذه الأم صديقة تأتيها كل يوم وتأنس بوجودها واخبارها وأحاديثها,, فأعطتها قطعة من اللحم الذي زعم ولدها أنه من لحم نعامة السلطان ,, وطلبت منها ان تحتفظ بهذا السر,.
ولكن العجوز الثانية كانت لها صديقة فأفشت إليها ذلك السر الخطير ,,,!!
وشاع الخبر لأنه كما يقول المثل السر بين اثنين ما يندرى به وإلى درى الثالث تحاكوا به الناس وهو بيت من الشعر الشعبي سار مسار الأمثال وثار السلطان وهاج وبث العيون لاكتشاف من سرق النعامة وأعلن عن جائزة مغرية لمن دله على الفاعل,.
ووصل الخبر إلى السلطان باسم السارق ,, فقادوه إليه وكان الفتى على يقين بأنه سوف يتعرض لأشد العقاب من قتل أو سجن مؤبد أو طرد من البلاد,, إذا لم يفهم هدفه,.
وقيد هذا الشاب إلى السلطان,, وأوجز له الهدف وعرف السلطان صدق الفتى وسلامة نيته,, فعفى عنه وعن جميع من تعاون معه وأمر بإطلاق سراحه,,
والتعامل مع ما كان وكأن شيئا لم يكن,, وانتهت هذه التجربة بسلام ,,, بعد أن انتشر خبرها بين الخاص والعام ,,!
|