| شرفات
كانت ولاتزال البادية السورية منذ القديم مركزاً اقتصادياً هاماً تمتعت بدور بارز في الأنشطة الاجتماعية تمخض عنها مراكزحضارية لاتزال آثارها باقية حتى الآن.
وهذا يؤكد صحة ودقة المعلومات التي تم الحصول عليها من خلال الدراسات التاريخية ومن خلال البعثات الأثرية التي اجريت وتمت بمواقع عدة منهاوهي تدل على مدى الازدهار والتطور الذي وصلت إليه آنذاك وعلى صلة سكانها بالمناطق المجاورة.
وقد قامت البعثة الفرنسية السورية المشتركة خلال مواسم التنقيب السابقة بدراسة على آثار موقع الكوم لعصور ماقبل التاريخ حيث وصلت البعثة في مطلع شهر آب الماضي إلى المنطقة برئاسة البروفسور إيريك بويضة, وكان لنا لقاء مع الدكتور رئيس البعثة الذي أكد لنا بدوره أهمية الموقع وغنى المنطقة بالآثار، وتقوم البعثة بدراسة آثار ماقبل التاريخ,بدأ التنقيب في الموقع اعتباراً من عام 1991، حيث اقامت البعثة مبنى في الكوم شمال شرق تدمر بحدود 130كم للإقامة والراحة ومخابر للدراسة حيث يضم فريق عمل البعثة مجموعة من الفنيين المختصين في مجال الآثار والجيولوجيا والكيمياء العضوية, وعثرت البعثة في الموقع على بقايا عظام، ونباتات وقام الفنيون بدراسة التسلسل الزمني للموقع بدءاً من العصر الحجري القديم والأوسط وحتى نهاية العصر الروماني والإسلامي,وتم التنقيب في موقع أم التلال، حيث تم الكشف عن طبقات سكنية تحتوي على آثار العصر الحجري القديم الأوسط وتم العثور في تلك الطبقات على العديد من العظام والحجارة الصوانية التي كانت تستخدم آنذاك,وتم العثور على بقايا إنسان نياندرتال الذي كان يسكن المنطقة ويستخدم الادوات الحجرية والصوانية في الصيد وفي تقطيع الحيوانات التي كان يتغذى عليها,كما عثرت البعثة على عظام الجمال وبكميات كبيرة مما يشير إلى ان الموقع كان من المواقع الاساسية لوجود الجمال واثبتت الدراسات التي اجريت على التراكيب والمكتشفات أن عمر هذا الموقع يعود إلى 35 الف سنة قبل الميلاد,وتبين من خلال الدراسة التي أجريت على الآثار والملقى المكتشفة في موقع أم التلال والكدير والندوية وعين عسكر وجول (أوب) أن هذه المواقع جميعاً تعود إلى عصور ماقبل التاريخ,وكانت بعثة يابانية قد جاءت الى الموقع في عام (970) وكشفت في حوضة الكوم مواقع أثرية تعود إلى عصور ماقبل التاريخ واكدت البعثة اليابانية اهمية هذا الموقع من الناحية الاثرية وقد اجرت البعثة الفرنسية لهذه المواقع مسحاً شاملاً وبدأ التنقيب فيها لاول مرة في عام 1987 من قبل بعثة فرنسية جاءت الى الموقع بقيادة جاك كوفان وأعطت مؤشرات لدراسة العصر الحجري الحديث واكدت بدورها أهمية الموقع ودعت الى ضرورة متابعة التنقيب في العصر الحجري القديم الاوسط في موقع ام التلال وطلبت البعثة بضرورة القدوم الى الموقع برفقة إختصاصيين للإشراف والمراقبة وتوقف العمل في الموقع حتى عام 1991 حيث تولت البعثة الفرنسية الحالية العمل في هذا الموقع الذي تم العثور فيه على طبقات سكنية تعود لفترات استيطان الإنسان الذي استمر في هذاالموقع اكثر من (100) الف سنة,وتبين من خلال الدراسة ان هذا الموقع يعتبر فريداً من نوعه من حيث الاهتمامات الاثرية، فقد بقيت الطبقات السكنية محافظة على وضعها وبشكل جيد مما ساعدنا على إجراء الدراسة والمتابعة لحلقات التتبع ومكننا من دراسة كل طبقة استيطانية على حدة وبصورة منفردة عن الطبقات للمجموعات السكنية، وذلك من حيث ظروف الحياة الاجتماعية والاقتصادية والعلاقات بالجنس البشري والتعاون، وتبين أيضاً من خلال العمق في الدراسة قدرة الإنسان القديم على التفكير والاستيعاب لتأمين حاجاته الضرورية للعيش والحياة والتأقلم مع البيئة الموجود فيها,كما تم العثور على مادة الأسفلت في الموقع ويعتبر هذا الاكتشاف فريداً من نوعه في العالم لان إنسان هذاالموقع استخدم الاسفلت بوقت مبكر جداً وكان يستخدمه آنذاك في إلصاق أدواته الصوانية على قطع من خشب كي تساعده في الصيد والتحكم في الاستخدام في القضاء على الفريسة.
وتم العثور على نبلة سهم في هذاالموقع كانت ملصقة عليها بقايا اسفلتية وقد تم تسليمها إلى المديرية العامة للآثار وهي الآن معروضة في متحف دمشق الوطني.
ونتيجة المتابعة في التنقيب تبين في الموقع وجود ست طبقات سكنية او الطبقة الموستيرية التي تعود الىحوالي (60) الف سنة قبل الميلاد، وكان يتم تأمين الأدوات الصوانية من مناجم للصوان قريبة من الموقع جنوب غرب ويتم تصنيعها للدفاع عن النفس وقضاء الحاجة اليومية، حيث كان يذهب إنسان الكوم للصيد ويعود بالحيوانات ليأكل لحومها وفق الحاجة فقط.
وقد عثر على وجود عظام الجمال وعظام الحمار بصورة كاملة، لأن إنسان الموقع كان يستخدم جلد الحمار وأمعائه في عمليات الشد وربط الفريسة وليس فقط للأكل.
ولم يعرف إنسان نياندرتال في الكوم البدائي الزراعة بل كان يتنقل للصيد والالتقاط وعثر في موقع الكدير والكوم رقم (2) اللذين يعتبران بداية الاستيطان والتحرك وبناء البيوت، وعن الزراعة تم العثور علىبعض النباتات التي تعود الى العصر الحجري الحديث حوالي ستة آلاف سنة قبل الميلاد وهي بذور للقمح والشعير والعدس والعثور على الكلب والبقر والغنم والحصان وهذا يدل على استمرارية عمل الإنسان في الصيد للعيش إضافة الى الزراعة التي كان يأخذ منها الإنسان حاجته فقط .
|
|
|
|
|