| شرفات
* يحتل الناقد والروائي المغربي د,محمد برادة مكانه مهمة في الادب المغربي والعربي عرفته الساحة الادبية ناقدا متميزا وطغت شهرته كناقد عليه كروائي رغم اصداره لثلاث روايات اضافة لمجموعة قصصية واحدة كانت باكورة انتاجه الادبي.
شارك د, برادة في تأسيس اتحاد كتّاب المغرب الذي قام بتنيظم اللقاء الأول للرواية العربية في الرباط عام 1979,وعن برادة الروائي ومشواره النقدي كان حوار الجزيرة معه.
*لنبدأ من وضعية الرواية المغربية كيف تراها، وهل اسماؤها اللامعة مازالت على توهجها مع انبثاق اسماء جديدة في الساحة؟
ينبغي أن نعلم أن عمر الرواية المغربية قصير نسبيا,,، فبدأ من نهاية الخمسينيات وكانت الرواية تصدر بايقاع محدود, اختلف هذا في العقدين الاخيرين فبدأ يصل الانتاج لمعدلات طيبة كعشر روايات في العام, ونستطيع رغم هذا أن نرصد بعض الاسماء,.
فبين نهاية الاربعينات ونهاية الخمسينات ظهرت في الطفولة لعبد المجيد مجلون، ثم عبدالكريم غلاب قدم انتاجه ومع نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات بدأ يظهر جيل جديد, واذا حاولنا رصد انتاج الرواية المغربية خلال هذه الفترة سنجد انه انتاج لايتعدي 200 رواية من بينها عدد محدود من النصوص اللافتة, وعلى مستوى اخر سنجد أن الدماء الجديدة في الرواية المغربية كثير منها ما يكتب من منظور التجريب،ويحاول كل كاتب البحث عن اسلوبه الخاص مستوعبا ملامح التحولات المعقدة في المجتمع المغربي,خاصة مع انتقالنا من عهد الحماية الى الاستقلالية, من خلال ذلك نلحظ محاولات نازعة الى التجديد مثل محاولات محمد زفزاف و محمد عز الدين تازي ومبارك ربيع ,, لا اقول انهم اصبحوا بالفعل مجددين,, لكن لهم محاولاتهم الجدية في هذا السياق.
موقع الرواية
*وماذا عن موقع الرواية بين سائر الانواع الادبية الاخرى في الادب المغربي ,,, ؟
الرواية الآن شكل يأخذ مكانة خاصة داخل الادب المغربي لان له علاقة وثيقة بما يجري داخل المجتمع, لانه كما نعلم تقوم الرواية بالاساس على الصراع الابدي بين الفرد والمجتمع.
وتنطوي على الاسئلة الملحة مثل كيفية الوصول الى توازن بين الطرفين واستيعاب كل الاعراف المجتمعية دون التفريط في الحرية الشخصية.
فالرواية تحمل كل هذا على اختلاف اتجاهاتها، فهناك من يستعين بالتاريخ القديم او الحديث وهناك من يستعين بتيمات متعددة وهذا لاشك يعطي الرواية نوعا من الحيوية.
مع هذا لا بد من الانتباه الى ان قصر المساحة الزمنية لايعطيها فرصة للتبلور,, بالاضافة الى عدد آخر من المشكلات التي لا تخص الرواية وحدها وانما تخص الادب ككل، وليس على مستوى عالمنا العربي ولكن الادب على مستوى العالم, فهناك تناقص في عدد القراء,,، وهناك عدم مساندة جادة للادب من الجهات المختلفة.
رغم أن في المغرب تحدث مساندة من اتحاد الكتّاب المغاربة لتشجيع المواهب الجديدة,, فالرواية في المغرب الآن افق يتطلع اليه الكثيرون.
النقد المغربي
* رغم أن النقد المغربي يحتل مكانة متميزة إلا انه يواجه دائما بانه نقد اكاديمي وليس تطبيقيا فما رأيك ,,, ؟
عندما بدأنا الانطلاقات التجديدية في الادب في الستينيات والسسبعينيات,
كانت الساحة العربية والعالمية تتجه نحو المناهج النقدية الحديثة، ولان معظم الذين يكتبون الرواية والنقد هم بالاساس اساتذة جامعة كانوا يقومون بهذا الدور التحويلي داخل المناهج التدريسية في الجامعة وبطبيعة الحال نجد اصداء هذه المناهج بالجامعة فيما يكتبون.
لكن هذه العلاقة بين النظرية والممارسة الابداعية لا بد أن تقوم,
فلا يمكن أن نتصور ممارسة الكتابة دون خلفيات نظرية نقدية, لكن السؤال كيف يتحقق تفاعل متوازن بين كتابة النصوص ونقدها؟، هذه اشكالية مطروحة دائما على جميع الآداب، واظن انه عندما يصبح الناقد متميزا متمثلا ومستوعبا لمناهج النقد، ويجيد الاصغاء الى النصوص الروائية يستطيع أن يحقق هذه التوازنات.
بمعنى انه لا يمكن ان يكون المنهج ايا كان هو الغاية، فهو وسيلة، واظن ان هذا الوعي الآن بدأ يوجد.
* بدأ الروائي والناقد الكبير محمد برادة مشواره الابداعي بكتابة القصة القصيرة، وله مجموعة قصصية بعنوان سلخ الجلد فهل تحدثنا عن القصة القصيرة بين كتاباتك ,,, ؟
بدأت خطوتي الاولى الى عالم الادب بكتابة القصة القصيرة وبالفعل اصدرت مجموعة قصصية في بيروت بعنوان سلخ الجلد ربما في اواخر الخمسينيات ثم اتجهت لكتابة الرواية، ووجدتها تلائمني في التعبير اكثر، لكن من حين لآخر اكتب القصة القصيرة, وفي الحقيقة الفكرة والاحساس والتجربة هي ما تملي على الكاتب النوع الادبي الذي يستخدمه.
* وماذا عن عالمك الروائي وكيف يتيح لك مساحة واسعة للتعبير ,,, ؟
صدرت لي ثلاث روايات الاولى هي لعبة النسيان 1987 وقد استوحت جوانب سيرة ذاتية للطفولة في مدينة فاس، في مرحلة الاستعمار الفرنسي والانتقال الى الاستقلال,
ورصدت التحولات التي طرأت على المجتمع المغربي آنذاك من خلال نماذج وشخصيات، وبالرواية اهتمام اكثر بلغة الكلام الدارجة، لأنني اعتقد أن طريقة التعبير ترسم ملامح الشخصية اكثر دقة ووضوحا.
والرواية الثانية هي الضوء الهارب 1993، وبها خيال اكثر لأنها تجري في مدينة طنجة التي عرفت كمدينة دولية مفتوحة على المغرب قريبة في موقعها، وفيها جعلت البطل الصامت تلاحقه اسئلة الابداع والموت، وربما لاعتمادها على التخييل كان لها قدر كبير من الجرأة، بينما الثالثة والاخيرة مثل صيف لن يتكرر وتمثل عودة الى جزء هام من حياتي من خلال نسج حكائي يتيح لمسة تحرر، فالكاتب حاضر على مدى الرواية،يرصد التحولات التي حدثت في القاهرة في الخمسينيات وايضا في نفسه، لكن ليس معني هذا انني اردت أن اكتب سيرة ذاتية، فأنا ابيح لنفسي أن الجأ الى الخيال معتمدا على كتابة متحررة، بها قدر من التأملات والملاحظات النقدية والمذكرات والقصص.
الأدب الذاتي
*يلاحظ تصاعد الاتجاه نحو كتابة الرواية الذاتية، خاصة في الكتابات الشابة، ما السبب من وجهة نظرك في هذا التصاعد؟ وهل هو اتجاه مرحب به على مستوى النقد ,,, ؟
لا بد أن نفهم الذات بالمعنى العميق، فالعودة الى الذات او ابرازها في الكتابة هو شيء مطلوب في المجتمعات العربية,, التي عاشت منذ امد طويل تحت ضغط الخطابات الرسمية والايديولوجية وكانت تقدم الاشياء العامة على الخاصة.
وكان دائما صوت الفرد المواطن العربي مكتوما، او مبعدا، فالعودة الى الذات هنا ليس معناها فقط الحديث عن الذات وكأنها جزيرة منغلقة، بل يكون حديثا عميقا، تمر من خلاله بالضرورة مجموعة قضايا اجتماعية ونفسية وتاريخية لكن من الاهمية بمكان أن نتيح للفرد أن يسمع صوته.
لذلك اقول دائما ان الرواية العربية رغم الصعوبات التي تتصل بانتاجها قد حققت نوعا من الاختراق الذي هدم الجدار الايديولوجي الذي يكتم انفاس القارىء,
وبدأت تتحدث عن الفرد من داخله،وبدأت تتعامل مع موضوع الحب والعواطف والوحدة والغربة، مثلما تتحدث عن السياسة والاجتماع والصراعات.
فالعودة الى الذات بهذا المعنى هو شيء ايجابي جدا, وليس معناها الرومانسية، وما يكتبه الشباب هو بهذا المعنى، اي زحزحة الخطاب الرسمي الثقيل الذي يعتمد على بلاغه جاهزة تخبىء الحقائق بينما صوت الشعر والقصة والرواية عندما ينبع من الفرد يستطيع أن يقول لنا هذه الاشياء.
لأن هنا الخطاب الادبي خطاب روائي يبحث عن مجالات غير متوفرة له.
*أنت كاتب روائي وناقد، هل يستطيع الناقد فيك أن يملي قواعده على المبدع، أم ان المبدع هو من يملي شروطه على الناقد ,,,؟
انا لا اضع هذا الفصل بين الجانبين، اعتقد ان كل كاتب روائي أو قصاص، يحمل داخله ناقدا.
فدائما هناك العقل النقدي عند كل مبدع، وكذا الناقد يكتب القصة والشعر والرواية، والمهم في كل هذا أن يقنعنا بجودة الكتابة الابداعية.
ولايوجد تعريف بماهية أن يخلق انسان كاتبا، او ناقدا، فالاشياء تؤخذ بالتدريج، فأنا احترفت النقد من واقع انني درست النقد بجامعة القاهرة، ثم اعددت رسالة نقدية ثم اصبحت استاذا في الكلية فصرت أمارس النقد، لكنني كنت أمارسه من قبل من واقع قراءتي فأتعاطف مع بعض النصوص, او العكس.
الواقع العربي
*تقيم في باريس منذ عامين,, نريد أن نعرف من خلالك ماهو موقع الادب العربي بين سائر الآداب الاخرى ,,,؟
الادب العربي دائما موجود، لكن المشكلة تكمن دائما في دور النشر والتوزيع والعلاقات.
وأنا دائما اقول انه على السياسات الثقافية في الدول العربية ان تدعم ترجمة الادب شعرا وقصة ورواية الى اللغات الاجنبية، ففي البداية يحتاج الادب العربي الى هذا الدعم حتى يستطيع الكتّاب المتميزون أن يجدوا طريقهم بسهولة الى دور النشر الكبرى.
مع ذلك بدأت محاولات جيدة، كما تقوم بها دار نشر اكتسود التي خصصت سلسلة للروايات العربية تحت عنوان سندباد، يشرف عليها الناقد السوري فاروق مردم بك ونشرت هذه الدار عدة روايات، منها لنجيب محفوظ وابراهيم عبدالمجيد، والغيطاني .
وترجموا لي روايتين لعبة النسيان والضوء الهارب ومن هنا تتسع قاعدة الناشرين ثم بعد ذلك يأتي دور الندوات والمحاضرات لإثراء الحركة الثقافية.
|
|
|
|
|