أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 14th July,2000العدد:10151الطبعةالاولـيالجمعة 12 ,ربيع الثاني 1421

عزيزتـي الجزيرة

وماذا ينفع الندم؟
العبارة الصاعقة,, والموقف الذي لا ينسى
هل من الممكن أن يندم أو يتراجع احد عن صبره وحلمه؟ أو عن اي خلق كريم؟, لا اظن ذلك، وقد بعث نبينا صلى الله عليه وسلم متمما لمكارم الأخلاق.
كل شخص منا تمر به او تعرض عليه حوادث شبه يومية لا يتعامل معها بلطف وحكمة,, في المنزل,, في الطريق,, في العمل,, وفي السوق كذلك بل في كل مكان,, خذوا هذه الامثلة وحاولوا ان تصوروا أنفسكم في اثنائها,.
تأتي بعد عناء العمل منهكا جائعا واذا بغدائك فقط من غير لحم!!
تسير في طريق مظلم وتكاد لا ترى ما امامك من الأنوار العالية للسيارة المقابلة!! ويقابلك مديرك في العمل,, عند تأخرك باللوم والاهانة والتهديد!!
وفي البنك او المخبز يتقدم عليك من خلفك او من جاء بعدك بلا إذن!!
وتُنقل لك بين الحين والحين أقاويل واساطير في التجريح والتحقير والنيل منك!!
وهلم جرا,.
لا اريد ان اسرد ما يجري من احداث وملاحم في كل صورة من تلك الصور فذلك يطول,, فأغلب الناس لا يحل تلك الامور الا بانتفاخ الأوداج، وتهييج الاعصاب، وعلو الصوت مع ارتفاع الضغط والانتصار للنفس مهما كلفه ذلك,, وان لم تكن ممن هذا حاله فاحمد الله تعالى فأنت في خير عظيم, أسوق لكم هذه القصة، وهي مثال بسيط لما يجري لكثير من الناس,, ذهبت قبل مدة الى مكة لأداء العمرة,, وبقيت هناك لعدة أيام,, وفي أحد الليالي ذهبت الى الطائف برفقة اخ عزيز لحضور احدى المناسبات هناك,, ثم قفلت راجعا الى مكة في ساعة متأخرة من الليل,, وكان بيني وبين سكني حاجز مرور لا يسمح بدخول السيارات الخاصة الى هذه المنطقة,, المهم اني طلبت من الاخ المرابط في هذا المكان وبكل أدب وذوق ان يأذن لي بالدخول لتنزيل بعض الحاجيات التي احضرتها من هناك ثم الرجوع فورا, وكان ذلك امرا معتادا وقد يكون متعارفا عليه حتى في غير هذه الساعة,.
فرفض هذا الاخ رفضا قاطعاً,, فخاطبته بالعقل وان لا احد اعيقه عن الحركة في هذه الساعة المتأخرة وسأعود مباشرة,, فأبى كذلك، فطلبت منه ان يرهن رخصة القيادة تأكيدا على صدقي,,, فرفض، وكان لا يخاطبني الا بمتن الكلام فقط!! عندها,, فقدت صوابي واستهواني الشيطان، فبدأت اسخر به,, وبأنه ليس أهلا لأن يكون في هذا المكان,, وكلام لا احب ذكره، ثم قمت وأنا في قمة الغضب بسحب الحاجز الحديدي وبشدة فما كان منه إلا أن أعاده ووقف عنده!!
أوقفت السيارة وقمت بانزال الاغراض انا وصاحبي,, ومررت بالرجل وكان برتبة صغيرة فقلت له: ان الله قد عرف قدرك فلم تتعد هذه الرتبة.
فأجابني بأنه سيتركها ويذهب,, فقلت في نفسي لعله سيتقاعد أو سينقل الى رتبة اخرى، وسألته إلى أين الذهاب ان شاء الله؟ فقال: إلى التراب!!
ونزلت عليّ هذه الكلمة كالصاعقة,, أردت أن انتصر لنفسي بكلمة أو سخرية فلم أجد,, أردت ان اعتذر منه عما بدر مني لكن الشيطان لم يرض ان اهين نفسي بهذه البساطة,, فكانت كلمته هي قاصمة الظهر,.
استلقيت في منامي وانا اقول (أي والله الى التراب) حاولت أن ارجع مرة اخرى واعتذر ولا أدري ما الذي منعني أهو غلبة النوم؟ أو الشيطان؟ أو هما معا؟!
ندمت كثيرا,, وماذا ينفع الندم,, سألت عن الرجل وبحثت عنه فلم أجده ولم استطع التعرف على اسمه,, أتيت الى المكان عدة مرات فما رأيته, وعندما عزمت على السفر من مكة لم اجد حيلة الا الكتابة الخطية لاضعها في نفس المكان الذي رابط فيه هذا الشخص, وصدّرت رسالتي بهذه الكلمات: خاص جدا,, للأخ العزيز,, الذي رابط في هذا المكان بتاريخ ويوم وساعة كذا وكذا,, وملأت الخطاب بكل عبارات التأسف والاعتذار,, وكتبت رقم هاتفي اسفل الورقة راجيا منه كلمة واحدة فقط (سامحك الله) وظللت انتظر الرد,.
وأنا اتجرع غصص هذا الموقف,, أحب ان أُذكّر القارئ العزيز بحلاوة التغاضي والصفح والمسامحة مع استشعار فناء الدنيا وانها (إلى التراب) جربوا ذلك في كل موقف,,, انه ينتهي وتنتهي شدته بوقته ولحظته,.
أما انا فقد سألت نفسي واسألكم معي: يا ترى لو ذهبت وتركته بعد محاولتي مع,, أتراه يحدث ما ذكرت؟!
** وقفة:
ماذا ستفعل لو ان أعرابيا شد شماغك وهو يقول: أعطني إياه فليس من مالك ولا من مال أبيك؟!
اطمئن,, فلن أطلب منك نزعه ووضعه على رأس الأعرابي لأني أدرك غلاء شماغك (أبوخطين)، لكن,, ألا تستطيع ان تلتفت اليه وانت مبتسم!!
عبدالإله محمد الصالح
القصيم بريدة

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved