أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 13th July,2000العدد:10150الطبعةالاولـيالخميس 11 ,ربيع الثاني 1421

الثقافية

نهار جديد
الشعر هو الكلام الذي ليس موزونا ولا مقفى ولا يدل على معنى
عبدالله سعد اللحيدان
ربما كانت أول الاشكالات التي ثارت بين المبدعين القدامى والجدد شعراء ونقاد هو تحديد اطار أو ماهية أو توصيف هذا الكائن المختلف والمتنافَس عليه الشعر .
التعريفات التقليدية القديمة للشعر، وما أضيف اليها من اجتهادات وعمليات تحاول تحديد الفروق بين الشعر والنثر والشعر والنظم، وما تلا ذلك من تنظيرات، كل ذلك، لم يشبع فضول الجدد ولم يجب على اسئلتهم كلها، ولم يكن كافيا للرد على التقليديين المتمسكين بعمود الشعر وتعريفه المشهور، والذي ما يزال يتصدر كتب الأدب العربي في المدارس والجامعات، حتى,, ونحن قد دخلنا الألفية الثالثة حياة وشعرا وهو ان الشعر هو الكلام الموزون المقفى الدال على معنى .
بدأت القضية بالتساؤل عن منطلق يتم من خلاله تحديد ماهية الشعر.
واذا كان الشعر في شكله وبنائه النهائي يجمع ويتألف من عناصر كثيرة ومختلفة، كاللغة,, بألفاظها وعباراتها وتراكيبها وأساليب صياغتها وتعابيرها، والموضوع والمضامين والرؤى، والمحتوى الفكري والعاطفي، والصور، والوزن والموسيقى، والتأثير ,, الخ، فبأي هذه العناصر يتم البدء، وأيها يكون صاحب الكلمة الفصل، أم بها كلها، أم ببعضها اذا تآزر دون بعضها الآخر ؟
الذي زاد هذه المسألة صعوبة بالنسبة للقدامى من أصحاب القواعد المدرسية والأنماط التفصيلية ان القصيدة الحديثة الجديد منها بالذات أصبحت قصيدة شاملة ومتكاملة في آن، شاملة تتجاور فيها عدة سمات لعدة مذاهب ومدارس قديمة وحديثة، ومتكاملة تتآزر عناصرها وتتجاور لتجسيدها واخراجها في اطارها النهائي.
حاول النقد استخدام بعض النظريات القديمة والحديثة، الأصيلة والمستوردة لفض مغاليق هذا الكيان الشعري والولوج الى غابة أسراره والقبض على جوهره ومصدره، ولأن النظريات تصلح، أكثر ما تصلح، في ميدان السياسة، فانها لم تستطع سوى مقاربة سياسة الشعر فقط.
وحاول النقد استخدام الفلسفة وعلم النفس وبعض النظريات والوسائل العلمية الحديثة، ولكن مدينة الشعر بقيت ذات أسوار منيعة ومغلقة في وجه النظريات وفي وجه الفلسفة والعلوم.
وفي الوقت الذي استطاع فيه الشعر الجديد هضم الماضي وتمثله كاملا ثم اختراق الحاضر واستشراف المستقبل، فلسفات وعلوما وأفكارا ومجتمعات وأذواقا، واستفاد منها جميعا ومما تحقق لها من تطورات وانجازات، بقيت الفلسفة والنظريات والعلوم، عاجزة عن دراسته وتشريحه تماما وبشكل نهائي ، لأنها تقوم على دراسة وتشريح الماضي فقط، في حين ان الشعر الجديد لم يصبح ولا يريد ان يصبح ماضيا قابلا لوضع جثته مستسلما على طاولات البحث والتشريح، لأن الشعر الجديد مع الحياة في حيويتها وتحولاتها وجدلياتها اليومية، بحيث لا يمكن القبض عليه ثابتا وهو يمارس عنفوان تحولاته وسعيه السريع الى الأمام.
ويحلو لبعض النقاد الذين يحلو لهم الكسل، العودة الى توصيفات قديمة تتمظهر بالحداثة والجدة والعصرية، لتوصيف الشعر وماهيته بشكل نهائي أو شبه نهائي يضع حدا لهذه القضية، كعودتهم الى توصيف الرومانسيين للشعر بأنه عاطفة وفكر قادرة على فض سر المجهول وتمكين الطبيعة من ان تخطو نحو الأبدية والخلود أو الى توصيف الرمزيين للشعر بأنه حالة من لا وعي فوق الوصف والشرح، جوهرها أشبه بالموسيقى، يتحد الشاعر مع الأزلي من حقائق هذا الكون المهيب وان بدا ان الرمزيين أكثر قربا من الحداثة والجدة في ادراكهم ان الشعر مقرون باللاوعي في حالتي الانشاء والتلقي، بعكس النثر الذي يقترن بالوعي التام في الحالتين، وعاد آخرون الى عناصر شكلية تدخل في تكوين الشعر وليست هي الشعر، وفي عودة الى أقدم العصور ,, الى سقراط الشاعر ضوء، شيء مجنح،,, وهو لا يبدع مالا يلهم ويفقد وعيه ويبطل فيه عمل العقل .
استفاد الشعراء الجدد من هذه المحاولات، وأضافوا من ثقافتهم وخبراتهم وتجاربهم الى ابداعاتهم الجديدة الكثير، مثل ان الابداع والتلقي ليس حالة من اللاوعي فقط، بل ويضاف اليها نقل الحالة الايحاء واحداث صدمة اذهال القارىء وابداع علاقات جديدة بين الأشياء والأشياء، والأشياء والانسان، واكتشاف عوالم مختلفة والتأليف بينها غير معنيين بنقل الافكار والمشاعر عن طريق الوصف ودلالاته المحددة فقط، وأضاف بعضهم ان للشعر دورا رؤيويا وانه تعبير وأداء فني واحاسيس جمالية وفكر وعقل ووجدان وشعور وموقف نظري ذو أبعاد فلسفية، واختراع عالم جديد من واقع العالم بواسطته تنتقل من طور الى طور ومن عالم الى عالم بعد امتلاك رؤية ثاقبة للماضي ومعايشة دائمة للحاضر وادراك حركة النمو والتطور من حيث جوهر علاقاتها ماضيا وحاضرا ومستقبلا وأضاف آخرون ان الشعر شيء فوق الوزن والقافية والكلام وانه القدرة على الايحاء ونقل القارىء الى عوالم جديدة مليئة بالرؤى والرموز والأخيلة بعيدا عن الغنائية والخطابية المنفعلة حسب استعراض د, خليل أبو جهجة للآراء المختلفة حول هذه القضية.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved