| الثقافية
عند بدء ظهور الورش والمعامل المسرحية كانت في احسن صورها أماكن تدريبات العمل لفرق هواة للبحث عن طريق جديد للمسرح يدخلهم في النظم المسرحية القائمة من باب غير مكلف ويرضي المسرحيين من النخبة او الهواة الذين لا تساعدهم الظروف على ان يكونوا في المسرح التجاري أو الحكومي القائم إما بأسباب عدم قدرتهم على الانتاج او بأسباب عدم رضاهم عن الثيمات الفنية المطروحة مع وجود موقف فكري أو ايديلوجي حقيقي أو مزعوم يعوق التقدم المسرحي في كيان بيروقراطي معين.
وكنا سرعان ما نجد هذه الورش تقيم عروضا تصطدم بالنقد لكنها ما تلبث ان تسم مسرح النخبة أو المسرح التجريبي في بلادها بعلامات جديدة تخلق مناخا ابداعيا جادا يحقق التقدم.
نجد احيانا ان بعض التصرفات الأدبية تأخذ طابع الصرعة أو الموضة لأننا مسرحيا ومنذ حوالي عشر سنوات نتحدث عن الورش في كل أقطار العالم العربي,, بل تأسست محترفات لفرق قائمة اطلقت على نفسها الورش وكثير منها اذا عريته من المسمى فأنت أمام اسلوب العمل التقليدي الذي يقوم له مخرج بتنفيذ العمل المعتاد من نص لعرضه بحسب ما تتيسر أماكن العرض التي تسمح بذلك او تقام المهرجانات.
اذا فلا تخدع بالمسمى ولا حتى من منطلق النمو المسرحي لأن النمو المسرحي يعني حدوث طفرة لا تغيير مسميات العمل كما حدث عندنا الى مسمى الورش,, ومنهج الورش الذي ادعو اليه يقوم على تشكيل اداري ينظم تجارب متعددة لأساتذة ومتعلمين او فرق كاملة تسعى لتنمية نفسها للتعلم وللحصول على تفوق يسمح لها بالعرض العام أو التقدم تنافسيا على غيرها,, ولا تلتزم الجهات نحو الفرق الفاشلة في التشكيل بأي التزام قبل انجاز العمل والهدف من شروط عدم التزام الجهة المنظمة بالتزامات مادية او معنوية يأتي من واقع أهمية ان يسعى المتدربون تنافسيا نحو الوصول لفرصة العرض التي تحقق لهم عائد قبول العمل والصرف عليه وهدف ثان ألا تكون الورشة ممراً للكسالى والمتواكلين يجدون بها مكانا يكسبون منه بدون عمل عن طريق التشجيع المادي لأننا في هذه الحالة نجد جيشا من المنتمين الجالسين لشرب الشاي فقط.
في بلادنا يعترض البعض على الورش لأنها تسبق المسرح وفي رأيي انها اذا سلكت منهجا تدريجيا غير ترفي فانها ستكون طريقا لكثير من الشباب للمسرح ويبقى ان يكون هناك منهج واضح للعمل كما هي مناهج الأكاديميات ويكون التعليم ذاتياً متبادلاً بمعنى المدرب في تخصصه من مجموع المشاركين وليس خارجا عنهم مع اتاحة الفرصة لوجود خلايا تدريبية متنوعة لإرضاء كل الاتجاهات.
هذا الكلام استوحيته من تجربتنا في ورشة الرياض وهي ورشة قديمة على غير ما يضن البعض فقد بدأناها في النادي الأدبي وكانت تنظيرية وشارك بها الى اليوم عدد من الزملاء وكانت تقوم على التأليف والتنظير وتبادل الرأي منذ أكثر من اثنتي عشرة سنة وفرعت منها ورشة تمثيل مع الزملاء في جامعة الملك سعود بجهد شخصي مستفيدين من بعض البرامج التدريبية في شعبة المسرح ومن برامج النشاط الطلابي ونتج عنها ثلاثة اعمال عرضت مهرجانيا ومثل اثنان منها المملكة عربيا وكانت التجربة في اولها متعثرة لأبعد الحدود بسبب ضعف الممثلين الذين لم يسبق لهم التمثيل ومشاكل اخرى تتعلق ببعض الاجراءات البيروقراطية المتعلقة بالقاعات وأوقات التدريب أحوال الطلاب التعليمية والمشاكل المالية.
هذه الورش المبسطة التي حاولت مع بعض الزملاء ايجادها في الخمس عشرة سنة الماضية اضافت للمسرحيين السعوديين عددا من الشباب في مجالي التمثيل والاخراج ما زالوا يثرون الساحة حاليا بابداعهم وتألقهم.
عندما بدأنا العمل تطوعيا أول هذا العام في الجمعية السعودية للثقافة والفنون المركز الرئيسي بالرياض كانت المشكلة هي تعجل بعض العناصر المشاركة من الشباب واعتقادهم بأن الورشة طريق سريع للخروج للتلفزيون وعندما يصدمون في موضوع ان غرض الورشة تدريبي وليس انتاجياً يصدمون في السؤال عن الاعمال التي يتدربون عليها وهل تذهب ادراج الرياح ام انها سوف تعرض للجمهور الذي طالما تطلع الممثل للقائه ليأخذ شهادة نجاحه وتعثره من عيون ذلك المشاهد.
هذه مشكلة من المشكلات واجهتنا في بداية الورشة ما لبثنا ان تغلبنا عليها عندما افهمنا اساتذة الورشة بامكانية تقديم أعمالهم للجهات الرسمية لانتاجها دون ان يكون للورشة صفة غير الصفة المعنوية في تنظيم العمل وعدم رفع التطلعات للشباب المشارك بصفة الغاية هي التعلم والتدريب,, ونفع هذا التأكيد لأن كثيرين يريدون الاستفادة من المكان او من الورشة بصفتها تنضوي تحت مؤسسة رسمية واذا ما استطاعوا العرض فهي فائدة لم تحسب لكنها فائدة اخرى.
سأواصل هذا الحديث عن مناهج الورشة في مقال قادم اقترح احسن السبل في نظري لتفعيل الورش منطلقا من الأدبيات العربية المكتوبة في هذا المجال مع الاستفادة من اوراق تجربتي الشخصية في الثلاثة عشر عاما الماضية.
محمد العثيم
|
|
|
|
|