| محليــات
تبدأ اليوم ولمدة يومين في لومي عاصمة جمهورية توغو القمة الإفريقية السادسة والثلاثين وسط جدل أثاره بشكل خاص مشروع الزعيم الليبي معمر القذافي المطروح في مقدمة جدول أعمال القمة وهو مشروع قيام اتحاد إفريقي تحت مسمى الولايات المتحدة الإفريقية .
ولأن المشروع يبدو طموحاً جداً قياساً على واقع النزاعات المسلحة الأهلية داخل حدود بعض الدول الأعضاء في المنظمة الإفريقية مثل نزاع جنوب السودان، ونزاع الكنغو الديمقراطية ونزاع أوغندا ونزاع انجولا من جهة ونزاعات حدودية وأهمها نزاع الحدود بين إثيوبيا وإرتيريا على سبيل المثال، فإن دول الجنوب الإفريقي عموماً وجنوب إفريقيا خصوصاً ترى أنه لا يمكن إقامة مثل هذا الاتحاد الإفريقي الطموح بين عشية وضحاها.
وخلص وزراء الخارجية من جدالهم حول المشروع إلى إحالته إلى لجنة مصغرة تضع نصاً خاصاً به يرفع لقمة الرؤساء اليوم.
وبالرغم من أن المشروع يمكن اعتباره بحق الحلم الإفريقي على غرار الحلم الأمريكي إلا أن لسان حال معظم إن لم يكن كل دول القارة الإفريقية الأعضاء في منظمة الوحدة الإفريقية 53 دولة يلقي الواقع بظلال من القتامة المثبطة للهمم.
فتعدد الحروب الأهلية، والنزاعات الحدودية والخلافات المذهبية في النظم السياسية الحاكمة هنا وهناك، والفقر الشامل، والديون الضخمة 340 مليار دولار أمريكي زائد أن توالى كوارث الجفاف والمجاعات والحاجة الملحة إلى الغذاء، ومثلها إلى الدواء خاصة لمكافحة ما يسمى طاعون العصر وهو وباء الإيدز الذي يجتاح دولاً إفريقية غنية مثل جنوب إفريقيا خصوصاً ودولاً أخرى مثل كينيا وأوغندا ومالاوي، مما يجعل اهتماماتها الخارجية تأتي في المرتبة الثانية وربما الثالثة حتى بالنسبة لمشروع مثل مشروع قيام اتحاد إفريقي على غرار الاتحاد الأوروبي .
كل هذه المثبطات تعرقل عملياً أية جهود مهما كانت جديتها بحيث لا تتقدم إلا بعد تضحيات قد تكون بالنسبة لدول كثيرة جسيمة أو غير محتملة التكاليف.
وهناك عامل آخر بالغ الأهمية لدوره في رفض مثل هذا المشروع الذي يعني بالضرورة صحوة إفريقية ثقافية / حضارية، وصحوة سياسية/ اقتصادية/ تجارية، وصحوة أمنية / دفاعية، وهذا العامل هو التدخلات الخارجية خاصة من الدول الكبرى التي من بينها دول استعمارية نهبت ثروات إفريقيا واستعبدت شعوبها وبنت حضارتها ورفاهيتها بما نهبته وبما لا تزال تنهب بمنطق الاستعمار الحديث باغراق الدول الإفريقية في الديون من جهة وتجريد القارة من العقول المفكرة والمبدعة من جهة ثانية.
وهذه الدول الاستعمارية القديمة / الحديثة لا مصلحة لها أبداً في قيام اتحاد افريقي يؤسس قدرات افريقيا الذاتية على استغلال ثرواتها واستثمارها فيما بينها بما يحقق لدولها الاكتفاء الذاتي وتحويل السوق المستهلكة إلى إفريقية / إفريقية، كما تحول القوة المنتجة والمصدرة أيضاً إلى إفريقية / إفريقية.
اننا لم نقف بعد على طبيعة النص الذي توصلت إليه اللجنة الوزارية المصغرة التي كلفها وزراء الخارجية الأفارقة بوضع نص لمشروع الاتحاد الإفريقي وتقديمه للقمة اليوم، ولهذا سنتابع ما ستقرره القمة بهذا الخصوص نسبة لارتباط المصالح الإفريقية الاستراتيجية بالمصالح العربية والإسلامية الاستراتيجية خصوصاً وأن عشراً من الدول العربية الأعضاء في الجامعة العربية، أعضاء أيضاً في منظمة الوحدة الإفريقية الأمر الذي يجعل الارتباط بين الجانبين العربي والإفريقي وثيقاً دماً ولحماً وعقيدة وثقافة وتاريخاً ومصالح تتسع آفاقها مع الأيام وعلى مر السنين.
وأي نجاح إفريقي على أي مستوى هو بالضرورة نجاح عربي، ومن هنا فإن ما سيصدر عن قمة لومي يهمنا كعرب ومسلمين، خصوصاً فيما يتعلق بتحقيق الحلم الإفريقي ,, حلم الوحدة.
|
|
|
|
|