| الاقتصادية
لم يعد غريبا سماع تذمر الكثيرين من صغار المستثمرين والمبتدئين منهم من انخفاض معدلات الارباح التي يحققونها والتي لا تتناسب مع حجم استثماراتهم ومن اضطرار البعض الى إقفال منشآتهم وبحثهم عن أنشطة اخرى وربما احجموا عن الاستثمار بالكلية, هذا الأمر وان كان لم يصل الى حد مقلق الا انه تجب دراسة اسبابه في الاقتصاد السعودي ومعالجتها لئلا يصل الى ذلك الحد، وذلك لان الاقتصاد المحلي يعتمد بشكل كبير على المنشآت الصغيرة والمتوسطة الحجم ولان تدني مستويات أدائها لا يؤثر فقط على مالكيها بل يمتد تأثيره السلبي الى الاقتصاد الوطني ككل والى المنشآت الناجحة كما انه يساعد على إشاعة روح التشاؤم لدى المستثمرين الجدد.
وأسباب وجود هذه المشكلة عديدة ومتنوعة تختلف باختلاف الأنشطة الاقتصادية وباختلاف الاشخاص القائمين على المنشآت والمشروعات الاقتصادية وباختلاف وتيرة وطبيعة اداء الاقتصاد بشكل عام, الا ان هناك اسبابا تكاد تكون مشتركة منها الارتجالية في كثير من الأحيان عند اتخاذ القرارات الخاصة باختيار مجال الاستثمار والتقليد للسابقين وعدم محاولة الابتكار والإبداع وتقديم اشكال وانواع جديدة من السلع والخدمات او تطوير الموجود منها بشكل او آخر,, ونتيجة لذلك يصاب السوق بالتخمة الناشئة عن تزاحم عدد كبير من المنشآت المتماثلة والتي تقدم سلعا وخدمات متطابقة, فقد اصبح من المألوف مشاهدة عشرة محلات لبيع المواد الغذائية ومثلها او اكثر من محلات الحلاقة وغسيل الملابس والمطاعم في شوارع داخلية ليست بشوارع تجارية رئيسة لا يزيد طول الواحد منها على ثلاثة كليلومترات او اقل وفي مناطق ليست كثيفة سكانيا.
أمر آخر يفاقم مشكلة فشل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ضعف الخبرة لدى من يديرونها والذين هم عادة اصحابها وكل مؤهلات كثير منهم في الغالب وجود قدر معين من رأس المال كاف لبدء المشروع بدون اعطاء قدر مناسب من الأهمية لكيفية ادارة المشروع وتشغيله وتسويق منتجاته.
ويكمن علاج المشكلة اولا لدى المستثمرين والذين يفترض قبل ان يقدموا على اتخاذ أي قرار استثماري ان يدرسوه دراسة دقيقة وافية بعيدا عن التسرع والارتجالية, الى جانب ذلك لابد وان يكون هناك دور للجهات المسؤولة، فالمرحلة الاقتصادية الحالية تستلزم وجود مجموعة من الضوابط والافكار غير التي كانت سائدة قبل عقدين من الزمان, فمنظمة التجارة العالمية والعولمة الاقتصادية وتوابعها تتطلب على سبيل المثال التكتل بين الوحدات الاقتصادية المحلية ووجود الوحدات ذات الانتاج الكبير، فمثلا بدلا من وجود عشرة محلات لبيع المواد الغذائية في شارع واحد يكفي وجود واحد او اثنين يتمتعان برأس مال مناسب وبخبرات ادارية وفنية مناسبة, وبهذه الطريقة يمكن الارتقاء بمستوى الخدمة المقدمة ويمكن تحقيق قدر معقول من الارباح للملاك.
أيضا يفترض أقامة دورات من حين لآخر تعمل على نشر الثقافة والوعي الاستثماريين لدى صغار المستثمرين والمبتدئين وجعلها متاحة للراغبين بشروط ميسرة, وفي هذا الاطار ينبغي وجود احصاءات مفصلة ودقيقة متاحة بأسلوب سهل خاصة بأوجه الاستثمار المربحة وبالفرص الاستثمارية المتاحة ليس في كل مدينة بل في كل حي من احياء المدن الكبيرة، وذلك مثل عدد السكان في الحي ومتوسط الأعمار وعدد كل من الطلاب والطالبات ومستوياتهم التعليمية واعداد المنشآت الاقتصادية في الحي ومجال نشاط كل منها وغير ذلك من الاحصاءات التي يسهل الحصول عليها من مصادر متعددة ومتى ما توافرت في نشرة واحدة تُحدث باستمرار ستكون وبدون شك مفيدة للمستثمرين.
هذه المقترحات مجرد امثلة لا يقصد بها الحصر والا فسبل العلاج واساليبه كثيرة, والأهم من هذا كله المبادرة بالأخذ بأسباب الوقاية من المشكلة والعلاج منها قبل استفحالها.
* قسم الاقتصاد والعلوم الإدارية جامعة الإمام محمد بن سعود
|
|
|
|
|