| وَرّاق الجزيرة
1 الوثيقة الاولى:
لن أتحدث هنا عن اهمية الوثائق كمصدر تاريخي لان ذلك امر لا يحتاج الى المزيد من التوضيح وخاصة للمختصين والمهتمين بالدراسات التاريخية, ولن اتحدث ايضاً عما تمثله وثائق بلادنا الغالية من اهمية تاريخية كبرى نظراً للكميات الهائلة من تلك الوثائق التي لم يتم اكتشافها علمياً حتى هذه اللحظة رغم ما تحويه من كنوز معلوماتية لا تقدر بثمن, ولكنني سأستعرض هنا بعض الوثائق التي تمثل عينة مصغرة لوثائقنا التي لا تزال بعيدة عن متناول الباحثين والمهتمين, وفي نظري ان هذه الوثائق تمثل صورة واقعية لوضع آلاف الوثائق في بلادنا التي لا تزال بحاجة الى الالتفاتة الجادة لها ونفض الغبار عنها، والاهتمام بحفظها ودراستها, وذلك انني عندما كنت ابحث عن الوثائق الاهلية في منطقة المدينة المنورة كنت كثيراً ما اصاب بالدهشة والذهول عندما تقع يدي على بعض الوثائق النادرة بين عشرات الوثائق المحفوظة بطريقة عشوائية وبدائية.
وسوف نستعرض فيما يلي احدى الوثائق التاريخية التي ترجع الى عهد الدولة السعودية الاولى، مع اعطاء معلومات موجزة عن ظروف الوثيقة ومدلولاتها وشرح مضامينها.
1 التاريخ التقريبي للوثيقة: 1225ه.
2 منطقة الوثيقة: منطقة الحجاز.
3 الجهة الصادرة منها: الامام سعود بن عبدالعزيز بن محمد المتوفى سنة 1229ه.
4 الجهة المرسل اليها: محمد بن سعد الصعيدي: من القضاة المحليين بوادي الفرع.
5 موضوع الوثيقة: طلب انهاء مسألة قبلية تتعلق بالشيخ ابن حميد المقاطي وآخرين.
6 خلفية تاريخية: تعود هذه الوثيقة التي وجدت في منطقة وادي الفرع بين الحرمين الشريفين الى عهد الدولة السعودية الاولى، حيث انها تعود لسنة 1225ه على الارجح، وهي موجهة من الامام سعود بن عبدالعزيز ب 1229ه الى احد الامراء المحليين التابعين للامام سعود، وهو الامير محمد الصعيدي الذي كان من اعيان وادي الفرع وعلمائه عندما دخلت منطقة الحرمين في التبعية السعودية في سنة 1220ه، ويستفاد من الوثائق التاريخية الاخرى ان هذا الامير اسمه محمد بن سعد بن عبدالفتاح بن علاّم الصعيدي من سكان وادي الفرع الواقع جنوب المدينة، وهو من القضاة المحليين في تلك المنطقة حيث اشتهر بالقضاء الشرعي العرفي وممارسة الكتابة للناس في منطقته، وخطه حسن، وقد اطلعنا على اكثر من ثلاثين وثيقة بخطه خلال الفترة من 1200ه الى 1242ه.
ويستفاد من قراءة وثائق وادي الفرع ان اول من قدم من هذه الاسرة جدها عبدالفتاح بن علاّم الصعيدي الذي تكاثرت اسرته فيما بعد واشتهرت في ممارستها لمهنة الفلاحة والعناية بالنخل في مضيق وادي الفرع، بالاضافة الى اشتهارها بالعلم والصلاح والاصلاح بين الناس، وقد ورد اسم محمد بن سعد الصعيدي في عدد كبير من الوثائق التاريخية خلال الفترة من سنة 1200ه الى سنة 1242ه مع نعته بالامير احياناً مما يدل على ان الامام سعود قد عينه اميراً محلياً للفصل بين الناس في منطقته.
ولذا فان مضمون هذه الوثيقة يندرج ضمن المهام التي كان يقتضيها منصبه الرسمي المكلف من قبل الامام سعود، كما سنرى.
7 نص الوثيقة: بسم الله الرحمن الرحيم من سعود الى محمد الصعيدي, السلام عليكم وبعد، قم1 للبقوم2 وربع3 ابن حميد4 المقاطي على القوم الاقصى والادنى، خاصهم وعامهم، وفك5 دياتهم ومالهم، وخدمتك6 ؟ على الفعال كل واحد ريالين, ولا يقبلون7 الا وانت قاطع قالتهم8 ان شاء الله, والسلام, الختم.
8 صورة الوثيقة
9 اهمية الوثيقة: تتمثل اهمية هذه الوثيقة في عدة امور منها:
1 انها من الامام سعود الذي هو أشهر أئمة الدولة السعودية الاولى، فهو الذي بلغت الدولة في عهده اوج قوتها واتساعها.
2 انها تحمل ختم الامام سعود، وان كان غير واضح المعالم.
3 انها تعطينا صورة واقعية عن بساطة وتواضع القادة السعوديين حيث لم يسبق اسم الامام اية القاب او تبجيلات سلطانية.
4 انها تؤرخ لقضية قبلية مع الاشارة الى اطرافها بشكل عام.
5 انها تعطينا صورة نادرة عن طريقة التعامل مع بعض القضايا التي يكلف الحاكم بها احد اتباعه في حل المشكلة وإنهائها.
6 انها تذكر العملة السائدة للدولة في تلك الحقبة، وهي الريال النمساوي المسمى الريال الفرنسي
7 انها تؤرخ لعلم من اعلام المنطقة وهو القاضي المحلي محمد بن سعد الصعيدي الذي ذكرنا نبذة عنه في التعليق على نص هذه الوثيقة، كما سنتعرض اليه عند استعراض الوثيقة التالية ان شاء الله.
1 قم: المقصود: انهض واستعد واتخذ ما يلزم لانهاء هذه القضية.
2 البقوم: اي اصحاب القضية من قبيلة البقوم.
3 ربع: اي جماعة.
4 ابن حميد المقاطي: المقصود به ابن حميد شيخ برقا من عتيبة وهو من المقطة من عتيبة.
5 فك: اي اصلح بينهم وحل قضيتهم.
6 خدمتك: اي اجرتك.
7 يقبلون: اي يأتون.
8 القالة: هي القضية او المشكلة، قاطع قالتهم، المقصود: اي لا يأتون الا وانت مُنهٍ قضيتهم.
|
|
|
|
|