| القرية الالكترونية
يتردد الكثيرون في اتخاذ قرار شراء جهاز حاسب آلي لكثرة العروض وتفاوت الأسعار وكثرة الناصحين بالتمهل في الشراء.
وتستوقفني نصيحة البعض التي تتكرر دائما بأن جيلا جديدا من الأجهزة والمعالجات في طريقه للظهور في الأسواق وأن من الأفضل الانتظار لشهر أو شهرين ريثما يعرض الجيل الجديد في الأسواق الذي يتوقع أن يكون أقوى وأفضل في الأداء, وأجد هذا قراراً في غير محله لأسباب عدة، فالسوق لا تكاد تستقر شهراً أو شهرين إلا وجيل جديد من المعالجات من INTEL أو AMD أو غيرها من المعالجات قد أصبحت متاحة للمستهلكين, كما أن صدور جيل جديد أمر طبيعي والسؤال هنا: هل يعنيني ظهور هذا الجيل الجديد من الحاسبات أم أنني سأختار جهازي من أجهزة الصف الثاني أو الثالث؟
إذن فالانتظار غير مبرر إذا كانت الحاجة قائمة ومعروفة.
وفي حقيقة الأمر فإن فترات الانتظار بين جيل من الحاسبات وبين الذي يليه أصبحت تتقلص أكثر فاكثر, ففي الماضي كان أحدنا يقتني الجهاز من طراز 286 وحتى 486 ويظل الجهاز لديه لسنوات وهو في قائمة الأجهزة المتقدمة, أما في الوقت الحالي فإن عمر حداثة الجهاز لا يكاد يتعدى شهراً, فلو أن أحدنا اقتنى جهازاً لظهر جيل جديد منه في غضون شهر أو شهرين, وقد تكرر هذا الأمر معي في عدة حالات فقد اقتنيت جهازي وكان حينها مثاليا بالنسبة لي وقد اقتنيته من معرض للحاسبات يعقد كل شهر, وبعد مرور شهر ذهبت لذات المعرض فوجدت جهازا مماثلا لجهازي تماما وسعره يقل عن الذي لدي بمائتي دولار, ولم اشعر بالامتعاض لعلمي بأن ذلك سيحدث على أية حال لأن تغير الأسعار أمر طبيعي في ظل ظهور أجيال جديدة من هذه الأجهزة كل فترة وتسارع وتيرة الإنتاج وخصوصا فيما يخص المعالجات, ولعل من المناسب تحديد سقف مالي معين لسعر الجهاز وربط ذلك بما يحتاجه المشتري في جهازه بغض النظر عما تعرضه الأسواق.
وتختلف معايير الشراء ودوافعه لدى الناس وقد نشرت القرية الإلكترونية مواصفات ينصح بوجودها في الجهاز الذي يرغب المستهلك شراءه, وما دام الحديث عن توقيت شراء الجهاز فلعلنا نعرج بالحديث عن المسائل التي ينبغي أن تكون حاضرة في الذهن فسرعة المعالج ليست علامة على جودة الجهاز.
كما أن سرعة الأداء واعتماديته مرهونة بعوامل عدة وليست محصورة في سرعة المعالج وحسب, من جهة أخرى ينبغي أن يعرف المستهلك ما يريد عمله بجهازه ويجعل ذلك منطلقه في اتخاذ قرار الشراء, فليس كل ما يلمع ذهبا ونصائح البائعين، بل والكثير من غيرهم، ليست ذات جدوى ما لم تكن مرتبطة بالمعرفة الكافية بطبيعة الأعمال التي سيقوم بها المستهلك من خلال الجهاز الذي يرغب اقتناءه, لذا فإن سرعة المعالج وحداثة المواصفات ليست مهمة إذا كانت الأعمال التي سيتم القيام بها محدودة ولا تستلزم جهازا عالي الأداء.
ويصر البعض على احتواء الجهاز على مواصفات وبرامج إضافية تؤدي إلى رفع قيمة الجهاز رغم انتفاء النية أو الخبرة الكافية للاستفادة من هذه المواصفات, وبما أن إضافة إمكانات أخرى إلى الجهاز أمر ممكن إلى حد بعيد فإن التنازل عن المواصفات الإضافية قد يكون قرارا رشيدا يقلل من كلفة الشراء ويتيح للمشتري فرصة للانتظار حتى تدفعه الحاجة لاقتناء تلك المواصفات الإضافية, ولعل استشارة ذوي المعرفة تعين على انتقاء المناسب من الأجهزة رغم أن بعض المستخدمين المتقدمين يؤخذون بمعرفتهم بالحاسب الآلي فيقومون باختيار مواصفات لا يحتاجها من يستشيرهم, وهنا الخلل إذ أنهم جعلوا تجربتهم وخبراتهم منطلقا لاتخاذ قرار شراء جهاز سيستعمله غيرهم.
وخلاصة القول أن المعرفة الدقيقة بما ينوي المستهلك عمله بجهازه وما ينوي إنفاقه ينبغي أن تكون البداية لمن يرغب شراء جهاز جديد, وهذا ما يسمى لدى الأكاديميين بتحليل الحاجات Needs Analysis الذي يوفر الكثير من المال والجهد ويعين على بلوغ الأهداف بأقصر الطرق وأقل التكاليف.
|
|
|
|
|