| مقـالات
أقول بكل تجرد,, كان الله في عون أجهزة الرقابة على المطبوعات لأن هذا الكم الهائل من الاصدارات يحتاج إلى عدد ليس بالقليل ممن يبحثون بين السطور على شطحات الكتاب ولا أقول هفواتهم لأن الابداع ينطوي على ارتياد آفاق الفكر ولا يكتفي بالهوامش العابرة حتى لا يفقد هذه الصفة التي لازمته منذ اكتشاف مغزاه ودوره في التحليق بعيداً مع طموحات الانسان, وانطلاقة المبدع إلى رؤى رومانسية قد تربك المراقب الذي ليس - في الغالب - متوافقا مع نظرة المبدع الى الحياة من حوله وهو أمر متوقع بحكم طبيعة الوظيفة وإن كان المفروض أن يكون متسلحا بالثقافة الواسعة والخلل أن يحدث العكس, فالمراقب عليه أن يحسن الظن في الكاتب ولا يحاول أن يحمِّل الكلمات ما لا تحتمل من قبيل الشك في نوايا الكاتب, فاللوحة لا تقرأ من النظرة الأولى لأن بعض الزوايا قد تكون خادعة أو مخادعة واهمال شأنها يقوض الكثير من جهود الفنان والاشكالية هي في حالة أن يجد المراقب نفسه في حيرة أمام بعض مقاطع من النص فكيف يتعامل معها في هذه الحالة؟ وبحكم العلاقة الوطيدة مع بعض مراقبي المطبوعات طرح مثل هذا الموقف فجاءت الصراحة والحل بوضع ذلك الجزء من النص بين قوسين حتى لا يتسرب غموضه إلى الأجزاء الأخرى، وهي بلا شك خطوة ذكية تستهدف الخروج من المأزق بالتوازن التعادلي ومع أنني لا أؤمن بالسلبية لأنها مجرد جمر تحت الرماد فإن إطفاء الشعلة أمرُّ من الإبقاء على الجمرة, والمراقب الزميل المثقف الذي يؤدي وظيفة رسمية دفعته الظروف لأن يكون في مواجهة التمرد والنمطية على الواقع يتألم في دخيلته لأن النص الذي يضع تحته قلماً أحمر قد يكون معبراً عن ذاته هو ألماً أو تطلعاً فالفرد منا مهما أوغل في العمر يبقى في داخله ذلك الطفل الشقي الذي لا يستغني عن العبث وتهشيم المرايا وازعاج الآخرين لغاية الخلق الفني, وليس المبدع سوى تلك الطاقة التي تتفاعل ولا تعرف الهدوء أو الاستسلام لأن ذلك دورها الريادي في المجتمع, ولابد أن أخفف على أولئك الزملاء المراقبين من وقع تأثير ملاحظاتهم على المبدعين بأن وسيلة التلاقي هي في مواصلة الاطلاع على النتاج الحديث بكافة مناهجه وتجديداته حتى لا يكونوا معزولين عن هذه التيارات الابداعية وعلاقة فكرنا الأدبي معها طالما نحن شعب قارىء متطلع الى الاسهام في التجديد بدليل ان إبداعات بعض مثقفينا حتى في مجال النقد أخذت تلك السمعة البارزة التي تؤهلنا بأن نكون في قائمة المجددين في الفكر العربي مستقبلا ولا تحتاج سوى إلى تشجيع المؤسسات الثقافية على قلة عددها وإنما إلى دعم الموسرين الذين يقفون على شموخ الثراء وليس على قائمة الداعمين للفكر والأدب.
|
|
|
|
|