| العالم اليوم
1 مدخل
احدى طرق حل الأزمات المستعصية، مواجهة أطراف النزاع، وفرض أمر واقع يجمعهم لاستنباط حل ينهي الأزمة، أو يوصلها إلى حدودها القصوى فتحل عن طريق الحسم.
وهذا بالضبط ما فعله الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، بتحديده يوم الثلاثاء موعداً لعقد اجتماع القمة بين رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات، ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك.
الدعوة لعقد القمة لم تكن مفاجأة، فقد كانت منتظرة، خاصة بعد زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية مادلين أولبرايت التي قدمت تقريراً للرئيس كلينتون كان من ضمن فقراته توصيته بالتدخل شخصيا لتحريك الوضع بين الفلسطينيين والإسرائيليين الذين وصلوا إلى الحدود القصوى حسب التزاماتهم الفكرية والحزبية والسياسية بحيث أصبح التنازل عن أي موقف يعرض الطرف مقدم التنازل إلى المحاسبة من قبل شعبه بالنسبة للسلطة الفلسطينية، ومن قبل الاحزاب المشاركة في الحكومة بالنسبة للإسرائيليين.
وهكذا لابد من وضع الفلسطينيين والإسرائيليين أمام الأمر الواقع وحشرهم لانتزاع تنازلات ومثل هذا الدور لايمكن أن يقوم به إلا الرئيس الأمريكي الذي يستطيع أن يجبر الاسرائيليين على مقايضة انتزاع تنازلات منهم مقابل أموال موعودة كذلك يفرض على الفلسطينيين تخفيف مواقفهم والقبول بتغيرات وتعديلات تتيح الوصول إلى مخرج لتجاوز الخطوط الحمراء وهو أيضا ما يمكن ممارسته مع الاسرائيليين، مع التنبيه إلى أن الضغوط على الفلسطينيين ستكون أشد، لاسباب من أهمها الميل التقليدي من قبل الأمريكيين للإسرائيليين ثم لاوراق الضغوط العديدة التي يمتلكها الأمريكيون في تعاملهم مع الفلسطينيين في حين تكاد تكون معدومة مع الإسرائيليين.
ضمن هذا المفهوم كانت دعوة كلينتون لعقد اجتماع القمة، وحدد له منتجع كامب ديفيد، حيث ستكون القمة مفتوحة ومنتجع كامب ديفيد، يخدم الاستراتيجية الأمريكية لان كلينتون سيفعل كما فعل سلفه جيمي كارتر حينما جمع الوفدين المصري والإسرائيلي في منتجع كامب ديفيد، ليجبر الرئيس الراحل أنور السادات ومناحيم بيجن الى التوصل الى اتفاقية كامب ديفيد الاولى.
والاستراتيجية الأمريكية واضحة حيث ستوفر الاقامة المتصلة، والمنعزلة والتفرغ وفرص الالتقاء بين أعضاء الوفود الأمريكية والفلسطينية والإسرائيلية، ثم معالجة كل نقاط الاتفاق لتقويتها وتطويرها، ومناقشة كل نقاط الخلاف للتفاهم حولها والوصول الى نقاط تقارب أو حلول وسط.
ويتصور الأمريكيون أن عقد القمة في كامب ديفيد سيحقق نجاحاً آخر لو تم توفير مناخات نفسية وتاريخية مبنية على تجربة ناجحة، رغم أن فرص النجاح لا تتعدى بنظر الرئيس كلينتون خمسين بالمائة وأقل من هذه النسبة بالنسبة للفلسطينيين والإسرائيليين، إلا أن الحقيقة أن قبول باراك وعرفات للدعوة والتأكيد على الحضور هو بداية زيادة نسب النجاح التي ستعرف نقصا أو زيادة مع كل يوم يمر سواء قبل بدايتها أو أثناء انعقادها، حتى تتضح الرؤية في اليوم الآخر لها.
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني Jaser @ Al-jazirah.com
|
|
|
|
|