| الاخيــرة
عندما يكون المراجع لدائرة من الدوائر حليماً أو حمقاً فهو يظل مراجعاً يحتاج الى أمر يهمه وستظهر خلاله من خلال تعامله مع المدير الذي بيده أمره، وسيستخدم ما بجعبته من أدوات للاقناع أو سواه أملاً في الوصول الى مبتغاه، والمدير الكيس الفطن لابد له أن يكون حليماً حازماً حتى يكون قادراً على اتخاذ القرار الصائب إما إيجاباً أو اقناع المراجع بما لا يمكن تحقيقه, وفي تعامل كهذا لابد للمدير من تقبل بعض الألفاظ والمعاني من بعض المراجعين كما أن عليه تحمل الإلحاح الدائم والمستمر والممل من المراجع، ومن الحصافة أن تكون الفراسة أداة استخدام دائمة من قبل المدير لمعرفة المراجع الصادق من غير الصادق، ومن الحكمة أن يكون العفو وتجاوز الخطأ ديدناً في تعامله فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: (من أراد أن يشرف الله له في البنيان، وان يرفع له الدرجات يوم القيامة، فليعف عن ظالمه، وليصل من قطعه، وليعط من حرمه، وليحلم عمن جهل عليه) وقال المنتصر (لذة العفو أطيب من لذة التشفي) لأن لذة العفو يتبعها الحمد، ولذة التشفي يعقبها الندم قال الشاعر:
وليس اعتذاري من قبيح نافع إذا قيل لي يوماً وصدق قائله فإنك تلقى فاعل الشر نادماً عليه ولم يندم على الخير فاعله |
وأما حقك في استدفاع عدوانه، فقد ايقظك بمجاهرته، وأوهن كيده بمظاهرته.
وقد قيل (أوهن الأعداء كيداً أظهرهم لعدوانه) فاحذر بادرته، وادفع عدوانه، ودفعها مختلف باختلاف طباعه في اثباته بالرغبة او تقويمه بالرهبة, وقد كان لقمان حكيما لبيبا وقد كانت أقواله ووصاياه لابنه أمثالاً لمن اراد طريق النجاة في التعامل والسلوك، فقال لابنه (يا بني اعتزل الشر يعتزلك فإن الشر للشر حارق) وقد قيل (الشرير شره عليه) وقيل (ثلاثة لا يصلح فسادهن بشيء من الحيل: العداوة بين الأقرباء، وتحاسد الأكفاء، والركاكة في ذوي النهي، وثلاثة لا يستقيم صلاحهن بنوع من المكر: العبادة في العلماء، والقنوع في المستبصرين والسخاء في ذوي الأقدار، وثلاثة لا يشبع منهن: الحياة والعافية والمال، والحوائج لا تطلب الا بالعناء، ولا تدرك إلا بالقضاء.
ولا يمكن لمدير ان يحقق كل مطالب مراجعيه لكن قد يكون قادرا على تحقيق جلها أوبعضها، فإن كان الأمر كذلك فعليه أن يبحث عن السبل الموصلة الى خدمة الناس، فالمدير الناجح من يكون قادراً على خدمة الغير دون إخلال بعمله أو تسيب في ادارته, وهذه المعادلة الصعبة لا يجيدها إلا القليل، فمن الناس من يميل الى غمط الآخرين حقوقهم اعتقاداً منه أن ذلك من حسن الادارة والحزم في الأمور، ومن الناس من يفتح الباب على مصراعيه للمستحق وغير المستحق، والمحتاج وغير المحتاج, فتختلط الامور فلا المسيء عوقب ولا المحسن كوفئ, فتعم الفوضى، ويقل الانتاج.
وفي طرح كهذا فهل ساءل أحدنا نفسه في اي المواقع يقع، وفي اي المنازل ينزل، أم هي حكم نتوارثها أقوالا فنطيب بها الخواطر، ونجانبها أفعالاً فنقع في المحذور، فيسبقنا الغير ونبقى نردد الأمثال ونتغنى بها؟
|
|
|
|
|