| أفاق اسلامية
* الاحساء الجزيرة
يظل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الركن الركين في الاسلام حتى عده السلف بالركن السادس في الإسلام بعد فريضة الحج، كما يظل سفينة النجاة للأمة من الوقوع في براثن المخاطر والمهالك,, كما يصون المجتمع ويحفظ الأمن ويحافظ على الاستقرار.
ولأن هذه الشعيرة من أعظم مزايا هذه الأمة وبسببها تتحقق الخيرية لهذه الأمة فقد خص لها فضيلة الشيخ عبدالسلام بن إبراهيم الحصين المحاضر بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بمحافظة الاحساء خطبة الجمعة مبيناً فيها عظم المهمة لرسالتها وعظمة القائمين عليها حيث استهل خطبته ببيان عظائم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال:
إن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم مزايا هذه الأمة المباركة المهدية، فيه تتواصل مشاعر الاخوة، والمحبة بين المؤمنين، ومن خلاله يشتد عضد المؤمن ليجابه مغريات الدنيا ومفاتن العصر، وإنما يشتد بنيان المؤمنين وتماسكهم أمام الشبهات والشهوات بالتواصي بالحق، والتواصي بالصبر، والتناصح والتعاطف، يقول الله جل وعلا ( المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله,,, ) والمؤمن الصادق أواب رجاع، إذا ذكر تذكر، وإذا وعظ اتعظ، وإذا تبين له الحق انقاد وأذعن، وصدق واستسلم، وإنما يستكبر عن قبول الحق، والاستجابة لداعي البر والتقوى من في قلبه مرض، ممن يحب الفساد، ويسعى في الارض بالإفساد، فإذا قيل له اتق الله اخذته العزة بالإثم، يضيق ذرعاً بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأهله لأنه يريد أن يمارس فساده بحرية، ويخرق سفينة الحياة، دون أن يؤذيه أحد، أو يحاسبه محاسب، أو يأخذ على يديه مصلح ناصر، ولقد أحسنت هذه الدولة وفقها الله لكل خير وصلاح حين جعلت للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رئاسة قائمة بذاتها، يقوم عليها رجال، هم والله الرجال، يحرسون الفضائل، ويرابطون على ثغور القيم، والأخلاق، يصدون هجمات الاعداء، ويردون عن الأمة شراً مستطيراً، ومكراً كباراً وكيداً عظيماً، يصرفون من أوقاتهم، وينفقون من أموالهم، ويبذلون من قوة أبدانهم، فوق ماتطلبه منهم أنظمة الوظيفة، فجهدهم ورب الكعبة لا يقدر بثمن ولا يقاس بمال، إذا كان في الحملات الصحية والرعاية الأولية، وإقامة المستشفيات، والإنفاق عليها بسخاء، وقاية للأبدان من غوائل الأمراض، وحفظ للصحة، وتطهير للأجواء من الأوبئة، ففي حملات رجال الهيئة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر حماية للقلوب من أمراض الشبهات والشهوات، وحماية للأعراض من اللصوص والفساق، وحماية للمجتمع من النكبات والضربات التي تحل بمن أعرض عن منهج الله، واجترأ على محارم الله، إنهم يحيون الفضائل، ويميتون الرذائل، ويقفون لدعاة الفساد والإفساد بالمرصاد، يصلون سواد الليل ببياض النهار لكشف فساد مفسد، والذود عن حياض الدين، والدفاع عن حرمات الله، وحماية أعراض المسلمين، وتطهير مجتمعهم من دعاة الفجور، والفسوق، والسحر والشعوذة، يأمرون بالصلاة، وينهون عن إضاعتها، يأخذون على أيدي الفساق الذين يتلصصون على أعراض المؤمنين، وينصبون الحبائل للمؤمنات ليوقعوهن في شرك الفاحشة، وينبهون المتبرجات، إلى خطر فعلهن، وعظيم ضرره على المجتمع، ويأخذون على أيدي النساء اللاتي خلعن لباس الحياء، وتجردن من سربال الدين، وفقدن وليا مصلحا، وراعياً موجها، ويتبعون مفسدي العقول، من أهل المخدرات والخمور، يكشفون عوارهم ويمنعونهم من إجرامهم، إلى أعمال أخرى جليلة، ينوء بها العصبة أولو القوة.
ويشير الشيخ الحصين إلى مايتكبده رجال الهيئة من أذى فيقول: وكم أصابهم في سبيلهم هذا من الاذى، وهم صابرون محتسبون، يحملون أرواحهم على أكفهم، رخيصة في سبيل حماية المجتمع من منكرات تهوي به إلى مهاوي الردى، ثم مع هذه اليد التي يمنعون بها الفساد، ويحاربون أهله، لهم يد أخرى ينشرون بها الخير، ويبثونه بين الناس، وقاية للمجتمع قبل أن يقع المحظور، فيوزعون الكتيبات، والنشرات، والمطويات، والأشرطة المتنوعة، حتى بلغت أنشطتهم الدعوية والتوعوية في منطقة الاحساء أكثر من ثمانية وتسعين ألفا، فهم بإذن الله يبصرون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الاذى، يحيون بهذه الفريضة العظيمة الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وما أقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن المجتمع إفساد المفسدين، وأخلاق الضالين، وعبث اللاهين، بالاخلاق والعقيدة والدين، الذين عقدوا ألوية الفجور، وأطلقوا عنان الفسق والسفور.
ويطالب الشيخ الحصين بالتعاون والتعاضد مع رجال الهيئة فيقول:
إن من حق اولئك علينا، وهم يقومون بهذه الفريضة العظيمة أن نكون عوناً لهم في مهمتهم، بالكلمة الطيبة، والتوجيه الهادف، والإرشاد الصادق، بالدعاء لهم بالتوفيق والسداد، وأن يعينهم الله عز وجل على تحمل الأمانة العظيمة التي حملوها، وليس من العدل ولا من الإنصاف أن نتحدث عنهم في مجالسنا بالطعن والسب، والاستهزاء والسخرية والثلب، فنكون عوناً للشيطان وحزبه، على أهل الحق والخير.
بل الواجب أن نواصلهم، ونؤازرهم، فإذا وجدنا عيباً هم به متصفون، أو خطأ هم فيه واقعون، بادرناهم بالنصيحة وبينا لهم وجه الخطأ والعيب، بالكلمة الطيبة، والأسلوب الحسن، فإما بينوا وجهة نظرهم وعذرهم، وإما أصلحوا الخطأ وعالجوا العيب.
وإني أحسبهم والله حسيبهم أنهم من أهل الانصاف، لا يستنكفون عن قبول الحق، ولا من العودة إليه، بل يشكرون ويتقبلون، فإنما همهم الإصلاح، وإنما ارادتهم الخير.
أوليس يكفيهم أن الله وصفهم بالفلاح، فقال سبحانه: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون).
كل ينكر بحسب قدرته
ويشير الشيخ الحصين في خطبته الى أن رجال الهيئة ليسوا وحدهم في هذا الميدان فيقول:
فليس يقتصر إنكار المنكر على رجال الهيئة وحدهم، بل على كل واحد منا نصيب في انكار المنكر بحسب قدرته، بالإبلاغ والمساعدة، والمناصحة، والكلمة الطيبة، وكم من أوكار للفساد ونشر الرذيلة، تهاوت بسبب تعاون محتسبين من أهل الخير، ذكوراً وإناثاً، شباباً وكهولاً، يرجون رحمة الله، ويقومون بفريضة أوجبها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وإن من أواخر ذلك انهيار ذلك المحل الفاسد لبيع أشرطة الفيديو، حيث كان يروج لأشرطة إباحية بشكل مروع، فحملت الغيرة الدينية شاباً يرتاد هذا المحل لأن يتعاون مع رجال الهيئة، ويوقع المحل بمن فيه وما فيه في أيدي المصلحين، وكانت الحصيلة أكثر من سبعمائة شريط اباحي، وأجهزة كثيرة للالتقاط والتسجيل والنسخ، فيالله العجب، من أي شيء أعجب؟ من ذلك الشاب الذي دفعته غيرته وحرقته على دينه؟! فلله دره، وكثر الله من أمثاله، أم من صاحب المحل؟! كيف دعته نفسه لأن يربح أموالاً على حساب أعراض المؤمنين؟! وعلى حساب اخلاق شباب المسلمين؟! كيف دعته نفسه ينشر الفاحشة في الذين آمنوا؟! ألم يعلم شدة العذاب؟ ألم يتفكر بعظيم الحسرة والندامة إذا أوقف للحساب؟ أي خيانة أعظم من أن يخون المسلم دينه ومجتمعه، ويساهم في هدم أركان الفضيلة، ويصبح جندياً من جنود الأعداء؟! أم أعجب من الآباء؟! الذين بلغ اهمالهم لأبنائهم أنهم يجهلون أين يذهبون، ومع من، وماذا يصنعون، وإلى أي شيء ينظرون، فأين أمانة الابوة، وأين حق الأولاد بالتربية والرعاية؟! أم أعجب من أولئك الشباب الذين انحصرت همتهم في إشباع الغرائز الجنسية، ومتابعة الأفلام الإباحية؟!.
وأعجب من ذلك: أنه لايزال يسمح لمحلات الفيديو بمزاولة هذه المهنة المهينة، مع عظيم الشبهة التي تحوم حولها.
ولا يفوتني في هذا الصدد أن أشير إلى جريدة الجزيرة التي قامت بالتعاون مع رجال الهيئة في كشف محل الفيديو الذي يروج للدعارة والفساد ونشكر لها جهودها وجهود القائمين على صفحة الرسالة في كشف فساد هذا المحل وفضحه على الملأ حتى يعتبر من لا يعتبر.
انتكاسة مروعة للفطرة!!
ثم يتساءل فضيلته عما أصحاب الناس في فطرتهم مختتماً بذلك خطبته قائلاً:
ماذا دها القوم؟ ما هذه الانتكاسة المروعة للفطرة؟ والاستجابة المذهلة لداعية الرذيلة؟ ماهذا التهافت المتهالك على شهوات الدنيا ولذائذها؟ دون خوف ولا ورع،ودون وازع أو رادع، هل جهلت مسالك الهداية هل طمست معالم الصلاح والإصلاح؟ هل فقدت حجج الله وبراهينه؟ هل عميت القلوب عن معرفة الحق؟ .
هل صمت الآذان عن سماع الخير؟ أما لنا قلوب نعقل بها ونتفكر؟ اما لنا آذان نسمع بها ونتأمل؟ أما لنا عيون نبصر بها ونستبصر؟ ألا إن دين الله هو الحق، ووعده لا يخلف، وإن جنده لهم المنصورون، والعاقبة للمتقين .
وإنما الدنيا دار بلاغ، وإلى الله المرجع والمآب، وعليه الجزاء والحساب، فانج أخي المسلم بنفسك وأهلك، وانصح لمجتمعك، وبلغ رسالة ربك، ثم توجه إليه وقل: اللهم هل بلغت؟ اللهم اشهد, ولا يضر المعرض إلا نفسه،
ولا يضر الله شيئاً (يا أيها الذين آمنو قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون).
|
|
|
|
|