أنتِ كما أنتِ أيتها الحروف المتغطرسة,, متعالية كما عهدتك دوماً، لا تنصتين إلا لصراخك المعهود الذي يجعل كل من حولك ينفر منك، متدرجة، حتى تخسرين كل شيء,, أؤكد أن ذلك سيحدث قريباً إذا استمررت على تلك السياسة الهوجاء.
فأنا لا الومك أيتها الحروف,, فشاعرك كذلك,, لا أعاتبك ما دامت تلك الطباع طباعك، ما دامت تلك الأوراق التي تنامين عليها عثى عليها الزمن,.
أنتِ كما أنتِ مزيفة,, أوراقك مكشوفة حتى أمام أوراق الشجر,, وستظلين كذلك,, اعدك بأنك لن تستطيعي النهوض بقوتك وعظمتك المزعومة، التي هي أشبه بالقوارير الفارغة بداخلها خواء روحي سهل الكسر، أعدك بأن لن يكون بقدرتك نسج نفسك أمام الملأ لتكوني قصيدة والذي كان لغيرك الفضل في نسجها أعدك ثم أعدك بأنك لن تملكي تلك المعجزة التي بهرتي كل من حولك بها لكي ترمي بشباكك الطويلة، على من تريدين,, فقد أخفقت هذه المرة,, وأصبحت أيتها الحروف تتمنين الخلاص من ذلك الكابوس الكاتم على أنفاسك سنين طويلة.
بالله عليك أيها الإنسان الشاعري المزعوم، كيف لحروفك أن تكون قصيدة جميلة، بسيطة، فواحة العطر، كيف لعظمتك التي تقف حاجزاً بينك وبين تلك الباقة الجميلة، القلوب المليئة بالعطاء,, إن تحقق كل ذلك,, بدعوى أنها تلك الحياة، فقد تكون الحياة أجمل بعين من يعاملها بذوق وبسمة ملؤها التفاؤل، بقلب أبيض، بنفس شفافة طيبة تخترق جميع القلوب القاسية بأسلوب حضاري أليس كذلك؟ فالقصيدة هي السفير الحقيقي لشخصية شاعرها، أسلوبه,, تداعياته الغامضة,, خيالاته الساحرة,, أخلاقياته التي تؤكدها لنا تلك الحروف التي يخطها,, وليس العكس!! العكس الذي بتنا والأسف أصبح حقيقة مؤكدة,, هذا هو حالنا اليوم أيها الشعراء الكرام,, قصائدكم ليست كما أنتم ليس الكل,, ولكن البعض منكم وهم كُثر بصماتكم المبعثرة تكاد تتبخر كما أسماؤكم!! فاعذروني.
* كل خميس,, أجمل خميس,, تضيء سماء جدة البهية بأنوارها,, بضجيجها الممتع,, بشاطئها الساحر,, والشيء الجميل الذي يجعلك تتفاءل بمستقبل هادئ ومستقر ذلك التجمع الشعري الجميل في مهرجان كبير كمهرجان جدة الذي نعيش أيامه ولحظاته الآن,, ابتداء من تلك الأمسية التي من وجهة نظري أجمل الأمسيات للشاعر عبدالرحمن بن مساعد بتلك الروح المتواضعة الشفافة، تلك الحروف التي تحمل من البساطة ما يجعلك تعيش معها بحرية متناهية,, تلك الأجواء التي تنسيك حتى النظر في الساعة كل حين,, لم أتمن لحظات غير تلك اللحظات وعشتها بذلك التجمع الجماهيري غير الطبيعي الذي شهدته الصالة,, وهذا دليل واضح على صدق شاعرية شاعر الشعر النثري عبدالرحمن بن مساعد أو الشاعر الاجتماعي كما يحلو للبعض أن يطلق عليه,, وهو كذلك,, فهنيئا لجدة عروس البحر باحتضان الشاعر عبدالرحمن بن مساعد,, كما أتمنى للرياض العاصمة بأن يكون لها نصيب من ذلك العطاء الشعري المتواضع والرائع أيضاً,.
الغادة
|