| الثقافية
مقاطع أحمد أبو دهمان المتناثرة والتي يصر بعضها على البقاء في الذاكرة، هذه المقاطع على بساطتها تبقى متوهجة تذكر بشاعر حقيقي لديه تجربته الخاصة, وتجعل من المتوقع ان تعرف ساحتنا الأدبية نتاجا شعريا يضيف كثيرا الى اللوحة الشعرية المحلية.
الا أن هذا التوقع مضى عليه كثير من الوقت, بل كثير جدا منذ منتصف السبعينيات أي الى حد الاحساس بان الساحة الشعرية المحلية خسرت شاعرها.
ولهذا السبب كنت أسأله في لقاء نادر أو مكالمة هاتفية عن الشعر والكتابة فيخبرني بأن لديه قصائد وقصصا للأطفال وأنه لا يزال يكتب,, وهكذا بعد سنين أعود لنفس السؤال فيعود نفس الجواب, ولكن الزمن يمضي والشيب يشتعل والساحة تتسع لتضيق وتضيق لتتسع والشاعر يماطل على مدى ربع قرن, لقد كنا في أواخر السبعينيات لا نذكر سوى بدر بن عبدالمحسن ذلك الشاعر الذي اجترح تجديدا وحيوية في الشعر الشعبي هنا أو الشعر المكتوب باللغة المحكية.
وعندما سمعنا قصائد أبو دهمان الفصحى منها والعامية وتلك الرؤية التي يطرحها تجاه الشعر الشعبي توقعنا زخما كثيرا للقصيدة المحلية, الا ان الشاعر اتخذ قراره بالسفر فقال لحبيبته وهو يحاورها:
هو: ما بيننا وبين القمر
سيرة شهر
يا عزوتي زان السفر
هي: هالحين؟!
توّي رايحة من المزرعة!
هو: لا,, لا تغسلين.
الطين في خدودك عطر
هي: يا خوي كني خايفة
هو: من ويش يا شبه القمر؟
من عشرتي باشرف سفر؟
والله ما خونك ولو خان الدهر.
لكنها ترفض السفر فتنتهي القصيدة هنا.
وتتشبث هي بقنن الجبال وتموجات الرمال, أما هو فمد يدين عاريتين الى رأسه المعصوب وناولها عصابته المصنوعة من زهور الجبال وهبط من القمم المغموسة في السحب شادا حزامه ذاهبا الى مطار الرياض باتجاه باريس فهل خسرت ساحتنا الثقافية شاعرها؟! ذلك هو السؤال!
لكننا سندع السؤال هذا مؤقتا لنعود الى الموضوع الذي أدى الى كتابة هذه السطور المتسرعة فأحمد أبو دهمان أو بعبارة أكاديمية الدكتور أحمد أبو دهمان الذي كان بحثه لهذه الشهادة عن المملكة في القصة القصيرة من جامعة السوربون في باريس أصدر قبل أربعة شهور رواية الحزام باللغة الفرنسية عن دارغاليمار أشهر دور النشر هناك والتي تختار كتابا من بين المئات هذا قبل بضعة شهور، أما الآن فقد أصاب الكتاب الساحة الأدبية والقراء هناك بالسحر والدهشة حيث نفدت الطبعة الرابعة والخامسة تحت الطبع.
يقول الفرنسيون ان الكتاب فصول من التجلي والأناقة كأحجار كريمة مصقولة تأخذنا بعيدا جدا وعاليا جدا فماذا تقول ساحتنا الأدبية؟!
لكننا سندع هذا السؤال مؤقتا, فنهنىء الساحة بهذه الأناقة والتجلي ونهنىء شاعرنا المغترب والكاتب الوحيد باللغة الفرنسية من جزيرة العرب منتظرين كتاباته بلغته العربية وقصائده الرهيفة باللغة اليومية, ويلاحظ ان عنوان المقالة السابقة: منزل الكتابة1 وعنوان هذه المقالة منزل الكتابة 2 ,,, الخ
أو كما قال أبو الطيب:
لك يا منازل في القلوب منازل ,,,,
ما قلبت: قلما، بأحسن من ثناك، أنامل
|
|
|
|
|