| المجتمـع
* تحقيق : ظافر الدوسري
مما لا شك فيه أن الطالب هو محور العملية التربوية التعليمية، والهدف المنشود في دعامة هذه الأمة.
وفي كل سنة تنجح مجموعة كبيرة تفوق النصف إلى ثلاثة أرباع من الطلاب والطالبات والباقون يكونون إما مكملين فينجحون بعد تأدية اختيارات الإكمال والبعض الآخر يعيد السنة,, تسلط الأضواء على الناجحين بنسبة أكبر وتقدم الهدايا كثناء لهم، أما الراسبون فيكون التأنيب والعقاب من نصيبهم,فما هي مشاعر الراسبين يا ترى بعد إتمام سنة كاملة من الدراسة تنتهي بالفشل,.
في هذا الاستطلاع قمنا بأخذ آرائهم للتعرف على أسباب الفشل من وجهة نظرهم ثم أخذنا رأي التربويين حول هذا الموضوع والطريقة السليمة في تعامل الأسرة مع أبنائها الراسبين.
هناك فرصة أخرى
* بداية يقول الطالب بندر المنصور: الإكمال ليس نهاية الدنيا، فهناك فرصة أخرى للنجاح، وعندما شعرت بأني مكمل لا محالة قررت السفر للترويح عن نفسي وللهروب من هذا الجو المشحون,, تأنيب وعقاب وتثبيط لا فائدة منه,,! وسوف امتع نفسي في هذه الإجازة حتى اجتاز اختبار المكملين بنجاح.
الجامعة هي السبب
* أما الطالبة منيرة الدوسري فتقول: كان شغلي الشاغل مادة المكتبة والجغرافيا ولقد استعددت لهما استعدادا جيدا لأن مستواي كان منخفضا فيهما في الفصل الأول، فكان كل همي ألا أكمل في هاتين المادتين حتى أتمكن من الالتحاق بالجامعة أو الكلية، لكن لو ينزل اسمي (وهو المتوقع لأن أسئلة هاتين المادتين كانت صعبة نوعا ما) فسوف أغضب وسيضيق صدري لكن لدي العزيمة القوية في المحاولة وانتزاع النجاح مرة أخرى.
تأخرت عن الاختبار
* يقول الطالب (س, ن) إني طالب مجد بشهادة الجميع ودائما احصل على شهادات تفوق ولكن في هذه السنة حصل ما لم يكن بالحسبان,, فلقد تأخرت عن حضور الاختبار لظرف طارىء لمدة 20 دقيقة تقريبا، وذلك عندما حضرت ومنعني المشرف التربوي من دخول الاختبار خفت قليلا لكني لم أيأس فقد ذهبت لمدير المدرسة وتوقعت أن أجد قلبا عطوفا ففوجئت بالرفض وأصبت بالذعر ولم أعد أعرف ماذا أفعل، ذهب والدي للمدير والمشرف التربوي واستنجد بالمدرسين الذين يعرفونني جيدا لكن خابت آمالي وطموحاتي في مدرستي الحبيبة!! كانت النتيجة مُرّة,, سنة كاملة من الجد والاجتهاد تفنيها بضع دقائق وتأخير لا ذنب لي فيه,صعوبة المناهج
ويقول الطالب (م,م) كنت قبل بضع سنين في منطقة أخرى بعيدة عن المنطقة التي أسكنها الآن (الجبيل) والسبب الرئيسي لهذا الانتقال هو رسوبي المتكرر,, في الحقيقة أنا أقر بالسبب وراء هذا الرسوب وهو المناهج الصعبة قياسا بقدراتي العقلية التي وهبها الله لي, فأنا لا استطيع حفظ هذا الكم الهائل من المعلومات,, علما أن مستواي دائما متدنٍّ وكنت كلما أرسب ألقى عقابا وتهديدات ووعيدا شديدا مما يجعلني عاجزاً عن تحمل كل هذا الهم, هم رسوبي من جهة وهم التهديدات من جهة أخرى,, الجميع يصب عليّ جام غضبه.
في الواقع لم أعرف في البداية كيف أتصرف لكن وجدت الحل في تغيير المنطقة, سافرت لأحد الأقارب لأكمل تعليمي بعيدا عن ذلك الجو المزعج ولا أخفيكم سرا لقد تحسنت كثيرا بالرغم من إكمالي في عدة مواد.
وأضاف: ولن أخبر أهلي برسوبي حتى أتمكن من تأدية الاختبارات وأنا مرتاح نفسيا لهذا التصرف.
أسباب الرسوب والإهمال
* المعلم عبدالله سعيد الأحمري مدير مدرسة اليقظة الثانوية ومدرسة طيبة المتوسطة بالجبيل شاركنا قائلا: هناك ظروف كثيرة قد تعترض الطالب أثناء دراسته وبالتالي ينحرم من فرصة النجاح وينهزم دراسياً من تلك الظروف الاهمال لدى كثير من الأسر من خلال عدم تنظيم حياتها وعدم متابعة ابنائها, أضف إلى ذلك أننا نلاحظ كثيرا من الطلاب الضعيفين في التحصيل العلمي لكن عندهم قدرات عالية عندما تستخدمهم في جوانب أخرى، بل وفي الجوانب العلمية، لكن ما هو السبب الذي يجعلهم يخفقون في جانب التحصيل العلمي؟! إنه كما ذكرت إهمال الأسرة الحقيقي في عدم المتابعة ووضع طريق سير لهذا الطالب فيشعر أنه يفرح بأوقات الإجازة وحصة الفراغ، بل إنه اعتاد على الخمول وعدم العمل.
تصحيح مفهوم خاطىء
بينما قال المعلم عبدالله الأحمري: إن الرسوب لا يعتبر آفة من آفات التعليم أو هزيمة نفسية أو هزيمة كما يراها الآخرون وأظن ان الرسوب عبارة عن محاولة لأي إنسان قد يتجاوزها وقد يخفق فيها ولو نظر إليها الطالب بنظرة صحيحة فسيجد إنها عملية محاولة وكسب خبرات وكم هائل من المعلومات, وأما أنها هزيمة نفسية فالإنسان العاقل لا يعدها كذلك، بل يعدها كما ذكرنا بأنها عملية محاولة وليست فشل لأنه لو بنى هذا الإنسان بهذا الفكر لتولد عنده كم هائل من التراكمات والهزائم النفسية وأصبح الإنسان يدعى بالفشل بالمجتمع، بل يدعي لنفسه بأنه منبوذ بالمجتمع كذلك.
تعامل الأسرة مع الطالب
أما عادل النصار مدير مدرسة أم القرى المتوسطة بالجبيل الصناعية فقد تحدث قائلا: الفشل بشكل عام لا يعتبر النهاية، قد يكون من الفشل انطلاقة وهذا ما حدث لكثير من الناس الناجحين في كثير من أمور الحياة، بل إن بعضهم فشل مرتين وثلاث مرات ثم جعل هذا الفشل دافعا لانطلاقه.
والرسوب ظاهرة موجودة بالمدارس وهذا ما يعول على المدرسة أي لابد أن يكون للارشاد الطلابي دور في احتضان الطالب سواء كان ضعيفا أو متفوقا والعملية التربوية كي تؤدي دورها ينبغي أن يخفض نصاب المعلم في معدل الحصص لأن المعلم الذي يأخذ نصاب 20 حصة فما فوق لا يستطيع أن يلتقي مع الطلاب وذلك أنه مطالب بالمنهج والإدارة تطالبه وتحاسبه ويبقى المعلم باله وفكره مشغولا في إنجاز المنهج ويترك العملية التربوية في توجيه الطالب أضف إلى ذلك الأعداد الهائلة في الفصل التي قد تصل إلى أكثر من 35 طالبا تعتبر من معوقات العملية التعليمية.
أنواع الطلاب الراسبين
وأشار عايض ناجي الشهراني وكيل مدرسة اليقظة الثانوية بالجبيل إلى أن تعامل الأسرة مع الطالب الراسب يعود إلى نوعية الطالب وسلوكه وقال بهذا الخصوص: مما لا شك فيه أن التعامل يختلف حسب تفكير الطالب لأن هناك عدة أنواع من الطلاب الراسبين، فهناك طالب مستهتر وطالب حصلت له ظروف، فالطالب المستهتر فلا ينفع معه إلا الشدة بشرط ألا يصل إلى مرحلة الإهانة أو التشهير به أمام اخوته وأقاربه وذلك بزرع الثقة في نفسه من جديد وأخذ الوعود منه بان يعاود المحاولة,, أما الطالب الذي حصلت له الظروف فلا يستحق من الأسرة أن يضغطوا عليه، بل يحاولوا أن يعيدوا له حماسه ونشاطه خاصة إذا تحطمت نفسيته بعد الرسوب,واستطرد قائلا: ويعود التعامل الصحيح بين الأسرة والطالب إلى ثقافة الوالدين إذ لابد ألا يصيبهم الذعر والقلق حينما يعلمون برسوب ابنهم، بل يجب أن تضع الأسرة أمامها أمرين الأول أن لها دورا وتتحمل جزءا من اخفاق هذا الطالب ولابد أن تدرك هذا الأمر لماذا أخفق ابنها ولم ينجح الأمر الثاني أن على الأسرة أن تدرك أن هناك ما يسمى بالقدرات، فالطالب المتميز في اللغة العربية والتاريخ ليس بالضرورة أن يكون نابغة في الرياضيات والإنجليزي.
لا,, للرسوب
وأضاف محمد صالح الغامدي وكيل مدرسة أم القرى المتوسطة الصناعية قائلا: بداية أنا لي تحفظ على كلمة راسب لأن هذه الكلمة مرفوضة تماماً في العملية التعليمية وينبغي، أن تنفى هذه الكلمة من القاموس ويدركها جميع أفراد المجتمع لأنه ومع اللائحة الجديدة ليس هناك طالب راسب، بل طالب مكمل.
وأردف الغامدي قائلا: كلمة راسب كلمة قوية جارحة مؤلمة للنفس، فكيف نلقبّها ابناءنا وكل يوم المجتمع إلى الطالب الراسب تعني طالبا فاشلا غير سوي سيىء الخلق فهذه تنعكس سلبا على الطالب وتظهر في تصرفاته وأقواله وأفعاله بل تولِّد أحيانا الخجل والعدوانية والانحراف,, فلماذا لا نأخذ بالمثل لكل جواد كبوة ونجعل هذا منهجا لنا ونتعامل مع هذا الطالب على هذا الأساس.
للطالب الراسب نصيب من الفرح
وتحدث محمد الغامدي في كيفية قضاء الإجازة للطالب الراسب حيث قال: بالنسبة للإجازة فالمجال مفتوح، أما الطالب الراسب والطالب الناجح, والإنسان بشكل عام لابد له أن يأخذ إجازة بعد جهد وعناء سواء كان موظفا أم طالبا فله الحق أن يستريح لعل هذه الراحة تكون عونا له لمزيد من العمل والكفاح, لكن الذي يجب أن تنبه له الأسرة هو عدم حرمان هذا الطالب المخفق من التمتع بالإجازة، بل ينبغي أن ينظم وقته بتخصيص وقت للعب والمرح والسفر ووقت للمذاكرة أيضا، كما يمكن إلحاقه بالمراكز الصيفية والمؤسسات الخاصة التي تعنى بتقوية الطلاب في الصيف,* أما مسفر القحطاني المدرس بمدرسة تحفيظ القرآن الكريم بالجبيل فقال: لابد من التركيز على قضية الإيمان بالقدر وأن هذا شيء قد كتبه الله عليه، فالواجب الصبر على هذا المكتوب والرضا به وحمد الله على كل حال ومن يؤمن بالله يهد قلبه الأمر الثاني أن الرسوب ليس شراً محضاً، بل قد يكون فيه خير للطالب, قال تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم).
|
|
|
|
|