| محليــات
المنطق الوحيد الذي يستند إليه صُنّاع القرارات السياسية في إسرائيل في موقفهم الرافض بقوة لقرار السيادة الفلسطينية اعلان الدولة الفلسطينية في 13 سبتمبر القادم، هو منطق القوة العسكرية الغاشمة التي تملكها أو التي تملكها الدول التي تظاهرها في موقفها!
وباستثناء حالات نادرة، كحالة رد عدوان دولة بغت بقوتها العسكرية على دولة أخرى (كحالة البغي العراقي على الكويت) فإن منطق القوة لا يلجأ إليه في أغلب الأحوال سوى الطغاة الظالمين الذين لا يجدون في قواميس السياسة والأخلاق والقانون، منطقاً آخر يبررون به طغيانهم وظلمهم الذي يستحلُّون به حقوق الغير بعد اغتصابها!
ولقد اغتصب اليهود الاسرائيليون أرض دولة فلسطين بالقوة العسكرية وأقاموا دولتهم على الجزء الذي حددته لهم الأمم المتحدة التي استحت - أمام الاحتجاجات العربية والاسلامية - من أن تسمح لليهود بالاستيلاء على كل أرض فلسطين فقسمتها بينهم وبين أصحاب الأرض الشرعيين وهم الشعب الفلسطيني، وذلك بموجب قرار تاريخي معروف هو القرار (181) الذي لم يفقده تقادم الزمن صلاحيته، وقابليته للتنفيذ متى وجد الفرصة المواتية.
وعندما حانت الفرصة للشعب الفلسطيني بقرارات سلطته الوطنية ومؤسساتها التشريعية لإعلان دولتهم في الأرض التي كانت من قسمتهم كشف الاسرائيليون عن وجوههم الحقيقية وأعلنوا بجرأة هي أقرب إلى الوقاحة رفضهم للدولة الفلسطينية، ثم قبولهم لها بشروطهم وتوصيفاتهم لها سياسياً وسيادياً!
ثم بعد هذا التوصيف أرادوا أن يأخذ الفلسطينيون الإذن منهم بعد أن يبصم لهم قادة الشعب الفلسطيني على ما يريدون أن تكون عليه دولتهم!
وأمس قال وزير العدل الاسرائيلي يوسي بيلين إن الدولة الفلسطينية إذا أعلنت بدون موافقة إسرائيل فإنها لن تكون مستقلة، وستكون مجرد حبرٍ على ورق !!
وقبل ذلك هدد إيهود باراك رئيس وزراء إسرائيل أول أمس السلطة الفلسطينية وحذرها من إعلان دولتها بطريقة أحادية وقال أمام لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست: (لقد حذرت إسرائيل الفلسطينيين بأنها ستمد ولايتها القضائية إلى تجمعات استيطانية في الأراضي الفلسطينية، وستقيم منطقة أمنية واسعة في وادي الأردن في حال اتخذوا - الفلسطينيون إجراءات أحادية الجانب!
وبمعنى آخر أراد باراك أن يقول إن إسرائيل ستضم إليها الأراضي الفلسطينية إذا ما أعلن الفلسطينيون دولتهم بدون موافقتها أو استشارتها لتكون الدولة الفلسطينية في هذه الحالة وكما قال وزير العدل بيلين مجرد حبرٍ على ورق !
المؤسف أن الولايات المتحدة الأمريكية وهي الراعية الاولى لعملية السلام والتي تتحمل مسؤولية خاصة ومميزة - بحكم وضعها كدولة عظمى - تجاه تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ومنها القرار (181)، كررت أول أمس رفضها أيضاً لإعلان الدولة الفلسطينية من جانب واحد,, بمعنى إعلانها بدون موافقة اسرائيل!!
وهكذا يتحول حق الفلسطينيين المشروع تاريخياً وقانونياً في إعلان دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني إلى قضية تطرح تحدياً خطيراً، طرفاه التهديد الاسرائيلي من جانب، والاصرار الفلسطيني من جانب آخر، الأمر الذي لن يمكن تجنب مخاطره إلا بتراجع إسرائيل عن تهديدها، أو تراجع الفلسطينيين عن إصرارهم,, وفي الحالتين فإن عملية السلام تراوح مكانها دون نتيجة تدعو للتفاؤل بمستقبلها.
الجزيرة
|
|
|
|
|