| مقـالات
غفر الله للشيخ سنا ومقالا عبدالله بن إدريس، وعوض عليه ماذرف من دمعة عزيزة غير غزيرة في مقالتيه في هذه الصحيفة 18 و 25 ربيع الأول من هذا العام واحد وعشرين بعد أربع مئة وألف من هجرة المصطفى عليه الصلاة والسلام,, وعفا الله عن صحيفة الجزيرة لما لانت له وأبعدت النجعة بنشر هذين المقالين في يوم المصادقة على معاهدة الحدود بين المملكة واليمن.
الهدف هنا ليس في البحث عن بكائية ابن إدريس, فله أن يبر والده ويبكي ذكراه لكن ما أثار الاستغراب هو مقالة أن الملك عبدالعزيز رحمه الله قد انتدب والده عبدالعزيز بن إدريس رحمه الله ومن ورد ذكرهم في المقال الأخير، إلى اليمن للدعوة والإرشاد وذلك أثناء الحرب عام 1351ه وفي المقال الأول قال ابن إدريس : لقد كان والدي رحمه الله طالب علم وداعية لذلك انتدبه الملك عبدالعزيز رحمه الله إلى جانب الشيخين: عثمان بن سليمان وعبدالله بن زاحم عندما قامت حرب اليمن عام 1351ه كدعاة ومرشدين لمدة عام كامل على الحدود بين المملكة واليمن.
وهنالك تناقض بين الانتداب إلى اليمن وبين الانتداب لمدة عام على الحدود بين المملكة واليمن أثناء الحرب، ولا تثريب على الرجل فهو ربما لا يحسن فقه التاريخ ولا منطق الدلالة والاستدلال ودستورية التوثيق, فلم يشر إلى أمر الملك عبدالعزيز لوالده هل كان مكتوبا وهو ما كان الملك رحمه الله يفعله مع كل من شاركه الجهاد في ملحمة توحيد الوطن الكيان المملكة العربية السعودية من كل أطراف الوطن شمالا وجنوبا سهلا وحجازا نجداً ونجعا.
فلم يشر إلى الطريقة التي تم بها ممارسة العمل المنتدبين له أكانت بارتباط بمرجعية إدارية سعودية ومن كان القائم بالأمر في القيادة السياسية او الميدانية الحربية في الوقت الذي لم أجد أي ذكر لمصدر تاريخي يدعم ما قاله الرجل عن والده فهذا تركي بن ماضي رحمه الله قد أشار إلى تعيين الملك عبدالعزيز عبدالله بن إبراهيم العسكر أميرا على مقاطعة عسير في شهر جمادى الثانية عام 1342ه ورغبة الملك في سفر ابن ماضي مع ابن عسكر, وان الأمير ابن عسكر ومرافقه ابن ماضي قد غادرا بلدتهما روضة سدير إلى الرياض للسلام على الملك عبدالعزيز ومعهما الشيخ محمد بن عبدالله بن إسماعيل من أهالي حوطة سدير الذي عُين قاضيا لأبها وملحقاتها وتوفي رحمه الله في أبها عام 1345ه (من مذكرات تركي الماضي عن العلاقات السعودية اليمنية 1417ه دار الشبل) ولم تشر الدكتورة مي عبدالعزيز العيسى ولا غيرها بذكر لابن إدريس يتفق مع ما ذكره عن والده مع أن ابن ماضي قد ذكر 50 رجلاً من المرافقين إلى جانب أسماء شيوخ القبائل من عسير وقحطان ورجال الحجر الذين كانوا في ضيافة الملك عبدالعزيز أخصاما لأمير عسير الذي عزله الملك وعين بدلا منه ابن عسكر, وهنا فما قاله ابن إدريس موضع ظن وشك حتى يأتي ما يوثقه!!
أما ان أولئك المنتدبين للإرشاد كانوا قد ذهبوا إلى اليمن فلعل الشيخ ابن إدريس قد خانته سني العمر فظن أن أرض عسير والمخلاف السليماني هي أرض يمنية فهذا قول غير صحيح لا يسنده من التاريخ السياسي ولا أنظمة الحكم التي توالت على تلك البلاد من الأشراف الحسنيين والحسينيين والعلويين الطالبين أو الادارسة أو الزعماء العسيريين من آل العايض والمتاحمة وغيرهم, فلقد ظلت تلك الأصقاع حرة مستقلة وميمنة ضاربة لإقامة مذهب السنة والجماعة على مدى العصور على مذهب الإمام محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه ابن عم رسول الله عليه الصلاة والسلام, حتى كانت إشراقة الإمام عبدالعزيز الذي ارتضته الأمة في شبه جزيرة العرب قائداً للاستقلال من التشطير والفرقة والشتات فكانت عسير والمخلاف السليماني الميمنة التي حطمت اساطير الشتات بقبضة القائد الإمام, نعم هذه من تلك حضارة ونسبا وصهرا واصالة انتماء عروبي لكن باستقلال تام, وهذه تذكرة لابن إدريس فيما وهم به, فالإرشاد في ساحات القتال هو أقرب للقضاء منه لغيره حين تحتاج المحاربون إلى مرشدين لتقوية روح الجهاد والثبات والفصل فيما يشجر من خلافات بين المقاتلين , والحرب لم تكن عام 1351ه كما تذكر الرجل غفر الله له والذي تم ذلك العام هو أنه بعد فشل المفاوضات مع إمام اليمن كانت طلائع المقاتلين من رجال القبائل ومشاركة أول فرقة من الهجانة قدمت من مكة المكرمة وهي التي احتلت ميدي والمخا وبيت الفقيه والحديدة بقيادة سعود بن جري وصالح النفيسة وناصر بن ظافر والدي رحمهم الله جميعا ولم يكن هنالك حرب بجيش نظامي!!
ولعل في الأمر متسع من وجود عذر لابن إدريس فيما ضعفت به ذاكرته فقد يكون المقصود باليمن هو ما درج عليه العرب بتسمية كل ما تيامن من البيت الحرام يمنا وماتشأم منه شمالاً.
أهلا بالشاعر ابن إدريس في غير ميادين التاريخ , ونشاطره فرحة الوفاق والاتفاق على ما تم الاتفاق بشأنه والذي جاء اتفاقا مكملا لما سبق عليه الاتفاق.
|
|
|
|
|