ما زلت أبحر داخل ديوان الشاعرة ثريا العريّض تستغرقني الحروف والكلمات,, أتأمل ذلك الفيص الرائع الذي يصطخب ألقاً ويفيض جمالاً,, يجعلني أنسى ما كان وما سيكون,, ليس إلا تلك اللفظة التي أقرؤه فيها,.
تبدو لي الشاعرة في الكثير من القصائد مثلما طفلة وحيدة تقف على تلة في صحراء شاسعة أو على صخرة ساحلية ترقب موج البحر والشمس تغرق في الأفق السحيق وهي لا تزال ترسل صوتها,, وتصر ما دام ثمة خيط مضيء من شعاع نهار آفل (وليكن,, ثمة نهار قادم)!
يحملها التفاؤل واشتعال المخيلة المستفيقة أبدأ إلى نداء (ابن ماجد),, ذلك البحّار الذي تردد صدى اسمه في عمق الزمان,, ونقلته إلينا كتب التاريخ.
أمنح نفسي حرية كاملة في الإبحار داخل قصيدتها (أغنية لابن ماجد),, تقطفني الحروف والكلمات من رتابة اللحظات ومن شحوب الواقع وقسوته,.
لك كل الشواطئ/ كل المرافئ,,/ كل الموانئ,,/ كل المدن
لك تلك المساحات الهائلة من كون لا تحدُّه عين إنسان ولا تحيط به سوى عين خالق عظيم، ولذا أقصدك,, ولذا أغنِّيك,, ولذا أناديك!
لي نقش اسمك فوق اليدين,,
ذكراك هنا,, ملامحك ونبرة صوتك وخطواتك,, كل هذه تقول إنني أعرفك جيداً كما أعرف نفسي,, إن كنت عرفتها,,! فهي مازالت تؤرقني وتحيرني,.
ولي انتظار إياب السفن/ عباب,,عباب,,/ وراء العباب,, يموج العباب/ والملح يحمل سرَّ حنين المسافر للاغتراب
لي أمل لا يخبو,, لي حلم يكبر أبداً في مقلتي ولا يهن أو يتعب,, ورغم ذلك ثمة ضباب من اللا فهم يزيدني إصراراً على ندائك ضباب,, ضباب,,/ وبين الضلوع احتدام الضباب/ لا الغيم يحمل غيثاً,,/ ولا الريح تأتي انهمارَ مزن
كن كما تكون,, جحيماً,, ظمأً,, سراباً,, لكني أعلم أن ما بك بي وأننا معاً نتحقق/معاً نتمزق/ والعمر بين الأصابع يُهرق
لم تكن قصيدة ابن ماجد هي الوحيدة في الديوان تلك التي استوقفتني,, بل هناك الكثير مما لا أستطيع التحدث عنه أو حوله في مساحة زاويتي الصغيرة هذه!
فثمة حنين يزلزل الروح (كأني منذورة لحنين البحار,,) وثمة رغبة في الكمال (أي اكتمال يؤرق ذاتي,,/ وأي اشتياق لذاتي/ وأي وجود أعاني)
وثمة عشق غريب أي عشق عزيب سيحملني لخيالي/ لمن كلُّ هذا التوحش,,
وثمة دهشة ما زالت تسكنني,, وما زالت الحروف والكلمات تستغرقني,, تأخذني وأتمنى ألا تعيدني!
|