| الريـاضيـة
(في منتصف الأسبوع) الماضي وتحت عنوان (المنتظرون على رصيف الاحتكار) تطرقت لموضوع الاحتكار الذي تمارسه بعض القنوات الفضائية حيال بعض الاحداث الرياضية من خلال الحصول على حقوق بثها حصريا عبر قنواتها المشفرة، والذي اصبح حديث الساعة هذه الايام لملامسته لشريحة واسعة من المجتمع ولانعكاساته على الوضع العام.
وقد طرحت وجهة نظري من زاوية شخصية بحتة، وبقناعة تامة أرى فيها واقعية يفرضها المنطق وسنن الحياة بغض النظر عن مدى توافقها مع رغباتنا وميولنا الشخصية، قلت ان الاحتكار او (حقوق البث) ظاهرة عالمية ليست وليدة اليوم، لكن ما جعلها تبرز على السطح هذه الايام ويدور الجدل حولها انها لامست مشاعرنا ورغباتنا اكثر من أي وقت مضى، إذ جاءت في وقت يشهد طفرة كروية ورياضية تتزامن مع ارتفاع في مستوى الوعي والمتابعة للاحداث، ومشاركات متعددة لمنتخباتنا الوطنية وانديتنا المحلية التي تمثل الوطن، في حين اننا لم نكن نلمس ذلك في السابق,, عندما كانت شركات عالمية كبرى وما زالت تحتكر نقل البث التلفزيوني لمسابقات رياضية كبرى مثل كأس العالم، والاولمبياد,, وكان التلفزيون السعودي يحصل على حق بثها بشرائها مباشرة من تلك الشركات، وعن طريق اتحاد الاذاعات العربية مؤخرا وبعد تشكيله.
وطرحت خلال الموضوع العديد من التساؤلات والحلول التي أرى انها تحفظ للجميع حقوقهم وتجعل شبابنا ومجتمعنا يحصل على حقه دونما حاجة لفرض وضع قائم عليه باشتراكه في قنوات فضائية,, او شرائه لها دون قناعة منه بذلك,, او لظروف اجتماعية وربما اقتصادية, ولا ارى انني بحاجة لإعادة تلك التساؤلات او الحلول ولو بايجاز اذ ان القصد هنا ليس اعادة الموضوع الذي كنت قد وضعت في اعتباري عدم العودة اليه مرة اخرى لقناعتي التامة بما طرحته,, لكن تعميما صدر مؤخرا من مقام الرئاسة العامة لرعاية الشباب بمنع الاندية الرياضية من بث مباريات كأس الامم الاوروبية علىشاشات كبيرة داخلها لعموم الجمهور إلا بإذن مسبق من الشركة المالكة للحقوق جعلني أعاود الكرّة مرة اخرى لمناقشة الموضوع.
ولاشك ان الرئاسة العامة لرعاية الشباب عندما اصدرت ذلك التعميم او القرار,, فهو لم ينبع من عندياتها او بدون اساس يستند عليه,, وانما في ظني انه جاء بطلب من الشركة المالكة للحقوق، وباعتبار الرئاسة هي الجهة التي تملك صلاحية منع الاندية او السماح لها بذلك كجهة مشرفة عليها، فقد اصدرت ذلك التعميم.
لكن دعونا نناقش هذا القرار,, او هذا الموضوع بصورة عامة,, وبشيء من المنطق والواقعية,, الذي لا يمس مقام رعاية الشباب,,، ولكنه يحفظ للجميع حقوقهم,, ويحقق احد اهداف الاندية التي قامت عليها.
فالنادي الذي دفع قيمة الاشتراك لهذه الشركة كاملا غير منقوص,, أليس من حقه ان يقدم هذه المباريات ويعرضها خدمة للاعبيه,, وجهازه الفني للاستفادة من مثل هذه المباريات الهامة ودراستها على الطبيعة.
هذا النادي,, أليس من حقه,, ان يعرضها لجمهوره الذي دفع له رسوم بطاقة اشتراك او عضوية سنوية للاستفادة من خدمات النادي ومرافقه,, ومن ضمنها هذه الخدمة,.
هذا النادي,, أليس من حقه ان يستثمر مثل هذا العرض,, عندما يشتريه من الشركة الأم ويتولى عرضه للجمهور بأجور رمزية,,؟! تساهم في زيادة دخله بما يساعده على اداء رسالته,, بل ان هذه الخدمة هي جزء من رسالة النادي لشغل وقت فراغ الشباب بما يفيدهم ثم ان وجود هؤلاء الشباب في النادي,, أليس أفضل بكثير من وجودهم في المقاهي والاستراحات؟!
إن ما يقوم به النادي في هذه الحالة يماثل في نظري ما تقوم به الشركة نفسها,, فهي قد اشترت الحقوق من المصدر الرئيسي، وتقوم ببيعه (لاستثمارها) على جهات فرعية,, وهذه الجهات تتولى هي الأخرى بيعها على جهات اصغر، وهكذا,, وهو امر مألوف وطبيعي في عالم الاستثمار,, والبيع والشراء,, وحقوق النقل التلفزيوني خصوصا في البطولات الكبرى اذ اننا نعرف ان مثل كأس العالم,, تشتريه احدى الشركات الكبرى,, ثم تتولى بيعه وتسويقه على شركات فرعية,, وهكذا,, الخ.
ثم دعونا ننتقل لموضوع آخر,, أو تساؤل آخر:
ما هو الفرق بين الاندية,, والفنادق,, والمقاهي,, والاستراحات؟! وغيرها,.
معظم الفنادق الآن,, والمقاهي,, والمطاعم تقوم بالعمل نفسه,, فلماذا يتم منع الاندية فقط؟!
انني هنا لا ادعو لان يشمل ذلك تلك المرافق الاخرى,, التي سوف تصعب السيطرة عليها,, إذ لا تملك هذه الشركة او غيرها,, الحق في منع مطعم ما,, من بث المباريات او تشغيل التلفزيون في صالته.
ولا تملك هذه الشركة,, او غيرها,, ان تمنع الفنادق من وضع اجهزة تلفزيون داخل الغرف,, او ان تمنعها من تأجير هذه الغرف,, إذ اننا نعرف كيف يلجأ البعض الى استثمار غرفة في احد الفنادق لمشاهدة المباراة ويتم تقسيم تكلفة الغرفة في تلك الليلة على المجموعة بسعر رمزي.
ان العملية في واقعها,, وبتداخلاتها تدور في فلك الاسثتمار,, واستغلال المواسم للاستفادة منها,.
وأرى ايضا ان على الشركة التي نحن بصدد الحديث عنها ان تركز جهودها على البحث عن (السارقين) الحقيقيين لهذه الحقوق,, والمؤثرين فعلا على اقتصادها,, واعني الذين يعمدون الى (فك الشفرة) وبيع وصناعة (الكروت المقلدة) لجميع القنوات وهو الذي يهز اقتصادها ويؤثر فيه بالفعل,, وليس ناد يبث المباراة في زمن محدد,, ولجمهور محدد,, من قناة واحدة ومحددة، واعتقد ان المقارنة هنا واضحة,, في الأكثر تأثيرا على الشركة وحقوقها.
انني ادعو هنا,, الى معالجة منطقية للوضع بما يتماشى مع الواقع,, ومرة اخرى اعود لما طرحته الاسبوع الماضي ومؤكدا عليه باختصار من ان التلفزيون السعودي يتحمل جزءا من المسؤولية في ضرورة تعاونه مع الشركة المعنية ودراسة الحلول التي تحفظ للجميع حقوقهم إما بالمقايضة,, والتبادل البرامجي المفيد للطرفين,, او شراء بعض الحقوق مثل البث الارضي وغير ذلك.
انني وغيري نستغرب كيف تتمكن دول عديدة,, ومجاورة من بث هذه المباريات لجمهورها فيما نقف عاجزين عن ذلك,, خاصة وان مجتمعنا يملك خصوصية معينة,, وله ظروفه التي تختلف عن المجتمعات الأخرى,, في الدول الاخرى,, سواء من حيث المساحة او الكثافة السكانية,, او وسائل الترفيه,, او غيرها,, من امور تساهم في القضاء على وقت فراغ الشباب بما يفيدهم,,، او على الأقل يصرفهم عن اماكن هي اكثر ضرراً على النفس وعلى المجتمع من متابعة مباراة في كرة القدم لا ارى فيها أدنى ضرر.
والله من وراء القصد.
|
|
|