| محليــات
في كثير، يحلو لي تتبع توجه اهتمام كُتابنا الكبار ،
أي الأفكار يتناولون؟
أي معين ينهلون منه؟
ما هي اهتماماتهم، وكيف يتناولون قضاياهم,,.
لا أبالغ إن قلت، ان محصلة هذا الفضول ما جاءت بنتائج في عصر الإنترنت بأفضل مما جاءت به نتاج عصر السماع ، والمجلات الوافدة، وامكانية السفر، إذ تجدهم إما أن يمنحوا من بنات أخيلتهم، تلك التي تحوم، وتطير، وتقع، وترتشف من مدن الأحلام,,,،
وإما أنهم يكتبون عن الآخر، ويأخذون من الآخر، حتى لو كان الحديث عن أمر اعتيادي يمكن أن يكون ضمن غرائز بشرية، أو سمات شخصية، أو متغيرات اجتماعية,, حتى أنني كنت أدهش، كيف يدعون ما يدور في داخل مجتمعهم، ويركزون على ما قال فلان من خارج نطاقهم أو علاِّن ، وفلان وعلاِّن محظيان لدى السادة الكتاب بأكثر مما هي محظية تلك الزوج التي تسهر على تقديم كوب العصير وتهيئ الجو الهادئ للسيد الكاتب كي لا تنقطع به أفكاره,, وهو ينتشي انتشاء الطاووس بعد أن يفرغ من كتابة مقاله لأنه قدر أن يتهجى اسم فلان والآخر عِلاَّن في أحرف لاتينية إما على رسمها، وإما على لفظها,,.
قبل عقدين أو أقل كنتُ في جلسة شبه حوارية مع كوكبة كما يحلو أن يُقال هنا لمجموعة المثقفات أو المثقفين على الرغم من أنني لا أُمَعير الثقافة بمعيار كم اسماً أجنبياً يستطيع اللسان أن يعوج به، وكم معلومة وافدة قد استقرت ضمن مكونات حواره ، إذ إن ما يُلتَقط قد يتبخر، وما يدوَّن عند الالتقاط قد لا يمكن استرجاعه إلا بالعودة إلى ما كتب,,,، أما الثقافة فلها تعريفاتها، ومقاييسها، وحدودها، ومناهجها، وأنماطها، وألوانها، ومناسباتها ،
في تلك الجلسة، تحلَّق نفر حول كاتبة تطعِّم ما تكتب بروح النضال، وتدشِّن ما تكتب بجوقات المطبلين، ولم يكن لي في تلك الجلسة إلا المتابعة والرصد الصامتين ذلك لأن الآذان شنِّفت لحديثها عن النضال ، والكفاح ،
وضحايا الحروب الأهلية في مجتمعاتهم، ورغيف الخبز الجاف، وقطرة زيت الزيتون في أودية الخراب,,،
بينما كانت هنا متغيرات مهمة تبحث عن: كيف توضع البرامج الناهضة بمستوى وعي السجينات، والأسرة البديلة متى يمكن أن تدرأ بوعيها مغبَّات الرذائل التي تفشت بالبعد عن تأطير التربية الأسرية والمدرسية لقواعد القيم السلوكية، وحاجة القرى إلى معلمات قادرات على التضحية للانضمام إلى سلك التدريس بهدف التعليم لا بهدف الكسب ، وآثار الطفرة السلبية على متغيرات النسق التفكيري والتوجهي للسلوك العام والخاص.
ومدى حاجة الإعلام إلى نشأة جيل صحفي واذاعي من الشابات مع مفهوم العصر للاعلام ضمن ضوابط تتسق مع منظومة القيم العامة,, وانتشار التعليم هل يكفي دون أن يكون تعلماً ذاتياً، مع وفرة منافذ التوعية المفاهيمية لكثير من قيم وانماط العطاءات التربوية والثقافية والإعلامية بل الاقتصادية في فترة التكوين التي أدت في الراهن إلى تحصيل نتائج الممارسة, حيث نعيش اللحظات الراهنة غربلة ماذا اكتسبنا؟ وما الذي نحتاج؟ وما الذي علينا تغييره,,، وانتقلنا من أسلوب تقديم التعليم إلى أسلوب طلب التعليم ، ومن مرحلة التحفيز للعمل، إلى مرحلة اللهاث من أجله,,.
كل ذلك,,, وظل كتابنا في تلك المرحلة وحتى الراهن,,, يفاخرون بالمعلومة السطحية التي يدبجون تفاصيلها فيما يكتبون عن هذا وذاك من الأسماء من خارج النطاق حتى لو كان ذلك أو الآخر يكتبون عن رغباتهم الشخصية أو كلابهم أو نسائهم، أو حتى طريقة نومهم ويقظتهم، فتتحول بقدرة قادر على أيدي كتابنا إلى أفكار هامة فقط لأن أمريكياً أو انجليزياً أو ايطالياً أو يابانياً أو نحوهم قد ذكروها.
وينسون أن أكبر مدن تصنيع الألبان في أكبر دولة شهيرة متطورة في تقانتها اليابان قد أوردت وسائل الاعلام وصفحات الإنترنت قبل ساعات انه قد تسمم فيها حوالي 6500 شخص من شرب الحليب!! بينما مصانع الحليب في منطقة الرياض لم يتم تسمم أي شخص عنها.
بقي ما قالته جدتي العجوز ذات يوم: إن الناس عندنا مزاريبهم برَّانية ، لكن لو عدنا إلى أنماط هندسة المنازل لوجدنا أن كل المزاريب برَّانية، اللهم إلا أنهم يخفونها داخل مواسير لم تعد تطل برأسها من أعلى الأسطحة.
أما البيوت القديمة فجميع مزاريبها داخلية، لذلك كانت أبنيتهم الداخلية ثرية بثمار التمر، والسدر، وأتوقع ذات يوم أن أقرأ لكتابنا عن الصيني الذي حمل نخلته من جانبه الأيمن إلى الأيسر كي لا تغطي عليه متعة الشخير.
|
|
|
|
|